كي لا ننسى أطفالَ ضحيان ضحايا الحقد السعودي .. بقلم/ سندس يوسف الأسعد
عامٌ مضى على جريمة ضحيان في اليمن والحالُ هو الحال، ما تغيّر وما تبدّل، فأطفالُ اليمن ما زالوا يرزحون في مرمى نار السعودي ومرتزقته. عام مضى على الفاجعة، حين صبَّ هؤلاء حمم نارِهم العدواني، دونما أَي وازعٍ دينيٍّ لقداسة الأشهر الحرم، ودونما أَي رادعٍ إنساني، هاتكين حُرمةَ الطفولة وقداستها وطهارتها.
قلّت الإدانات مراعاةً لمشاعر مملكةِ العدوانِ اللاإنسانية، فكان الصمتُ عربيًّا ودوليًّا مخزياً ومشيناً.. تجاهل وتناسى “العرب” كيف خرجت صعدة وصنعاء وتعز والحديدة، واليمن كُــلّ اليمن، برمةِ أبيه لنصرة كُــلّ القضايا العربية المحقة. فقد بات -ووفقًا لوعاظِ السلاطين- الخروج على الولي غيرُ جائزٍ “حتى لو كان يزني ويشرب الخمر على الهواءِ مباشرةً”.
لم تكن تلك المشاهدُ المروعة خدعًا سينمائيةً أبدع ابتكارها واخراجها فرسان الخوذ البيضاء في خان شيخون والغوطة وغيرهما. هم أطفالُ ضحيان اليمنية، ولهذا صمتُ العالم ويصمت وسيصمت أمام جريان دمائهم الطاهرة وأشلائهم المحترقة، المنصهرة مع هيكلِ الحافلة.
أطفالٌ رصدتهم رادارات الإرهاب الأمريكي كإرهابيين، نعم إرهابيين؛ لأَنَّه وقبل انطلاقهم إلى “معركتهم” المفترضة تلك نهلوا بعضًا من تعاليم الإسلام المعتدل، الإسلام الذي تكفِّرُه وهابيةُ بني سعود. أطفالٌ سيكبرون ليغدوا كما آبائهم “روافض”، روافضٌ لآلة القتل والإجرام.
أَكثرُ من خمسين بدراً كانت أضاحي اليمنِ، توزعوا بين جسدٍ متفحمٍ وآخر مشوه، لم ترأف ببؤسهم مملكة التكفير والتوحش، مملكةٌ بات من ديدنِ أغلبِ الحكومات الارتهان لها ولبراميل نفظها الممزوجة بدماء نخبةِ العرب الأقحاح، شعبُ اليمن البطلِ المقاومِ الصامدِ الممانع. أطفالُ اليمن في ضحيان وغيرها درجوا على أفلامِ الدمِ الهوليوودية العدوانية الغاشمة، أبدع مخرجوها في ابتداع وتلفيق الأكاذيب، وكانت الحبكةُ بأن هؤلاء البراعمِ “يطلقون صواريخ بالستية، يخططون ويرصدون، يحشدون للجبهات وينفّــذون الاقتحامات!”.
عذرًا أيها الحجيجُ فلن أبارك لكم حجكم الذي يَستثمِرُ الوهابي أرباحَهُ لقتلِ براعم اليمنِ، لقهرِ الأمهات والآباء والأحبة. حجّ المسلمين الحقّ والمقبول، غدًا، حين تتحررُ مكةُ من احتلال هؤلاء السفاحين، حين تستثمرُ عوائدُ الفريضة تلك في نشر السلامِ المحمدي والعِلم المحمدي والكرامةِ الإنسانيةِ، وكذا في بناء الأمة المحمدية الموحدة.
على ظهور أولئك الصبية شاهد العالمُ حقائبَ الأممِ الزرقاء، لا سلاحَ ولا عبوات ولا قذائف. خرجوا برحلةِ أملٍ تعوّضهم خيبات الطفولة ومشاريع القتل المتواصلة. لم تشفع لهم الحرب طفولتهم المهشمة، فباغتهم صاروخٌ أمريكيٌ أخضر، بوسمِ “السيفين والنخلة”.. أية لعنةٍ حلّت بهؤلاء ليفترسوا طفلًا، صلى قبل عروج الحافلةِ، ونظراتُ الطفولة والبراءةِ كانت تزهرُ في وجههِ البأس؟!
حجمُ الفجورِ العربي لم يعد يطاقُ، فجورٌ صوّب فوهاتِ إجرامه نحو أطفالِ اليمن الأبرياء بدلاً عن توجيهها نحو واشنطن وتل أبيب. يعمّ الصمت اتّجاه جرائم السعودي في اليمن؛ ﻷَنَّ اليمنيين عرّوا الضميرَ العالمي وانحيازه للجلّاد على حساب الضحية، لامتلاك الجلّاد صررًا من المال الحرام المنهوبِ، يصكُّ بها الأفواهَ ويعمّي بهِا العيونُ، في عالمٍ مكافيليٍّ، تبرر فيه الوسيلةَ الغايةُ، ويحكم فيه الذئابُ والمَكَرَةُ.
الإداناتُ لم ولن تسعف براعمَ اليمن، وتقاريرُ النفاقِ والتطبيلِ لن تثأر لامرأة قُدّر لها بأن “الأسود يليقُ بها”، يليقُ بشموخها وصبرها على الفقد واللوعة والشهادة. يعجزُ اللسانُ عن وصفِ هولِ المشهد اليمني. مشهدٌ تجرّد القاتلُ فيه من كُــلّ القيم والمبادئ والقواعدِ الأخلاقية. في الأمس واليوم وحتى يحقّــق شعبُ اليمنِ نصرهُ بنفسهِ، بجهادِه وصبرهِ وتضحياته، لن يغفرَ التأريخُ لجرائمِ “محمد بن سلمان باشا السفاح” ولتواطؤ الحكّام واصطفافهم في خانةِ مشاريع البترودولارِ وصفقاتِ قرنهِ المخزية.
* كاتبة لبنانية