إعلان هزيمة: السعودية تستنجد بقوات أمريكية للدفاع عن المملكة
المسيرة | ضرار الطيب
هارباً من عجزه عن مواجهة الهجمات اليمنية المتصاعدة على مطاراته ومنشآته وقواعده العسكرية، لجأ النظامُ السعودي إلى استجداء حماية الجيش الأمريكي بشكل رسمي، معلناً على -لسان الملك- «استقبالَ» قوات أمريكية خاصة للدفاع عن المملكة.. خطوة تأتي بمثابة اعتراف فاضح بالفشل العسكري، لكنها على أية حال لن تُحدِثَ أيَّ فارق ميداني في الحقيقة، فطوالَ السنوات الماضية لم تكن الرياض تعتمد على نفسها في عمليات العدوان أَو في مواجهة الضربات اليمنية، بل كانت تعتمد على الولايات المتحدة وبريطانيا وأسلحتهما وطواقمهما العسكرية والفنية التي أكّــدت التحقيقات أنها تقومُ بأَكْثَــر من 95% من العمل.
الإعلانُ الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، مساءَ أمس الأول، قال: إن الملك السعودي «وافق» على استقبال قوات أمريكية «رفيعة المستوى» في المملكة للمشاركة في الدفاع عنها، لكن ما أسمتها السعودية بـ«الموافقة» جاءت متأخرة بالفعل، إذ كان رئيس القيادة المركزية للجيش الأمريكية، الجنرال كينيث ماكنزي، قد أعلن، الخميس، عن وصول قوات بلاده إلى قاعدة «سلطان» الجوية العسكرية جنوب الرياض.
هكذا حاولت الرياض أن تبدو في إعلانها كصاحبة قرار، لتجعل الأمر يبدو بدوره وكأنه إنجاز عسكري، لكن كُــلّ ما كانت تفعله في الحقيقة هو الاعتراف بالفشل العسكري بعد أَكْثَــرَ من أربعة أعوام امتلأت بالعنتريات السعودية التي تكرّر فيها الحديثُ مرات عن إمكانية حسم المعركة خلال 48 ساعة، ومرات أخرى كثيرة عن «اعتراض وتدمير» الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية.
وتزامن الإعلان السعودي مع مشاهدَ بثتها قناة “سي بي إس” الأمريكية لأول مرة، تظهر منظومةَ «باتريوت» أمريكية يديرها ويشغلها جنودٌ أمريكيون في الصحراء السعودية.
مشاهدُ أكّــدت أن وصولَ القوات الأمريكية جاء قبل إعلان «الموافقة» السعودية بكثير، لكنه لا يضيف أيَّ جديد للمشهد الميداني، فهي ليست المرة الأولى التي تتواجد فيها القوات الأمريكية في السعودية لإدَارَة العمل العسكري، إلى جانب أن تواجد الجنود الأمريكيين بجانب منظومات الباتريوت لن يجعلها أَكْثَــرَ كفاءةً مما كانت عليه طوال السنوات الماضية التي تم خلالها ضربُ العديد من المنشآت السعودية صاروخيا وجويا، بالرغم من وجود منظومات الباتريوت فيها.
كما أن تواجُدَ القوات الأمريكية داخل المملكة لا يختلف كثيراً عن تواجد القوات البريطانية التي كشف تحقيقٍ للقناة البريطانية الرابعة قبل أشهر، أنها تقومُ بأَكْثَــرَ من 95% من العمل العسكري، بدءاً من تشغيل وصيانة السلاح البريطاني الذي تستخدمه السعودية في العدوان على اليمن، وانتهاءً بالإشراف والمشاركة في العمليات العسكرية البرية، ومع ذلك لم تكن لهذا التواجد البريطاني أية ميزة عسكرية، حتى أن وسائل الإعلام البريطانية نفسها أكّــدت أن هجماتٍ جويةً يمنية كادت تودي بحياة العديد من الخبراء البريطانيين في قاعدة الملك خالد الجوية.
وبالمحصلة، فإن محاولةَ السعودية إظهارَ وصول القوات الأمريكية كإنجاز عسكري، تأتي في وقت ضائع لم يعد يسمح للرياض بادّعاء القدرة على تحقيق أية إنجازات، كما أن وصولَ قوات أمريكية لاستخدام السلاح الأمريكي داخل المملكة ليس بالأمر الذي يثبتُ أي شيء سوى العجز السعودي، فضلاً عن أن أحدث الإنتاجات العسكرية الأمريكية قد أثبتت فشلها الذريع بالفعل في المنطقة، سواء أمام الصواريخ والطائرات المحلية اليمنية، أَو أمام منظومات الدفاع المحلية الإيرانية.
وعلى الجانب السياسي، اعتبر مراقبون غيابَ اسم محمد بن سلمان عن تلك «الموافقة» المزعومة، بالرغم من كونه وزيرَ الدفاع، إشارة إلى تهرُّبِه من تبعات القرار وما يمثله من عجز، بعد أن أصبحت سُمعةُ ولي العهد «مشوهة» بالفعل؛ بسبب فشله الذريع في اليمن، فيما اعتبرها آخرون محاولةً لعدم استفزاز المعارضة الأمريكية التي باتت تستخدمُ بن سلمان كدليل إدانة وهي تنادي بوقف الدعم الأمريكي للسعودية، وفي الحالتين يتضحُ تماماً أن كُــلَّ متطلبات «الإنجاز» العسكري أَو السياسي غائبةٌ تماماً في هذا الأمر، وليست هناك إلا دلائلُ الفضيحة والفشل.