عملية معسكر «الجلاء» بعدن: مراوغاتُ الإمارات تسيرُ في طريق مسدود
المسيرة | خاص
تزامناً مع ضربة «الدمّام» التي أوضحت رسائلَ مرحلة الردع الجديدة للعدو السعودي بشكل مباشر، تلقى الاحتلالُ الإماراتي في محافظة عدن، أمس الأول، ضربةً لا تَقِلُّ أهميّةً في الإطار ذاته، إذ باغتت كُــلٌّ من القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر عرضاً عسكرياً كَبيراً لمليشيات ما يسمى «الحزام الأمني» التابعة لأبو ظبي، بهجوم بالستي جوي مزدوج حمل، إلى جانب مفاجآته العسكرية والاستخباراتية، رسائل بارزة ردت على خدعة إعلان «انسحاب القوات الإماراتية من اليمن» بمقتل أحد أبرز قيادات مرتزِقة الإمارات، وعشرات من القيادات والعناصر الأُخْــرَى، في توضيح قاسٍ من قوات الجيش واللجان لموقفها إزاء محاولة الإمارات الهروب من مسؤولية استمرارها في المشاركة بالعدوان على اليمن والسعي لتقسيمه.
نُفذ الهجومُ بصاروخ بالستي «متوسط المدى» لم تكشف القوات المسلحة عنه حتى الآن، إلى جانب طائرة مسيّرة من نوع «قاصف 2k»، استهدفا معاً معسكر «الجلاء» في عدن، والذي كان يضم عرضاً عسكرياً كَبيراً وحفلا لتخريج دفعة تابعة لمليشيات ما يسمى «لواء الدعم والإسناد»، وأُخْــرَى تابعة لما يسمى «لواء الصاعقة الحادي عشر»، وكلتاهما تتبعان مليشيا «الحزام الأمني» التي تمثل أحد أبزر الأذرع العسكرية للاحتلال الإماراتي في عدن.
حقّــق الهجوم إصابات بالغة الدقة، أكّــدها ناطق القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، ووثقتها عدسات الكاميرا التي كانت تسجل العرض العسكري، وسجلت معه لحظة وقوع الهجوم، والأثر الكبير الذي أحدثه، إذ عرضت المشاهد المصورة تناثر جثث القتلى والجرحى في المعسكر إثر العملية.
وعلى رأس قائمة القتلى، كان القيادي البارز لمليشيات «الحزام» منير اليافعي، المكنى بـ«أبي اليمامة» وهو قائدُ ما يسمى «اللواء الأول دعم وإسناد» في تلك المليشيات، ويعتبر أحد أبرز الأذرع العسكرية المرتبطة بشكل مباشر بالاحتلال الإماراتي، كما أنه مسؤول عن عمليات «الإخفاء القسري» والتعذيب التي تديرها أبو ظبي داخل عدن، ويدير هو نفسه معتقلاً سرياً داخل معسكر الجلاء الذي تم استهدافه.
ميدانياً، مثّلت الضربةُ المزدوجةُ «استباقاً» عسكرياً واستخباراتياً نوعياً وناجحاً لمُخَطّــطات العدوان، إذ أكّــد ناطق القوات المسلحة العميد، أن العدوان كان يحضّر القوات التي أدّت العرضَ العسكري، لتنفيذ زحوفات باتجاه مواقع الجيش واللجان في جبهتَي الضالع وتعز.
وكشف سريع خلال مؤتمر صحفي، أمس، أن العملية جاءت بعد رصد دقيق و«تعاون من جهات داخل المحافظة» وهو ما يمثل اختراقاً استخباراتياً كَبيراً وعميقاً لقوى العدوان، إذ أن تنفيذ مثل هذا الهجوم المزدوج يأتي بعد معرفة دقيقة وسابقة لتوقيت ومكان العرض.
كما توضح الضربةُ مدى التنسيق المتكامل والفعال بين سلاح الجو المسيّر والقوة الصاروخية والجانب الاستخباراتي، في الوصول بالعملية إلى مستوى كامل من الدقة، وبالتالي تحقيق أثر واسع.
وحملت العملية مفاجأةً عسكرية لم تزل خلفَ الستار، إذ أعلن ناطق القوات المسلحة، أمس، أن الصاروخ البالستي المستخدَم في العملية، من منظومةٍ جديدة سيتم الكشف عنها في وقت لاحق، وهو ما يبرز مجدداً «اللمسة» الخاصة لقوات الجيش واللجان الشعبيّة في إثبات التطوّر الفعّال لقدراتها بشكل عملي من خلال إثبات الأثر قبل الكشف عن السلاح.
أما في ما يتعلق برسائل الهجوم، توضح طبيعة الاستهداف وتوقيته، أنه مثل موقفاً «صلباً» من قبل قوات الجيش واللجان الشعبيّة حول إعلان «انسحاب القوات الإماراتية من اليمن» الذي حاولت أبو ظبي تكريسه مؤخّراً بحرص شديد كجدار حماية أرادت الاختباءَ خلفه للنجاة من عواقب الاستمرار بالمشاركة على اليمن، سيما في الوقت الذي تصاعدت فيه الضرباتُ اليمنية على المنشآت السعودية بشكل مرعب.
المجلسُ السياسي الأعلى كان قد أوضح الصيغة السياسية من هذا الموقف، قبل أَيَّــام، إذ أعلن بشكل واضح أن إعلان الإمارات «غير المباشر» عن سحب قواتها من اليمن يناقض أفعالها في الميدان، مُشيراً إلى أنها ما زالت تسعى لإثارة الفوضى وتقسيم البلاد.
الهجوم الذي ركز على استهداف «قيادات» العرض أَكْثَــر من استهداف العناصر، كان رسالة واضحة على أن أيَّ تواجد للاحتلال الإماراتي في اليمن سواءٌ أكان مباشراً أَو من خلال أذرع، سيواجه بصلابة عسكرية، وهو ما يعني أن أية خطوات إماراتية لا تتضمن الإعلان المباشر والعملي عن الانسحاب من العدوان على اليمن، لن تلقى أي تجاوب لدى «صنعاء» وقواتها.
وقد أكّــد ناطقُ القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، أمس، أن «كافة التشكيلات المسلحة التابعة للعدوان وبغض النظر عن مسمياتها ضمن أهدافنا المشروعة؛ كَونها تعتبر جزءاً من مشروع احتلال اليمن».
وبعد اتضاح هذا الموقف سياسياً وعسكرياً، يتضاعف الضغط على الاحتلال الإماراتي وانكشافه، فبين تعاظم قدرات الردع اليمنية التي بات العمق السعودي مسرحاً متاحاً للتأكّــد منها، وبين فشل المحاولة الإماراتية لإدارة العدوان على اليمن من بعيد بأمان، تبدو أبو ظبي مرتبكة و«قليلة الحيلة» فاستمرار تواجدها في تحالف العدوان لا زال يتوعدها بالكلفة الثقيلة التي تحاول بشدة أن تتجنبها، وهي ضرب منشآتها ومطاراتها، وفكرة استخدام المليشيات التي صنعتها في ستكون غير مفيدة لوضعها في المحافظات والمناطق المحتلة الجنوبية، إذ أن الضربات اليمنية ستتكفل ببعثرة تلك المليشيات، كما أنه لن يطول الأمر حتى تفضيَ المواجهةُ مع تلك المليشيات إلى استهداف الإمارات أَيْــضاً.
من جانبٍ آخر، ضاعف الهجومُ حالةَ «الانقسام» بين تحالف العدوان ومرتزِقته، وكذا بين المرتزِقة أنفسهم، حيث كتب الناشط المرتزِق أحمد الصالح، على تويتر، قائلاً إن “قيادات التحالف يجبُ أن تتواجدَ في أي عرض عسكري” وهو ما يعبِّرُ عن «انعدام الثقة» بتحالف العدوان.
هذا الموقفُ أظهر أَيْــضاً المزيدَ من حالة الانقسام داخل صفوف المرتزِقة إذ أكّــد المرتزِق الصالح أَيْــضاً، أنه تلقى تهديداً من القيادي المرتزِق، هاني بن بريك، نائبِ رئيس ما يسمى المجلس الانتقالي التابع للاحتلال الإماراتي؛ بسَببِ التغريدة السابقة، وهو ما يؤكّــد مدى الانقسام الذي أحدثته العملية.