بين صنعاء وفنادق الرياض: اليمنُ في عيون الغرب .. بقلم/ إبراهيم السراجي
سُئل الرئيسُ المشّاط خلال لقائه، أمس، مع وفد مجموعة الأزمات الدولية حول مزاعم التبعية لإيران، فكان رَدُّه واضحاً بأننا لسنا تابعين لأية جهة وعلى استعداد للتوقيع على اتّفاق شامل للسلام بمعزلٍ عن التوتر القائم في المنطقة بين إيران وأمريكا، كما كانت إجاباتُه الأُخْـــرَى على التساؤلات تؤكّـــدُ دوماً أن الأجندةَ التي نحملُها هي الدفاعُ عن النفس وحمايةُ استقلال اليمن، وهي إجاباتٌ لا شك أنها مفاجئةٌ للزوار القادمين من الغرب إلى صنعاء.
المفاجأةُ تكمُنُ في أن الشخصياتِ الغربيةَ لم تعهد اليمنَ على مدى العقود السابقة إلا كونه مِـلَـفًّا عهدت به أمريكا إلى السعودية ليظلَّ في الهامش، كما اعتادت تلك الشخصيات على حالة الخضوع والضعف والارتهان التي يظهرُها من يقابلونهم من قادة المرتزِقة في فنادق الرياض أَو القاهرة، وبالتالي فإن الخطابَ الجديدَ الذي ينطلِقُ من صنعاءَ ومن صعدةَ على لسان القادة يعطي تصوراً واضحاً للغرب أن ثمة يمناً جديداً يتشكل، يمناً يُسمَعُ صوتُه لأول مرة وهو يتمسّكُ باستقلال قراره وسيادته، وهو على استعداد للتضحية بلا حدود لتحقيق ذلك.
هذا الثباتُ الذي يُظهِرُه القادةُ من عاصمة الصمود صنعاءَ بات محلَّ فخر لكل الشعوب العربية الحرة ومحل إعجاب شعوب العالم، وفي نفس الوقت استطاع على مدى أَكْثَـــر من أربع سنوات تفنيدَ كُـــلّ الادّعاءات التي روّجتها آلةُ الإعلام الأمريكية-السعودية-الإسرائيلية ويسقط الأسطوانة الزائفة لمزاعم التبعية لإيران أَو غيرها وأصبح هذا النجاحُ قائماً في وعي مراكز الدراسات الغربية وما تقدمه من تقاريرَ ودراساتٍ حول اليمن.
وعلى سبيل المثال نشر مركَزُ كارينجي الأمريكي قبل أسابيعَ إجابةَ عددٍ كبيرٍ من الخبراء والمتخصصين في شؤون المنطقة حول ما إذَا كان تحالفُ العدوان قد نجح في تقويض نفوذ إيران في اليمن، وكان اللافتَ أن إجابتَهم جميعاً تلخصت في عبارة واحدة استخدمها المركَزُ كعنوان للمادة التي نشرها وهي “لا”..؛ لأَنَّه لا يوجدُ نفوذٌ لإيران في اليمن من قبل أَو بعد الحرب”. كما نشرت صحيفةُ “دير فرايتاج” الألمانية، أمس الأول، قراءةً في تقرير لمعهد السياسات الدولية لخّصته في عنوانها للمادة الذي يقول: “إن الطريق الوحيد لإنهاء الحرب في اليمن هو بوقف مزاعم وجود نفوذ إيراني”.
اليوم بات العالمُ، الذي بالمناسبة ساند العدوان، يرى موقفَ اليمن من وجهة نظر القيادة في صنعاء وصعدة وليس من وجهة نظر قادة المرتزِقة في فنادق الرياض؛ لأَنَّه لو أخذ برأي هؤلاء المرتزِقة لانحصر ما تنقله وسائلُ الإعلام الغربية عن اليمن في قول الفارّ هادي لصحيفة عكاظ السعودية: “إن الملك سلمان هو من يمسكُ بزمام الأمور في اليمن” أَو قوله للصحيفة ذاتها إنه نصح سلمان بأن يقتديَ بالاحتلال البريطاني ويجنِّدَ مليونَ شاب يمني لحماية حدود السعودية ويقومَ باستبدالهم بآخرين كُـــلّ عام. ولذلك لو كان العالم يرى في الفارّ هادي رئيساً حقيقياً لأحدثت هذه التصريحاتُ العبودية والذليلةُ ضجةً كبرى على مستوى العالم.
أخيراً يمكنُنا اليومَ أن نقول: إن ثورة 21 سبتمبر وصمودَ الشعب اليمني والعِزة التي يتحلّى بها القادة في صنعاء وصعدة كلها أجبرت العالَمَ على التخلص من نظرته القديمة لليمن كمِـلَـفٍّ أمريكي بيد السعودية والنظر إليه كدولة مستقلة وفاعلة في محيطها الإقْليْمي والدولي.