تداعياتُ عملية «الجلاء»: تعاظم الردع اليمني يصعّد وتيرة «التفكك» داخل صفوف العدوان
المسيرة | ضرار الطيب
كشفت تداعياتُ العملية النوعية المزدوجة التي نفّــذتها قواتُ الجيش واللجان الشعبيّة ضد مليشياتِ الاحتلال الإماراتي في معسكر «الجلاء» بعدن، عن توسُّعِ حالة «التخبُّطِ والتفكّك» التي تسودُ صفوفَ العدو، والتي أكّــدها قائدُ الثورة السيد عَبدُالملك بدر الدين الحوثي في خطابه الأخير، حيث اتّجهت السعودية لمحاولة استغلال ضعف الموقف الإماراتي عقب الضربة، وأرسلت دفعة جديدة من قواتها العسكرية إلى عدن، في الوقت الذي تصاعدت فيه وتيرة الصراع بين مليشيات الإمارات وحكومة الفارّ هادي، بشكل غير مسبوق، وصل إلى حَـدِّ إعلان ما يسمى «المجلس الانتقالي» التابع لأبو ظبي، أمس الثلاثاء، عن حملةٍ لـ«طرد» حكومة المرتزِقة وحزب الإصلاح من عدن، بينما يحاولُ الأخيرُ التماهيَ مع الرغبة السعودية الجديدة لتعزيز وجوده في عدن.. انقسامٌ مستمر في تعميق الخلاف بين قطبي تحالف العدوان، ويأتي تصاعده تأكيداً على أن نجاحات قوة الردع اليمنية لم تقتصر فقط على تكبيد العدوان خسائرَ كبيرةً وإنما وصلت أَيْــضاً إلى تفكيك هيكله.
الإماراتُ التي تلقت «صفعة» عسكرية كبيرة من خلال عملية معسكر «الجلاء» وجدت نفسها عاجزة عن القيام بأي «رد فعل» عسكري؛ لأَنَّ ذلك من شأنه أن يورطها أَكْثَــر، ويجعلها عرضة للمزيد من ضربات الجيش واللجان، لا سيما وأن العملية جاءت في الوقت الذي تردّد فيه أبو ظبي إعلانَ «سحب قواتها» من اليمن، وبالتالي فَإنَّ أيَّ تصعيد من جانبها سيدمّــر خطتها لتجنب كلفة الرد اليمني الموجع.
لكن على الجانب الآخر، أرادت السعودية استغلال هذا التراجع الإماراتي وتعزيز تواجدها في عدن أخيراً، بعد أن ظلت الإمارات تستحوذُ على المحافظة لسنوات، وهكذا، أرسلت الرياض، أمس، دفعةً من قواتها وآلياتها العسكرية إلى عدن، وأفادت مصادرُ مطلعةٌ بأن القواتِ التي وصلت، أمس، هي دفعةٌ ثانية من قوات كانت قد وصلت قبل أيّام إلى عدن، في إطار سعي السعودية لاستغلال إعلان الانسحاب الإماراتي.
هذا الصراعُ بين قطبي العدوان، ظهر بشكل واضح بين مرتزِقتهما، إذ انعكس موقف الإمارات على تصرفات ما يسمى «المجلس الانتقالي» التابع لها، والذي وجه رد فعله على عملية «الجلاء» باتجاه حكومة المرتزِقة وحزب الإصلاح، متجنباً الحديث عن الجيش واللجان كي لا يورط أبو ظبي.
وفي هذا السياق، أعلن المرتزِق هاني بن بريك، نائب رئيس «الانتقالي»، أمس الثلاثاء، خلال مؤتمر صحفي، أن حزب الإصلاح وحكومة الفارّ هادي «ضالعون» في عملية معسكر الجلاء، من خلال «تزويد الحوثيين بالمعلومات والإحداثيات» حسب تعبيره.
وصعّد بن بريك حدة خطابَه معلناً عن ما أسماه «هبة شعبيّة لطرد حكومة الفارّ هادي وحزب الإصلاح من الجنوب» وهو ما يعتبر بمثابة إعلان «حرب» بين الطرفين الذين يخوضان صراعا مستمرا منذ سنوات، شهد العديد من فصول المواجهات العسكرية والاغتيالات المتبادلة.
بالمثل، انعكس الموقف السعودي على توجّــه حكومة المرتزِقة التي يسيطر عليها حزب الإصلاح، إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الأخير دفع أَيْــضاً بتعزيزات عسكرية من قواته إلى عدن، بالتوازي مع التعزيزات السعودية، وأوضحت المصادر أن القوات الإصلاحية وصلت إلى معسكر تابع للقيادي المرتزِق «مهران القباطي» المقرب من الفارّ «علي محسن» فيما لا زالت قواتٌ أخرى للإصلاح أَيْــضاً في طريقها من عتق إلى عدن. وهو ما يزيد من توضيح مخطط السعودية في استغلال التراجع الإماراتي لتعزيز تواجدها.
وكان الكثيرُ من المحسوبين على حكومة المرتزِقة وحزب الإصلاح قد أبدوا موقفاً مهاجِماً للمليشيات الإماراتية فيما يخُصُّ عملية معسكر «الجلاء» وهو ما شكّل عُمقاً جديداً في الصراع.
المجرياتُ الجديدة لهذا الانقسام تأتي مصداقاً لتأكيد قائد الثورة في خطابه الأخير قبل أيّام، على أن العدو «يعيشُ حالةَ التخبط والتفكك يوماً بعد يوم»، وجاء هذا التأكيد من قائد الثورة ضمن إشارات إلى معطيات المرحلة الجديدة من الردع العسكري، والتي ظهرت ملامحها بشكل واضح في خطابه، وما أحدثته عملية معسكر الجلاء داخل صفوف العدو يؤكّــدُ بوضوح أن تعاظم قوة الردع من شأنه أن يلقيَ بتحالف العدوان إلى المزيد من حالات الانقسام والضعف.