المهندس محمد الغيل -رئيس الفريق الفائز بالمركز الثاني بمسابقة “المبتكر اليمني”- في حوار خاص لصحيفة المسيرة:
في ظل الاهتمام الكبير الذي توليه القيادتان الثوريةُ والسياسيةُ، للمخترعين والمبتكرين اليمنيين، في إطار التوجّــه الجاد والحقيقي لبناء اليمن القوي المستقل، حرصت صحيفة المسيرة على تسليط الضوء نحو المبتكرين اليمنيين والموهوبين في هذا البلد؛ لمعرفة تفاصيلَ أَكْثَــرَ عن ابتكاراتهم.
فبعد أن أجرت الصحيفة لقاءين خاصين مع صاحبَي المركزين الأول والثالث في مسابقة المبتكر اليمني الذي رعته وزارة الصناعة والتجارة بتوجيهات من القيادة السياسية وتشجيع ودعهم كامل وأساسي من القيادة الثورية، كان لنا في هذا الحوار لقاءٌ خاصٌّ مع رئيس فريق مبتكري الطابعة ثلاثية الأبعاد الفائز بالمركَز الثاني في “المبتكر اليمني”، والذي أكّــد فيه باسمه واسم الفريق الذي يضُمُّ كوكبةً من الموهوبين والمبدعين، أن الولاءَ للدين وللوطن وحرصَ القيادة على الاهتمام بالمبتكرين كانت العواملَ الرئيسية التي دفعتهم إلى مضاعفة الجهود؛ بحثاً عن خدمة هذا الوطن.
وأشار رئيسُ الفريق المهندس محمد الغيل، إلى أن العدوانَ على اليمن وحصارَه الجائر دفع بكل الموهوبين إلى استثمار طاقاتهم في ما يصُبُّ لصالح بناء اليمن والدفاع عنه بكل الوسائل.
وتطرق الغيل إلى عدد من القضايا ذات الصلة نستعرضها في الحوار التالي:
حاوره/ محمد ناصر حتروش
– بداية.. نريدُ منك التعريفَ بنفسك للقارئ الكريم؟
م. محمد الغيل، قائدُ فريق مكون من سبعة مهندسين خريّجين في عام 2019 من قسم الهندسة الميكانيكية في جامعة صنعاء وهم (م. محمد الجبيري، م. علاء الدين آل قاسم، م. أكرم جبارة، م. كمال أكرم، م. إيهاب الشرجبي، م. غيث القدسي، م. نسيم الصريمي).
– يظن البعض بأن اليمنيين لا يستطيعون تقديمَ الاختراعات والابتكارات المساندة للبلد كيف أثبتم خلاف ذلك؟
جاءت الفكرةُ نتيجةً لما واجهه بلادنا من عدوان غاشم فأردنا أن نقدم شيئاً يفيد الوطن ويحفظ سيادتنا وكرامتنا، فكانت الفكرة بعمل العديد من الاختراعات الحديثة وكانَ أحدها هي الطابعة ثلاثية الأبعاد.
ومن هنا استقر الفريقُ إلى تجهيز أول طابعة ثلاثية أبعاد يتم إنتاجُها محلياً ونشر أهميّة وفائدة هذه التكنولوجيا والتي سيستفيد منها في كُــلّ المجالات وكل الأشخاص الذين لديهم ابتكارات أَو اختراعات وبما فيهم الفائزة بالمركز الأول أَو الفائز بالمركز الثالث من المسابقة الوطنية لرواد المشاريع الابتكارية (المبتكر اليمني) بطباعة أطراف صناعية أَو غيرها من الفوائد وَأيضاً ستساهم في التطوير في مختلف المجالات وجعل اليمن رقماً صعباً أمام دول العالم.
– الطابعة ثلاثية الأبعاد ستحقّق نجاحاً على المستوى المحلي والعالمي في مجال الابتكار، نريد نبذةً تعريفية حول الابتكار؟
إن الطابعةَ ثلاثية الأبعاد لا تختلفُ فكرتها كثيراً عن طابعة الورق والتي تعتبر ثنائية الأبعاد، إن الطابعة ثنائية الأبعاد تقوم بطباعة الشكل المطلوب على الورق، فإذا ما طبعت على مجموعة كبيرة من الورق ووضعتها فرق بعضها، ستحصل على مجسم ثلاثي أبعاد، وإن الطابعة ثلاثية الأبعاد تقوم بطباعة أي جسم ثلاثي الأبعاد بتقنية الصهر وذلك من خلال طباعة طبقة فوق طبقة حتى يتم الحصول على الشكل المطلوب.
– ما الذي يتميّز به مشروعُ ابتكاركم الطابعة ثلاثية الأبعاد عن مختلف الطابعات ثلاثية الأبعاد؟
إن هذه الطابعة هي الأولى من نوعها التي تم تصميمُها وتصنيعُها وَفْــقاً معاييرَ هندسية محلياً، وإن تكلفتها أقل من الطابعات المتوفرة في الخارج لنفس مساحة العمل والكفاءة.
في الداخل هذه التقنية ستساعد في التطوير بشكل واسع في مختلف المجالات وأيضاً تساهم بإنتاج منتجات محلية ترفع من النهضة الاقتصادية في البلاد في وضعها الراهن.
– من المعروف أن وضع المؤسّسات التعليمية في اليمن غير مشجّع لمثل هذه الأعمال الابتكارية.. كيف تجاوزت ذلك؟
بالفعل فهذه الحالة التي يواجهها جميع الطلاب في اليمن، ولَكن ثمانية شباب مهندسين عندما قرروا تشكيل الفريق وكان هدفهم هو الوطن كنا لا نلتفت إلى أية عوائق أَو محبطات؛ لأَنَّ طموحاتِ الفريق كبيرة وتعاونهم المستمر كان سبباً في استمرار الإنتاجية للفريق، كما أن المحيطين بالفريق من الأهل والزملاء دَائماً ما اتخذوا مواقفَ إيجابية وداعمة لنا.
ولا ننسى أن نذكر أنه بالرغم من الجو غير المشجع في المؤسّسات التعليمية، إلّا أن هناك دكاترة ومهندسين من كلية الهندسة في جامعة صنعاء من شجّعوا ودعموا الفريق ليواصل إنتاجيته، فكلُّ الشكر والود لهم جميعاً.
– دائماً ما تصطدم الكثيرُ من الأفكار الجديدة سيما الاختراعات أَو الابتكارات بواقع التنفيذ العملي.. كيف تمكّنتم من تنفيذ الفكرة؟
كغيره من المشاريع الكثيرة، دَائماً ما كانت المشكلة المادية هي السببَ في تأخُّر إنتاج الطابعة، إلّا أنه وبحمد الله تجاوزنا هذه المشكلة واستطعنا أن نخرُجَ بالنموذج النهائي للطابعة والتي أصبحت تعمل بأفضل حال، والشكر كُــلّ الشكر لمن دعمنا وهم شركة يمن موبايل الذي دعمتنا بمبلغ ٣٠٠٠٠٠ وَأيضاً كلية الهندسة الذي دعمتنا من إيرادات الكلية بمبلغ ١٠٠٠٠٠ ريال.
– كم المدة الزمنية التي استغرقها هذا الاختراعُ حتى رأى النور؟
نظرياً وعملياً حتى أصبحت جاهزاً ١٠٠٪ في مدة لم تتجاوز الثلاثة أشهر.
– برنامج المخترع اليمني كان إحدى المحطات الهامة التي قدمت وسوّقت لهذا الإنجاز.. كيف جاءت مشاركتك في البرنامج؟ وما السببُ الذي يقف خلفَ حصادك للمرتبة الثانية في هذا البرنامج؟
في الحقيقة هناك عدة أسباب ساعدتنا في حصولنا على المركز الثاني:
أولاً: أن الطابعةَ التي أنجزناها تم وفق أسسٍ ومعاييرَ استندت عليها لجنةُ التحكيم وأنه أصبحت جاهزةً وذات كفاءة عالية، والحمد لله.
ثانياً: وهو الأهمُّ أن الطابعة ثلاثية الأبعاد تم إنتاجُها بأيادٍ يمنية من الصفر، وتم تشغيلها والعمل عليها في ورشة كلية الهندسة وفي مركز عمل الفريق إلى أن أصبحت جاهزة ١٠٠ ٪.
ثالثاً: الأهميّة الكبيرة لهذه التقنية؛ لما ستساعد في تطوير الوطن الحبيب في مختلف المجالات.
رابعاً: طموحات الفريق العالية للنهوض باليمن والحفاظ على سيادته وكرامته.
– ما مدى الاهتمام قبل وقيادة الثورة الحكومة تجاه المخترعين؟
كان أهمّ وأبرز حادثة في تحول التفكير لدى القيادة بالاهتمام هي المسابقة الوطنية، ونتمنى أن يستمر الاهتمامُ بخطوات قادمة في إخراج نماذج ناجحة تمُسُّ احتياجات هذا الشعب العظيم، فهناك توجّــهٌ حقيقي من قبل مؤسّسات الحكومة بتوجيهات من قائد الثورة حفظه الله لدعم المبتكرين، فقد تم تكريمُنا من قبل رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشّاط، وَأيضاً اجتمعنا مع وزارة الصناعة والتجارة، وكان الاجتماع مبشراً بالآمال أن يتم دعمنا بعمل شركة متخصصة بالطابعات ثلاثية الأبعاد وإتاحة الفرصة لنا بالمساهمة في النهوض بالوطن الحبيب
– هل سجّلت براءة الاختراع المحلية ماذا عن توثيق وتسجيل هذا الاختراع دولياً؟
في الحقيقة لم نسجله وذلك؛ لأَنَّ الفكرة كانت ابتكار وليست اختراع، حيث وأن فكرة الطابعة ثلاثية الأبعاد ظهرت لأول مرة في نهاية الستينيات من القرن الماضي، ولكن الفريق هنا قام بابتكار الطابعة محلياً وبذلك يكون أول من أدخل هذه التقنية وأنتجها ونشرها على المستوى الداخل.
وقريباً بإذن الله سيتم بشكل كبير إنتاجُ طابعات ثلاثية الأبعاد “صُنع في اليمن”.
– بعد كل ما تحقّق من نجاح بالنسبة لهذا الابتكار.. ما هي الخطوةُ التالية التي ستقومون بها؟
بعد تحقيق أول خطوة سنبدأ بالإعداد والتجهيز لتأسيس أول شركة متخصصة بصناعة الطابعة ثلاثية الأبعاد لما تمثل من أهميّة كبيرة للتطور والنهوض في جميع المجالات والعمل في مؤسّسات الدولة لتحقيق ابتكارات تخدم الدولة بشكل فعال.
– على صعيد تبنّي الابتكار.. هل ستبقى في الوطن أم أنك ستذهبُ إلى الخارج إذَا ما عرض عليك ذلك؟
تم تشكيلُ هذا الفريق لسببٍ واحدٍ فقط وهو ليخدُمَ الوطن بكل ما يستطيع من إمكانيات والعمل على تطويره في جميع المجالات حتى يأذَنَ الله لنا بالنصر أَو الشهادة، واحتمالية خروجنا للخارج هو لإكمال دراستنا العليا.
– ما هي العراقيلُ التي واجهتك خلال محاولتك العمل على هذا الابتكار؟
إن العراقيلَ التي كانت تواجهُ الفريقَ هي عراقيلُ مادية لا أَكْثَــر، كان الدعم المالي للفريق هو ما يؤخّره عن إنجاز المشروع بشكل أسرع.
وكذلك الحصار المقام على الوطن أثّر سلباً في وصول المادة الخام اللازمة للطباعة، فهذا أحد الأسباب الذي جعلنا نقومُ بابتكارٍ آخر لتصميم الآلة لإنتاج المادة الخام محلياً وَالتي سنحتاجها في الطباعة ثلاثية الأبعاد وأنه مهما حاصرونا فنحن لن نستسلم ولن نركع.
ولكن في الفترة الراهنة والمستقبلية أظن أن الإمكاناتِ ستتوفرُ سيما في ظل الاهتمام الكبير بالمخترعين الذي توليه القيادةُ السياسية وقيادةُ الثورة.
– رسالة توجّــهها للجهات المعنية وللحكومة؟
أوجّهُ رسالةً إلى الجهاتِ المعنية في الحكومة بإتاحة الفرص لنا في خدمة الوطن وإلى وزارة الصناعة بالاستمرار بهذه الخطوة الكبيرة والعظيمة التشجيعية في برنامج المسابقة الوطنية لراود المشاريع الابتكارية (المبتكر اليمني) والتي ستُظهِرُ كُّل المبتكرين.
ونرجو من الحكومة بذلَ المزيد من الاهتمام ومساندة المبتكرين ومعاونتهم حتى تطبق الاختراعات على أرض الواقع.
– كلمةُ شكر لمن تريد إيصالها عبر صحيفة المسيرة؟
رسالةُ شكرٍ لجميع الأهل الذين دَائماً ما كانوا سنداً ودعماً لنا ولقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي وجّه الحكومة بدعم المبتكرين والمبدعين وإلى القيادة السياسية ممثلة برئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشّاط وإلى دكاترتنا الأجلاء في كلية الهندسة ممثلةً بعميد الكلية البروفيسور محمد البخيتي وأيضاً رئيس قسم الهندسة الميكانيكية الدكتور حمود النهاري وكل أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في الكلية الذين عملوا على دعمنا، وَأيضاً الشكرُ الكثيرُ إلى كُــلّ أفراد وزارة الصناعة الذين عملوا على تحقيق حدث علمي كبير من خلال المسابقة الوطنية لرُوَّاد المشاريع الابتكارية (المبتكر اليمني) ممثلة بوزير الصناعة اللواء عبدالوهاب الدُّرة، ولا ننسى كُــلَّ من دعمنا مالياً لإكمال هذا الابتكار، وأخص بالذكر شركة يمن موبايل وَكلية الهندسة جامعة صنعاء.
وللأصدقاء والزملاء الذين دَائماً ما كانوا دعماً في أَكْثَــر لحظات الفريق يأساً، ولا أنسى الشكرَ الكثيرَ لطاقم صحيفة المسيرة على الاهتمام بالمبتكرين وعمل اللقاءات الخَاصَّــة معهم.