سلاحُ الوعــي والجهلُ المركَّب .. بقلم/ خولة العفيري
عبارتان تكرّرتا في خطاب السيد عبدالملك الحوثي حفظه الله لأهميتهما. ما بين الجملة والأُخْــرَى يذكّر بهما.. العلم النافع والجهلِ المرّكب اللذان لهما الأولوية في الحياة للبشرية ككل وللمجتمع الإسلامي خاصة. تقسم الحديث بين شيئين وهما:
١) الأفكــارُ الظلامية التي تجعل من الإنسان داعشياً متزمتاً يُلحِقُ بالأمة الضررَ ويشكل عليها وعلى المجتمع الذي يقيم فيه الخطرَ، ومن أهداف هذه الأفكار الظلامية نقلُ صورة سيئة عن المسلمين وتشويهُ الإسلام وتدميرُ الأمة من الــــداخل. تَنْهَدُّ ويتدمر بناؤها وأساسها بأيادي أبنائها ممن تشبعت أفكارهم بالجهل المركب الذي وصفه الشاعر توفيق الحكيم:-
قال حمارُ الحكيمِ يوماً:
لو أنصَفَ الدهرُ كنتُ أركَبْ
لأَنَّني جاهــلٌ بسيـــطٌ
وصاحبـي جاهِــلٌ مــركَّــبْ
فقيل له: وما الفرقُ بين الجاهل البسيط والجاهل المركب؟!
فقال: الجاهل البسيط هو من يعلم أنه جاهل، أما الجاهلُ المركَّبُ فهو من يجهلُ أنه جاهل!
٢) أهميّة سلاح الوعــي الذي يجب علينا كأمة مسلمة أن نتسلح به، فهو الذي تُبنى عليه معارفَ صحيحةٍ.. يؤسس ويبني حضاراتٍ صحيحةً وعظيمةً ويبني القيمَ والأخلاق العظيمة.
السيدُ عبدالملك الحوثي يوجّهُ خطابَه لأولي الألباب الذين لهم بصائرُ نـيّرةٌ، فيأمل أن تنيرَ بهم الأمة وأن يكونوا هم المجتمعَ الزاكيةَ نفوسُهم الذين لا يخشون إلا اللهَ ولا يعظِّمون سواه، وأن يجعلوا أهدافَهم من العلوم التي ينتهلونها هدفاً واحداً سامياً وهو مرضاة الله والاهتمام بالنهوض بالأمة ككل ليس بهِ كفردٍ ليكونَ أعظم وأسمى وأكبر؛ كي يتحقّـَـقَ على يديه نجاحُ أمة؛ حتى يكونَ زاكياً غيرَ مدنَّس، ويكونَ ممن يتربوّن على مكارم الأخلاق والمعارف الصحيحة، وأن لا تكونَ الأهدافُ من العلوم مادية أَو معنوية مجرد تحصيل لا جدوى منه في المجتمع.
عدمُ المبالاة بالعلوم الدينية وعدم التسلح بالوعي سيبني إنساناً فاشلاً يتأثر بقنوات التضليل وبنشاطهم الإعلامي ذي الطابع الفكري والثقافي، الذي من خلاله يُستهدف الإنسان اللاواعي ويكون أشبه بالصحن اللاقط -كما قال السيد القائد-، فهو يتأثرُ بكل شيء ويصدِّقُه من ثمَ يعودُ ويسيطرُ عليه فكرياً وثقافياً من ثم سياسياً.
إذن من خلال خُطاب السيد القائد يجبُ علينا أن نحملَ سلاحَ الوعي الذي هو مُهِــمٌّ في هذه المرحلة بالذات، ونحنُ نواجه عدواناً يستهدفنا في جميع المجالات فكرياً وثقافياً وسياسياً واقتصادياً.. وأن نتحلى بالحكمة التي تحملُ النورَ والرؤية الصحيحة؛ لنكون حُكماءَ وَنحنُ أهلُ الحكمة كما وصفنا رسول الأمة ومنقذها (الإيمانُ يمانِ والحكمة يمانية)، وها نحن نلمَسُ الحكمةَ في هذا الشعب وفي قائده وجيشه ولجانه، تتجلى في صمودهم وثباتهم ووعيهم العالي أمام هذه الأحداث في زمن تغربل فيه الكثير وبقي القلة.
ولن يخيبَ أملُك في أبناء هذا الشعب يا قائدَ مسيرتنا القرآنية، فأنت الذي رسمت لنا العزةَ وأنرت لنا عتمةَ الطريق، واقتحمت بحكمتك ديجورَ عالم مواقفُه تتنافى مع الحكمة، تحكُمُه غياهبُ الأفكار الظلامية التي جعلت منه إنساناً سيئاً يوالي اليهود ويعادي أعداءهم..