صراعٌ داخل «مركزي» عدن يفضح ملفات فساد وإيراداتُ المهرة تعمّق انقسام سلطة المرتزقة
المسيرة | خاص
استمراراً لمسلسل الفضائح الكاشفة للصوصية وفساد حكومة المرتزقة والصراعات الداخلية بين قياداتها؛ بسَببِ ذلك الفساد، نشر مسؤولٌ في البنك المركزي بعدن، وثيقةً تكشفُ فسادَ نائب محافظ البنك التابع لسلطة المرتزقة بنهب أكثرَ من مليار وثلاثمائة مليون ريال، في الوقت الذي تعرض البنك نفسَه لمحاولات اقتحام وسط توترات وصراعات بين مسؤوليه، بينما تشهد سلطة المرتزقة، حالياً، انقساماً حاداً على خلفية امتناع محافظها في المهرة عن إرسال الإيرادات إلى مركزي عدن. فضائح تظهر بوضوح مدى الفوضى الانتهازية التي تتعامل بها حكومة المرتزقة مع اقتصاد البلاد وهو ما يكشف مسؤوليتها عن تفاقم المشاكل والأزمات الاقتصادية المسببة لمعاناة الشعب اليمني.
وثيقة: نهب أكثر من مليار و300 مليون من “فارق الصرف”
مستشار محافظ البنك المركزي في عدن، المعين من قبل حكومة المرتزقة، رشيد عَبدالكريم الآنسي، نشر، أمس الأول، وثيقةً تدينُ نائب محافظ البنك، المدعو شكيب حبشي، باختلاس أكثرَ من مليار وثلاثمائة وثلاثين مليون ريال يمني، عن طريق صفقة لصالح شقيقه المدعو نوفل سعيد عَبدالله حبشي.
الوثيقةُ التي نشرها الآنسي أوضحت تعزيزاً من زارة المالية التابعة لحكومة المرتزقة، بتأريخ 10 مارس 2019، يقضي بصرف ما يعادل (7،003،687) دولاراً أمريكياً لصالح حساب لدى البنك الأهلي باسم نوفل للتجارة والتوكيلات فرع الملكَة أروى.
وأوضح الآنسي أنه تم خصم المبلغ من حساب الموازنة العامة لحكومة المرتزقة بالريال بسعر صرف 381 وبمبلغ يعادل (2,668,404,747.00) ريال يمني.
لكن المبلغ الذي حصلت عليه شركة نوفل في الوثيقة، وبحسب ما أكّد الآنسي، تم تحويله وفق سعر صرف السوق ليوم العملية والبالغ 586 ريالاً للدولار الواحد، أي بزيادة بلغت (1,335,252,945.00) ريالاً يمنياً على المبلغ السابق.
وأكّد الآنسي أن تلك الزيادة تحملها البنك المركزي في عدن لصالح شركة نوفل؛ بسَببِ “التدليس من خلال تنفيذ عمليات المصارفة عبر حساب وسيط”، أي أنه تم التلاعب بسعر الصرف لتحقيق فارق ربح لصالح شركة نوفل المملوكة لشقيق نائب محافظ البنك.
فضيحةٌ مدويةٌ تكشفُ جزءاً بسيطاً للغاية من عمليات الفساد الذي تديره حكومة المرتزقة مستفيدة من الحرب الاقتصادية التي يرعاها العدوان على اليمن والتي كان من أبرز عواملها، استهدافُ العُملة المحلية والتلاعب بسعر صرفها.
وبحسبِ منشورات الآنسي نفسه، فَإنَّ الكثيرَ من مثل هذه العمليات تتم بشكل متواصل، إذ توعد بكشف المزيد من الوثائق التي تظهر العديد من جوانب الاختلاس والفساد فيما يتعلق بسعر الصرف، “وتمرير حوالات واردة دون معرفة الطرف المستفيد منها”.
صراعٌ داخل البنك المركزي في عدن
الفضيحةُ -التي نشرها الآنسي- جاءت وسط توتر “أمني” شهده البنك المركزي في عدن، وأكّدت مصادرُ مطلعة للصحيفة أنه يعودُ إلى خلافاتٍ بين مسؤولي وقيادات البنك التابعين لسلطة المرتزقة على حصص الفساد القائم.
وفي هذا السياق، كان الآنسي المذكورُ نفسُه قد تعرض لاعتداء من قبل ما تسمّي “قوات الأمن” التابعة لسلطة المرتزقة في البنك، قبل ساعات من نشره لوثيقة الفساد، وأكّد بيانٌ لما تسمى “نقابة موظفي البنك المركزي” في عدن أن العناصرَ التي اعتدت على الآنسي تلقت تعليماتٍ من نائب محافظ البنك، شكيب حبيشي، الذي كشفت الوثيقة فساده، ما يعني أن نشرَ الوثيقة جاء رداً على الاعتداء.
في الوقت ذاته وبعد فترة قصيرة مما حدث مع الآنسي، تم اقتحامُ البنك من قبل المدعو بسام ناجي، مدير مكتب المحافظ المعيّن من سلطة المرتزقة حافظ معياد، وعدد من المسلحين، وأوضحت مصادر للصحيفة أن هذا الاقتحام جاء بتوجيه من المرتزق معياد لسحب مِـلَـفّات مهمة تدينه بقضايا فساد وتلاعب بمبالغَ كبيرة، وأشارت المصادرُ إلى أن نائب معياد، وجّه أفرادَه في البنك بمنع المسلحين المقتحمين من الدخول.
وأفادت مصادر مطلعة، ونشطاء موالون لسلطة المرتزقة، بأن التوتر الذي شهده البنك المركزي في عدن يعود إلى صراع محتدم بين المرتزق معياد ونائبه على خلفية فساد يشترك فيه الطرفان لكنهما يختلفان في الحصص.
صراعٌ ليس بغريب داخل سلطة المرتزقة التي أثبت الوقت، وباعترافات محسوبين عليها، أنها عبارة عن مجموعة من العصابات تتغذى على الفساد والنهب وتتصارع فيما بينها على ذلك.
إيرادات المهرة تعمّق صراعاتِ المرتزقة
ومؤخّراً، امتد هذا الصراع إلى محافظة المهرة، حيث أعلنت سلطةُ المرتزقة بقيادة المحافظ المعيّن من قبل الاحتلال السعودي، الأسبوع الماضي، امتناعَها عن إرسال الإيرادات إلى البنك المركزي في عدن.
وإثر ذلك كشف مستشارُ وزير الإعلام بحكومة المرتزقة، مختار الرحبي، أن محافظَ المهرة المرتزق راجح باكريت، مطلوبٌ للتحقيق في قضايا فساد من قبل “النيابة العامة” وَ”الهيئة العامة لمكافحة الفساد” التابعتين لحكومة الفارّ هادي.
واتهم الرحبي باكريت، بـ “التمرد” على قرار حكومة المرتزقة بضبط إيرادات المهرة، مشيراً إلى أن باكريت يتصرفُ بكل إيرادات “المنافذ والجمارك والضرائب والواجبات” ويرفض التحقيق معه.
ويأتي هذا بعد أن اعترفت حكومة المرتزقة نفسُها على لسان محافظها للبنك المركزي في عدن، المرتزق حافظ معياد، بأن البنك المركزي التي تسيطرُ عليه في مأرب، يتمنع منذ أكثرَ من أربع سنوات عن إرسال إيراداته إلى البنك المركزي في عدن.
مشهدٌ آخر يُظهِرُ الوجهَ الحقيقي لسلطة المرتزقة؛ باعتبارِها “مافيا” فساد تبتلع اقتصاد وأموال الشعب اليمني برعاية من تحالف العدوان، وتقودها الفوضى الإجرامية التي تعيشها إلى صراعات مصالح تفضي إلى نشر غسيل فسادها وفضائحها على العلن بدون خجل، لتكشف بذلك أَيْـضاً عن مسؤوليتها الكاملة عن المعاناة الاقتصادية التي يقاسيها الشعب اليمني.