مرحلةُ تسجيل مواقفَ مشرِّفة .. بقلم/ محمد أمين عزالدين الحميري
يتناقَلُ الناشطون هذه الأيامَ في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لصيانة الطرق في مناطق المجلس السياسي الأعلى ، وما تحقّق من إنجازات في هذا الجانب بإشراف وزارة الأشغال العامة والطرق ، والجميعُ يشهدُ بما فيهم بعضُ المرتزقة أن هذا دليلٌ على وجود دولة مسؤولةٍ تولي الخدماتِ العامةَ اهتمامَها الكبيرَ رغم الحصار المفروض عليها والعدوان الغاشم الذي تتصدى له ، وفي الحقيقة هذا أبسطُ مثال عملي ملموس على وجود توجّـه حقيقي لبناء دولة ، وفي الطريق العديدُ من الطموحات القريبة التي تسعى القيادةُ السياسية والحكومةُ في صنعاء إلى تنفيذها في إطار مشروع بناء الدولة الذي له أهدافُه قريبةُ المدى والبعيدة أَيْــضاً .
السؤَال : أليس ما تكشفه الأيامُ من حقائقَ وتُبرِزُه من صورة إيجابية عن الحوثيين كفيلٌ بأن نقولَ للعابثين باسم الدين يكفي . . ، وللمزيّفين تحت يافطة العمل السياسي: لا سمعَ لكم ولا طاعة . . ؟! ألم نكن في اليمن نتطلعُ إلى انقلاب مكتمل الأركان على سياسة التدجين للشعب تحت عناوينَ مختلفة؟! ألم نكن بحاجة إلى اقتلاع عروش الظالمين ومراكز النفوذ الذين صادروا كُلَّ جميل لصالحِهم والشعب في تيه وجهل يصفِّرُ ويصفِّقُ؟! ألم نكن نعاني كثيراً من المتسلطين داخل مختلف الجماعات والأحزاب وداخل كُــلّ مدرسة ومسجد ، وكُلٌّ يريدُ أن نكونَ أذيالاً لهذا الفاسد ، ولذاك المجرم ، ولتلك الدولة ولتلك الهيئة ممن يحرصون على تمزيقِنا على أساس مذهبي وطائفي ولأهداف أُخْــرَى مشؤومة؟! .
نعم كنا نتوقعُ مستقبلاً خالياً من كُــلّ هذا العبث الذي جعل بلادنا في مؤخّرة الركب ، ولكن المشكلة أنه لا أحد كان يمتلكُ الشجاعةَ والجرأةَ لانتشال المجتمع مما هو فيه من وضعية سيئة حتى جاء الثوارُ الأحرارُ في ٢٠١٤ م وبرؤيةٍ واعية لمستقبل اليمن -وذلك بعد فشل الثورة الشبابية التي عملت على تكريس الوِصاية الخارجية واستنساخ الفساد مرةً أُخْــرَى بطرق مختلفة-؛ ولهذا السبب قامت الدنيا ولم تقعد ، ولم يكن أمام قوى الهيمنة سوى شَنِّ حربٍ عدوانية لم تشهدها اليمنُ من قبلُ ، ومع ذلك ولعظمة المشروع فقد صمد الأحرارُ ، وها هي ثمرةُ ذلك الصمود تتضحُ كُــلَّ يوم على الصعيد الداخلي وفي مجال مقاومة العدوان .
اعترَفَ مرتزقةُ العدوان أَو لم يعترفوا بأي عمل إيجابي تقومُ به سلطةُ صنعاء ، سيظلُّ عنادُهم وسيظلون حجرةَ عثرة أمام أية خطوة اصلاحية وقد حدّدوا مصيرهم مع من يكونوا ، الأهمُّ نحن عمومَ أبناء الشعب ممن في الداخل ، فالمرحلة تتطلَّبُ تسجيلَ مواقفَ مشرِّفةٍ ومَن لم يأتِ في وقت سابق فليلحقْ الآن ، العالَمُ كُلُّ عيونه على اليمن ، الأحرارُ في هذا العالم متشوقون لمعرفة سِرِّ الصمود اليمني ، وما وراءَ الإنجازات التي تتحقّقُ في ظل ظروف صعبةٍ مأساوية ، ومن باب أولى أن يكون اليمنيون في صدارة المستلهمين من هذه التجربة التي هي محل فخر واعتزاز كُــلّ صاحب ضمير حيٍّ في بلادنا وغيرها ، ودعوةٌ صادقةٌ لكل التوجّـهات لاستغلال الفرصة في عمل ما من شأنه نيلُ رضا الله ورضا أنفسهم التي ستؤنبهم كثيراً حال خرج شعبُهم العظيم بالنصر المؤزر وقد كانوا في أيام محنته من المخذِّلين المحرِّضين السمَّاعين لقوى الغزو والاحتلال أَو صامتين غير مبالين بما يتعرَّضُ له أهلُهم وأرضُهم .
كم هو مؤسف ومُخْــزٍ أن يكونَ من شُنَّ عليهم ست حروب ظالمة وفي ظل تواطؤ شعبي واسع وشرعنة دينية لهذه الحرب وقُدِّموا للشعب كمتمردين مجرمين ضالين مضلين هم اليوم في صدارة المكافحين المجاهدين بالنفس والمال في سبيل قضايانا العادلة ، في سبيل اليمن أرضِه وشعبه ، وفي ذات الوقت يكونُ خصومُهم المتشدقون بحُبِّ الوطن في صدارة الواقفين في صَفِّ المعتدي وإن لم فحيارى لا حول لهم ولا قوة ، لا عُذرَ إلا للمعذورين شرعاً ، وأقلُّ القليل هو أن نمُدَّ يدَنا لهذه الجماعة التي تطمحُ ليمن يتسعُ للجميع يمن قوي وعزيز ، نمُدُّ يدَنا إليهم ليس لذواتهم ولكن لأَنَّ جماعةَ أنصار الله توجّـهٌ يمنيٌّ شاء الله واقتضت الظروفُ أن يتواجدَ في هذه المرحلة التأريخية وأن يكونَ هدفُه الحفاظَ على سيادة اليمن واستقلالِ قراره ، ولو وقف هذا الموقف المشرِّفَ غيرُهم فلابد من الوقوف بجانبهم والتعاوُنُ معهم في هذه القضية المصيرية .
وأخيراً نأملُ من القيادة السياسية والحكومة في صنعاء الاستمراريةَ في إرساء دعائمِ الدولة والإصلاح المستمرِّ وتلبية احتياجات الناس المهمة والضرورية ، وعدمَ التراخي في محاربة الفساد والوقوف في وجه العابثين ، وكُلُّ إنجازٍ داخلي في هذا الشأن هو دافعٌ لوجود تحوُّلات رائعة في اتّجاه الالتفاف حول الدولة وتعزيز الثقة بالقيادة وتماسك المجتمع أكثرَ من أي وقت مضى ، وكلما كانت المصداقيةُ كان الإنجازُ ، وعلى قدرِ الإنجازِ يكونُ المحتلُّ إلى الزوالِ أقربَ بإذن الله .