الإعلامي مقاتل وقائد وقادر على تغيير مجريات المعارك
المسيرة: نوح جلاس
بما أن الإعلامَ بات أكثرَ من مجرد سلطة من سلطات أية دولة أو مكون، فإن أهميته الكبيرة والبالغة قد لا يدركها الكثير؛ كونهم يعهدون الإعلام وسيلة لنقل الأحداث المراد نشرها للعامة سواءٌ أكانت حقيقية أو غير ذلك؛ ولذا فأهميته الكبيرة ودوره الحقيقي وثقله في الموازين لا يعرفها إلا من يقودون معاركَ ذات مسارات شاملة، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وثقافياً وفكرياً… إلخ، هم فقط من يدركون مدى أهمية الإعلام والجبهة الإعلامية؛ باعتبارهم مطلعين على الموازين والمعادلات والمجريات والتداعيات وما أسهم به الإعلام في الوصول إلى النتائج التي بأيديهم؛ ولهذا يعتبر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي الإعلامَ جبهةً من الجبهات بل وتفوق أهميتها بعض مسارات المعركة، في حين يرى قائد المقاومة السيد حسن نصر الله الإعلام الأداة التي تصنع الأحداث وتغير الموازين، وليس فقط وسيلة لنقل ما يدور.
ولأن قائدَ الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ضمن القادة القلائل ممن يخوضون المعارك شاملة المسارات ضد أعداء حشدوا كُــلّ طاقاتهم، يكاد لا يخلو خطاب له من التشديد على أهمية الاهتمام بالجبهة الإعلامية، كونه قائد المعركة ويعرف ماذا تعنيه الجبهة الإعلامية بجانب الجبهة العسكرية والاقتصادية والثقافية والخ..، وفي خطاباته الهامة التي يلقيها حول آخر المستجدات وفي لحظات مفصلية من مسار المعركة مع الأعداء خلال الأربع السنوات الماضية كانت التوصيات للجبهة الإعلامية حاضرة بقوة، حيث قال السيد عبدالملك في خطاب آخر مستجدات الساحل الغربي الهامة للغاية 20 / 6 / 2018: إن الجانب الإعلامي هو جزء كبير من الحرب، وإن الإعلاميين الأحرار معنيون بتكثيف جهودهم في التصدي لكل حملات الإرجاف والتهويل والتحَــرّك على كُــلّ المستويات بما تستحقه هذه المعركة!.
وفي خضم ذلك الخطاب الهام الذي غيّر مجريات المعركة وقلب الطاولة على العدو الذي كان منتشياً حينها بانتصارات كرتونية ضخمها إعلامه المضلل بعد تحقيقه تقدم في بعض الصحاري والرمال والوديان المفتوحة، لم يغفل السيد القائد عن توصيته التي تخص الجبهة الإعلامية التعبوية، قائلاً: الجميع اليوم معنيون من علماء ومثقفين وشخصيات ووجاهات ونخب، الكل معنيون والإعلاميون الشرفاء الأحرار في هذا البلد أن يكثفوا جهدهم؛ لأَنَّ جزءاً من المعركة يتجه من الجانب الإعلامي والجانب التضليلي وجانب العمل على زرع اليأس والوهن والحرب النفسية جزء كبير من حرب العدو يتجه إلى هذا الاتجاه مع أنه في وضع فظيع وضع صعب بكل ما تعنيه الكلمة قواه محاصرة ومقطعة الأوصال.
وأتبع في الخطاب ذاته: “المسار الإعلامي والمسار التوعوي والتصدي لكل حملات الإرجاف والتهويل والتضليل يجب أن يكون هذا العمل وهذا المسار نشطا وفاعلا من خلال كُــلّ المعنيين والمثقفين والعلماء والشخصيات النخب وكل المعنيين”، في إشارة إلى أن الإعلام من منظور قائد الثورة ذو ثقل كبير يرجح الكفة لصالح من يستغلها وينشط فيها وفقاً على مبدأ الإيْمَــان بالقضية التي لا تحتاج التزوير والتلفيق وانما تحتاج المهنية والشعور بالمسؤولية اللازمة التي تخلق الدوافع لخوض هذه المعركة.
وفي خطاب قائد الثورة في اليوم الوطني للصمود في نسخته الرابعة مع تدشين العام الخامس من الثبات والتحدي الذي ألقاه مساء 25 / 3 / 2019، سرد السيد عبدالملك بصورة مختصرة حصيلة الأربعة الأعوام من العدوان وما قابله من صمود أسطوري، ليقول بالحرف الواحد “هذه المشاهد اليومية التي يشاهدها كُــلّ المتابعين لها في قنواتنا الوطنية وفي القنوات المنصفة التي قامت بواجبها الإعلامي وواجبها الإنساني في نقل الوقائع والحقائق عن هذه الأحداث وعما يعانيه شعبنا وعما يجري على بلدنا، تلك المشاهد هي قدمت صورة مكتملة وكافية لتقييم كُــلّ ما يحتاج إليه الإنسان عن أصل هذا الموقف وعن طبيعة هذه المعركة، عن الحق والباطل لهذه المعركة وفي هذا الصراع وفي هذا الميدان، عن المظلوم والظالم عن المعتدي والمعتدى عليه، أمور واضحة، براهين كاملة، مشاهد شاهدة، ووثائق دامغة”، الأمر الذي يؤكّــد أن من منظور السيد القائد بات الإعلام عامل لصنع التحولات سواءً على مستوى الواقع والميدان أو على مستوى الأفكار والمواقف المبنية عليها، باعتباره قائد المعركة الأكثر علماً بأهمية هذا السلاح “الإعلام” وموقعه من المعركة، في حين كانت الإشادات والتوصيات للجبهة العسكرية ومنتسبيها، تلازم الإشادات والتوصيات للجبهة الإعلامية بكل مكوناتها.
ومع تركيز العدو على الجبهة الإعلامية وحشده الطاقات وبناء ترسانة إعلامية إلى جانب ترسانة العسكرية التي حشدها عتاداً وعدة فقد كانت جل خطابات قائد الثورة مليئةً بالتوصيات لاستمرار أداء الجبهة الإعلامية والعمل على ترقية عملها بما يعزّزُ فاعليتها، الأمر الذي يؤكّــدُ أن نظرة القائد للجبهة الإعلامية نظرة متكاملة الزوايا، يعرف ما يلزم لها لاستمرار فاعليتها، نظراً لأهميتها الكبيرة في مواجهة العدو، ومن ختام خطاب قائد الثورة عشية الذكرى الرابعة للصمود يتضح ذلك، حيث قال: إن شاء الله وبإذن الله سيكون هذا العام الخامس الذي نحن قادمون عليه عاماً متميزاً بعون الله سبحانه وتعالى بالمزيد من الانتصارات والصمود والثبات والتماسك وأيضاً العناية فيه بتحصين الساحة الداخلية تحصين لها من الاختراق الإعلامي والتأثير التضليلي من كُــلّ فئات الدجل والكذب والافتراء والتضليل.
محطات كثيرة كانت فيها قيادة السيد عبدالملك للجبهة الإعلامية سيدة الموقف في جل خطاباته، وإطلاق التوصيات باستمرار لتحصين وتقوية الجبهة الإعلامية لتخرج بالنتائج التي نراها اليوم، هي ما جعل الجبهة الإعلامية ذو فاعلية كبيرة تحطمت على صخرتها ترسانة العدو الإعلامية الضخمة والهائلة، كما أن اهتمام القائد بهذه الجبهة وإدارتها بكل اقتدار ومعرفة غايتها الحقيقية هو ما جعلها تحتل هذا المقام.
كذلك الحال لدى السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله وقائد المقاومة والأحرار المقاومين، هو الآخر ممن يعرفون أهمية الإعلام كجبهة وكسلاح؛ لأَنَّه يقود أيضاً معركة شاملة ضد أعداء الأمة وأدواتهم، ولذا كانت إشاداته وتوصياته للإعلام المقاوم حاضرته بقوة، وكانت أيضاً نظرته للإعلام نظرة شاملة كما ذكرنا سلفاً، وهو ما يؤكّــد أن الجبهة الإعلامية تحت قيادة من يخوض المعركة الشاملة تتحول إلى سلاح فعال وكبير يتغلب على نظيره في هذا الجانب، كما يتغلب وينتصر في كُــلّ الجوانب والمسارات الأُخْــرَى.
فمن منظور سيد المقاومة القائد حسن نصر الله فقد أصبح الإعلام هو من يصنع النتائج ويخلق التحولات، ويؤثر على سير المعركة بكل مساراتها.
وفي مقابلته الأخيرة على قناة المنار اللبنانية قال السيد حسن نصر الله: الإعلام مهم جداً في صنع النتائج..
ليس فقط في نقل الأخبار بل أصبح يصنع نتائج”، في إشارة إلى التداعيات التي نجمت عن فاعلية الإعلام المقاوم وأثرت بدورها على مسار المعركة مع العدو الصهيوني ومن يدور في فلكه.
كما يعزو السيدُ نصر الله سببَ انتصار الجبهة الإعلامية للمقاومة على ترسانة الأعداء الإعلامية الهائلة هو الإيْمَــان بالقضية وما يحمله هذا الإيْمَــان من المبادئ.
وقال السيد حسن نصر الله في مقابلته: على الرغم من أن إعلام المقاومة متواضع ولا يملك الإمكانات التي يمتلكها الآخرون “أي الأعداء”، إلا أنه يحقق نجاحات كبيرة فاقت كُــلّ التوقعات وتغلب على كُــلّ الترسانة الإعلامية التي يمتلكها الأعداء، مضيفاً “لأن الإعلاميين المقاومين مخلصين وصادقين ويعرفون أهمية عملهم”.
وأشار السيد حسن نصر الله إلى أن العدو عمد إلى استهداف وسائل الإعلام المقاوم، كونه عرف قيمتها وأهميتها في التصدي لمشاريعه الاستعمارية والتآمرية على الأمة العربية والإسلامية.
وأكّــد السيد نصر الله في مقابلته أن الدور الكبير الذي يؤديه الإعلام يجب أن يستمر وأن لا يتوقف على الإطلاق، منوهاً بأن مصداقية الإعلام المقاوم هو ما جعله يحتل هذه المرتبة العالية.
وجدد نصر الله التأكيد على أن الأزمة الاقتصادية والعوائق المالية لن تقف حجرة عثرة أمام العزيمة التي يتملكها الإعلام المقاوم والإعلاميين المقاومين، مثمناً دور الإعلاميين الصادقين المخلصين الثابتين في جبهتهم الإعلامية الهامة، داعياً إلى ضرورة الاستمرار في هذا العمل المحوري.
ومن خلال قليل ما استعرضناه من حديث حول رؤية أهمية الإعلام لدى القائدين اللذين يقودان معاركَ شاملةً ضد الأعداء، فقد بات الإعلام والإعلامي جزءاً كبيراً ومحورياً قادراً على تغيير مجريات المعركة، وهو ما أكّــده السيدان في جُلِّ حديثهما عن دور وأهمية الإعلام.