“دفاعاتٌ جوية” ضمن مصفوفة الردع اليمني: العدوانُ يخسرُ الأرضَ والسماء

بروز ملامح مشهد ميداني جديد كلياً في ظل ثبوت فشل كافة الوسائل العسكرية المعادية:

المسيرة | ضرار الطيب

لمفاجآتِ الدفاع الجوي اليمني التي كشفتها القوات المسلحة، أمس الأول، كثيرٌ من الرسائل والأبعاد العسكرية الهامة، قدّمت صورةً غيرَ مسبوقة لمشهد معركة مواجهة العدوان في ظل دخول مرحلة الردع العسكري الجديدة، كما أبرزت ملامحَ مثيرةً للمراحل القادمة في حال استمر العدوان.. رسائلُ وُجِّهت لتحالف العدوان في الميدان الذي لم يكُنْ يتوقعُه، بعد أَكْثَــرَ من أربع سنوات من تعامله مع الأجواء اليمنية كمسرح مفتوحٍ و”آمن” لشن عملياته العسكرية، ولم تكن تلك الرسائل مجرد “إنذارات” فحسب، إذ جاءت متبلورةً في مصاديق عملية موثّقة ومعلومات هامة تشهدُ على إنجازات ناجحة لمنظومات الدفاع اليمنية، ليس فحسب داخل الجغرافيا اليمنية، بل وفي ما وراء الحدود، مضيفةً بذلك معطياتٍ جديدةً تطور مفعولَ المعادلة العسكرية في كافة جوانبها، بما في ذلك ما يتعلقُ بالمواجهات الميدانية مع قوى العدوان في الجبهات البرية.

 

مفاجآتُ التطور المستمرّ للقدرات.. “القادم أعظم” دائماً

بدايةً، يُعتبَرُ الإعلانُ الرسمي عن امتلاك اليمن منظوماتِ دفاع جوي بحدِّ ذاته صفعةً مدويةً لتحالف العدوان الذي كان من أول خططه استهدافُ القدرة الدفاعية اليمنية في هذا المجال، في وقت مبكر، كإجراء ضروري لضمان خلو الأجواء اليمنية من أية معوقات قد تحول دون تنفيذ الهجمات على اليمن، وقد ظل العدوان يعتمدُ “مطمئناً” على ذلك بشكل رئيسي طوال السنوات الماضية، وحتى بعد بروز المفاجآت غير المتوقعة على مستوى الصواريخ البالستية وسلاح الجو المسيّر ومع ثبوت فشل كُــلّ إمْكَانات العدوان في مواجهتها، ظل يُنظَرُ إلى سلاحه الجوي؛ باعتبَارِه الورقةَ الوحيدة التي ما زالت فاعلةً.

وبالرغم من أن المعركة مع العدوان قد شهدت على مدى السنوات الماضية العديد من عمليات الدفاع الجوي الناجحة، إلا أن العدوَّ ظل يعتقدُ أنها مجرد محاولات ومصادفات لن تؤثرَ بشكل ثابت على فاعلية سلاحه الجوي، لكن الإعلان الرسمي عن “خمس منظومات” والحديثَ عن نشرها في عدة مناطق ودخول اثنتين خط الخدمة، يبدّدُ تماماً “طمأنينةَ” العدوان، ويؤكّــدُ له أنه أمام قوة ردع حقيقية متكاملة تجاوزت طور التجريب والمصادفة والمحاولة وباتت خط دفاع عريض وثابت، وهو ما يجعلُ العدوان، لأول مرة، يعيدُ التفكيرَ في اعتماده الرئيسي على الطيران، وذلك يُعتبَرُ صدمةً قويةً بالنسبة له، خَاصَّــة بعد تأكُّــدِه من فشل كُــلّ وسائله العسكرية الأُخْــرَى.

الآن وبعد الإعلان عن منظومات الدفاع اليمنية، قد يفكر قادةُ تحالف العدوان أنه كان يجبُ عليهم توقُّعُ مثلِ هذه المفاجأة، بالنظر إلى أن القدرات العسكرية اليمنية قد شهدت من قبلُ سلسلةً من التطورات التي كانت مفاجئةً أَيْـضاً خلال السنوات الماضية، كإنتاج صواريخ بالستية وطائرات مسيّرة بعيدة المدى وعالية الفعالية والتأثير، وهنا تتبلور رسالة “التطور الصناعي” بشكل واضح.. الرسالةُ التي تتكرّرُ مع كُــلّ إعلان عن سلاح يمني جديد وتضيف، كُــلّ مرة، إثباتًا جديداً على أن القدرات اليمنية تمضي بتسارُعٍ ونجاح نحو الابتكار وبلا توقف، ما يعني أن “القادم أعظم” دائماً.

 

ملامحُ مشهد جديد في جبهات القتال: نهايةٌ محتومةٌ للقوات البرية المعادية

ميدانياً، جاء الكشفُ عن امتلاك القوات المسلحة منظومات دفاع جوي، بمثابة تحديثٍ مُهِمٍّ لتصوُّرِ مشهد المواجهة العسكرية بشكل عام، فعلى مستوى مناطق الاشتباك، كانت المعلومات التي قدمها ناطق القوات المسلحة حول عمليات الدفاع الجوي تشير بشكلٍ لافت إلى تركز الكثير من العمليات الناجحة في المناطق الحدودية، وفيما وراء الحدود أَيْـضاً، ثم في الحديدة، كما أكّــد الناطق العسكري على أن الدفاعات اليمنية تمكّنت من تحييد طيران “الأباتشي” المعادي بنسبة 70% “وبالذات في المناطق الحدودية” كما تمكّنت من الحد بشكل كبير من تحليق هذه المروحيات في جبهات الساحل الغربي.

هذه المعلوماتُ تضيفُ تفاصيلَ جديدةً كليًّا لمشهد جبهات القتال، كانت غائبةً عن الأنظار والتحليلات تماماً، فمن المعروف أن العدوان يعتمد بشكل رئيسي على سلاحه الجوي في عملياته العسكرية البرية، من خلال القصف المكثّــف واستراتيجيات “الأرض المحروقة” ومع ذلك يفشلُ غالباً في تحقيق أي تقدم، لكن الآن، ومع دخول منظومات دفاع جوي أثبتت عمليا فاعليتها في جبهات المواجهة، يبدو المشهد مختلفاً، إذ يبدو العدوانُ مجرداً حتى من “الأمل” بتحقيق تقدم على الأرض من خلال تكثيف الغطاء الجوي.

وإذا كانت قواتُ الجيش واللجان حقّــقت حتى الآن تطوراتٍ نوعيةً شديدةَ الأهميّة والفاعلية في ما يخُصُّ رصدَ التجمعات البرية جوياً واستخباراتياً، و”استباق” تحَــرّكاتها وخططها بضربات دقيقة متنوعة وسريعة المواكبة، فإضافةُ منظومات الدفاع الجوي إلى هذه المصفوفة، تجعلُ المواجهة البرية مع العدوان محسومة بهزيمته المحقّــقة.

 

رسالةُ “عام الدفاع الجوي”: الاستعدادُ يفوقُ كُــلَّ التوقعات

من ضمن الأبعاد والرسائل الهامة التي حملتها مفاجآتُ الدفاع الجوي أَيْـضاً، كان الإعلانُ عن “عام الدفاع الجوي” كشعار للعام القتالي القادم، وهو إعلانٌ يرتبطُ بتفاصيلَ هامةٍ، إذ يؤكّــدُ على أن الخططَ العسكرية للجيش واللجان الشعبيّة والتطورات التصنيعية التي تتضمنها تلك الخطط، تسير بوتيرة الاستعداد لخوض المواجهة على المدى الطويل واستباق أية متغيراتٍ متوقعة تتناسب مع طبيعة العدوّ الذي نواجهُه ومدى إمْكَاناته والدعم الذي يحظَى به، وبالتالي فإن الرسالةَ التي صاغها هذا الإعلان فحواها إن ما لم يتم الكشفُ عنه من الاستعدادات العسكرية أكبرَ بكثير مما ظهر جزئياً وكلياً، ومما يتوقّعُه تحالُفُ العدوان.

وفي ظِلّ هذا الإعلان ومعطياته، فإن حديثَ ناطق القوات المسلحة عن مواصلة تطوير قدرات الدفاع الجوي اليمني حتى الوصول إلى تحييدِ جميع أنواع سلاح الجو المعادي، يعتبر أقربَ إلى إعلان تمهيدي عن إمْكَانية الوصول إلى هذه المرحلة، وهو ليس بالأمر المستحيل الآن قياساً على إمْكَانية امتلاك منظومات دفاع جوي بعد قرابة خمس سنوات من العدوان والحصار، خَاصَّــةً وأن رصيدَ عمليات الدفاع الجوي قد تضمن بالفعل إسقاط ثلاث طائرات “إف 16” وإصابَة مقاتلات حربية أُخْــرَى للعدوان.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com