العالم الرباني بدر الدين كان حريصاً على مصير الأُمّـة وكلُ مواقفه دعت إلى التوحد ولهذا تعرض للمؤامرات
العالم الرباني السيد العلامة بدر الدين أمير الدين الحوثي.. جهادٌ وعلمٌ وثمرة تربية إيمــانية عالية
والدي ملأ القلوبَ بالهدى والتُّقى والأسماعَ بكلام الله وحافظ على المذهب الزيدي
أزاح العالَــمُ بدر الدين بعلمه وجهاده ظلماتِ ضلال الوهّابية التكفيرية ليزرعَ في النفوس المنهجيةَ المحمدية الأصلية
تعرض والدي وعائلته للاعتداءات العسكرية المباشرة الغادرة وكانت الألطافُ الإلهية تأتي من كل جانب
ابنة العلامة بدر الدين الحوثي تتحدث لصحيفة المسيرة في الذكرى السنوية لرحيل والدها:
في الذكرى السنوية لرحيل العالم الرباني السيد العلامة بدر الدين بن أمير الدين الحوثي -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ-، حلّت علينا محطةٌ إيْمَــانيةٌ نستلهمُ منها العبرةَ والدروسَ الخالصةَ من منهلِ العِلم القُــرْآني المحمدي الأصيل.
وفي هذا العام حلّت الذكرى بالتزامن مع ما يحصلُ في المحافظات الجنوبية المحتلّة من صراعات خطط لها العدوان، وحذر منها العالمُ الرباني ودعا لنبذِ الخلافات والتمسك بحبل الله، وتعرض لملاحقةِ السلطات في العام 94؛ لأَنَّه لم يُفْتِ حينها بقتال الجنوبيين بل وجرّم ذلك.
ومن هذا المنطلق كان لصحيفة المسيرة الاهتمامُ في إجراء حوار صحفي مقتضَب مع أحد بناته وهي الأخت “بُشرى بدر الدين الحوثي”؛ لتسليطِ الضوء بطريقة مقتضَبة على حياته المليئة بالمواقف القُــرْآنية الإيْمَــانية الناصعة، فكانت الحصيلة كالتالي:
حاورتها: أمل المطهر
– سيدتي الغالية هلا حدَّثتينا عن نشأة السيد العلامة بدر الدين الحوثي؟
نشأ الوالدُ بدر الدين رحمة الله تغشاه في أُسرة يحُفُّها الإيْمَــان والتقوى والزهد والهدى، ورثت العلمَ أباً عن جد فكان للوالد -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- حاضنةٌ مكّنته بتوفيق الله ِأن ينشأ نشأةَ الأولياء الصالحين عرف اللهَ فانغمس بحُبِّه والبحث عنه والخشيةِ منه، لقد كان العابدَ المتعبَّـدَ في طفولته ذلك الطفل الشغوف بحب الله ومعارف الدين والمتابعة لحلقات العلم والمعارف الدينية ولا يكتفي بها بل يستمرُّ للعكوف على قراءة القُــرْآن والاهتمام بالعلم في المنزل ولم يستسلمْ لمرضه المزمِن بالربو والذي أصيب به مع ولادته رغم شدة العناء منه وعدم وجود الدواء حينها.
– كيف أثّــر السيد العلامة بدر الدين في محيطه وطلابه؟
كان الوالدُ -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْـهِ- يحملُ الروحيةَ العظيمة المتعاطفة في تعامله مع الآخرين، حيثُ كان ببساطته يجلب القلوب على حبه وقدر مكانته, فيُحِبُّه الكبيرُ والصغير وتمتلأ القلوبُ هيبةً منه في تواجده مع من حوله واحتراماً له بكل ما يلمسه الإنْسَــان في الوالد من الصدق والخير والإيْمَــان وما كان عليه من الخير في خدمة المجتمع في إصلاح ذات البين.
وكان يمتازُ بالقُربِ ممن حوله وسعيِه الحثيث لمواساة الناس في أحزانهم وأوجاعهم وحُثِّ الناس على العلاقة بربهم والارتباطِ بدينهم دون كللٍ أو ملل والحثِّ على العلم النافع والمعرفة، حيثُ كان يُشعِرُ الجميعَ بأن التعلمَ شيءٌ أساسيٌّ وخَاصَّــةً الأجيال الناشئة وأن العلمَ سيجعلُ منهم جيلاً عريقاً يدحَرُ الظلامَ، فتعلم الكثير على يديه، وكان كالأبِ لطلابه يهتم بهم وفي الغالب يوصلُ لهم الطعامَ بنفسه ويتفقدُ حاجاتِهم.
وفعَلَ ما كان متوجباً عليه من حث الجميع سواء طلاب أو مجتمع بأن هناك عدواً يتربص بالجميع وأن اللهَ يوجِّهُ أُمَّــةَ القُــرْآن بالانتباهِ والإعداد لهذا العدوّ وأنه واجبٌ جهاديٌّ على الجميع.
– كيف حافظ السيدُ العلامة بدر الدين على المذهب الزيدي؟
لقد منح اللهُ الوالدَ -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْـهِ- بصيرة عالية، حيثُ استطاع أن يعيَ المعارفَ المحقَّةَ في إطار الخوض والبحث المستمرّ في كتب المخالفين رغم تعصبه للمذهب الزيدي فاستطاع أن يعرفَ الدخيل في كتب الزيدية ويواجه باطلَ المضلين، ونجدُ أن بركات الإمام الهادي ما زالت تحُفُّ صعدةَ بعلوم آل البيت والتحصن من الدخيل الذي أثّر على كثير من علماء الزيدية، ما سبّب في عدمِ انتشار الوهّابية وتضليلهم في كثيرٍ من مناطق صعدة.
– ما هي أبرزُ المواقف التي واجهها السيدُ المولى في ظل حكم النظام السابق؟
لقد كان له كثيرٌ من المواقف الصارمة في مواجهة النظام السابق وممّا سبّب التصادم فيما يقومُ به الوالد بدرالدين وفيما تقوم به الدولة من مخالفة صريحة وواضحة في الدين وأهمها وأبرزها تفريقُ المجتمع اليمني عن الوحدة والتوحّد، وكان دورُه بارزاً في الحرب مع الجنوب، حيثُ أصرَّ على وجوب عدم الاقتتال بالرجوع إلى المصلحة العامة والمحقة، وكذلك موقفه في نشر علوم أهل البيت في المذهب الزيدي في ما لم تسكت الدولة العميلة في إيصال رسائل التهديد والترغيب في كثيرٍ من الأوقات بدوافعَ كثيرةٍ منها خارجيةٌ ومنها الخشية على المنصب والزعامة؛ لارتهانها وعمالتها للخارج فحاولوا التخلُّصَ منه وكان المُخَطِّـطون والدافعون في الدولة لمثل هذا في الغالب هم الذين وجدناهم في هذا العدوان المستمرّ على بلدنا العزيز.
– رسالةٌ أراد أن يوصلَها السيدُ العلامة بدر الدين ووصلت ورسالةٌ أراد إيصالَها ولم تصل؟
إنَّ الرسالةَ التي تفانى من أجل إيصالِها هي واحدةٌ وقد وصلت في نهاية المطاف بعدَ سنين من المشقة في شقِّ الطريق الموصِل لها ولم تغمِضْ عيناه حتى رأى ثمرةَ الجهود التي بذلها، وهذه الرسالة فاتت على من استهان بها وتعجّل محاربتها فلم يوفَّقْ في الخير بل في موالاة أعداء الأُمَّــة والدين وكان حَظَّه الخسرانُ المبينُ.
– ما هي أَكْثَــر المواقف تأثيراً عليكِ أثناءَ تواجدك مع والدك السيد بدر الدين؟ وما رسالتكِ للشعب اليمني والأمة الإسلامية في هذه الذكرى؟
لقد وجدتُ أن هذا الرجلَ الذي هو والدي يملكُ ما لا يملكُه غيرُه في الاهتمام بمصيرِ الأُمَّــة قبل كُــلّ شيء في مرحلة تحتاجُ إلى مواقفَ جادةٍ وأن اللهَ معه يحُفُّه برعايته التامة، حيثُ أن الأعداءَ زرعوا له عدةَ كمائنَ لإنهاء صوته ولم يتمكّنوا منه، بلطف الله ورعايته وحمايته، وكان أهمها عندما ضربوا منزلَنا بصاروخ موجَّه إلى حُجرة مكان الوالد وهو أمام الباب فانتشرت الشظايا في المكان ولم تُصِبْه شظيةٌ واحدةٌ، وكانت أصواتُ انفجار الصاروخ كبيرةً حتى أُغميَ عليَّ من شدتها وأنا في الدور الأسفل، أما هو فسبحانَ الله، كان يعتقد أنه صوتُ رعد من الأمطار في بداية الأمر؛ لشدة رعاية الله به وإيْمَــانه الكبير بربه.
لقد كانت المواقفُ التي أثّر عليَّ هي روحيتَه وعطفَه الشديدَ على المستضعفين ويقينَه الشديدَ بالله..، وما أوصى به والدي الجميع هو تقوى الله واعتمادُنا عليه والاعتصامُ بحبل الله المتين لننجوَ من عذابِ الله وننصُرَ الدينَ، وكذلك الاهتمام بالقُــرْآن الكريم والسير على هَدْيِه؛ لنحظى بكرم الله ونصره.
وَأرجو من الله أن يحميَ الأُمَّــةَ المحمديةَ وأن يُعَجِّلَ لها بالنصر والأمانِ في الدنيا والآخرة.