من منظومة الولّاعة إلى منظومة الدفاع الجوي
صفاء فايع
منذُ اليوم الأول للعدوان على اليمن في العام 2015 وسماء اليمن لم يعد إلا مسرحاً لمختلف أنواع الطائرات المقاتلة التي لم تألُ جهداً في تدمير البنية التحتية بأكملها واختطاف الأرواح البريئة من كل بيت وسوق ومدرسة وجامع وطريق، في صورة بشعة لم يشهد لها التاريخ مثيل، فالأشلاء المقطعة لأسرة نائمة في منزلها أو لمواطنين يقتاتون لقمة عيشهم في سوقهم أو لأطفالٍ يحتفلون بنهاية مركزهم الصيفي برحلة ترفيهية لم يصلوا إليها فكان الأسرعُ من حافلتهم صاروخا قتل فرحتهم، هذه المشاهد ليست إلا نماذجَ بسيطة من تسلط طيران العدوان التي لن ينساها أيُّ يمني ينتمي إلى تراب هذا الوطن.
في مرحلة بدء العدوان لاحظنا أن التركيز الكبير للعدو كان على تحييد سلاح الجو اليمني كركنٍ أساسي لتحقيق أهدافه في تنفيذ عملياتها الإجرامية وتدمير اليمن أرضاً وإنساناً، فقام بضرب المطار ليقضِ على القوة الجوية ويضمن أجواءً خالية من أي مقاومة كذلك عمد إلى ضرب الدفاعات الجوية التي كانت حقيقةً تخضع لمؤامرة واضحةٍ من أتباع النظام السابق العميل، مما جعل من اليمن مسرحاً تجوب في سمائه مختلف الطائرات التي يستوردها بآلاف الدولارات من شتى دول العالم.
معركةٌ غير متكافئةٍ خاضها اليمنيون لمجابهة العدوان الذي شُن بطريقة وحشية لم يشهد لها التاريخ مثيلا، وقامت القوة الصاروخية بالتصدي ومحاولة إيجاد بدائل، كذلك ابتكارُ واختراع أسلحة تصدٍ ودفاع للطيران ولمختلف الآليات التي يستخدمونها في زُحوفاتهم، فكانت التأييداتُ الإلهية والتوفيق والتسديد من الله لهم منذ أن أطلقوا منظومة الولاعة التي أهانت أحدث المجنزرات والدبابات الأمريكية إلى أن تم صُنع الصواريخُ البالستية التي تطورت فيما بعد إلى أن وصلت إلى ما بعد الرياض كما لاحظنا في ضرب (الدمام)، كذلك صنعت القوات المسلحة طائراتٍ مسيرة موازيةً لطيران العدو تضرب أهدافها بدقة كبيرة في عمق مملكة الشر إلى أن وصل تطور القوة العسكرية لصناعة وتطوير منظومة الدفاع الجوية.
أربعةُ أعوامٍ ونيف شهد فيه اليمن أكثرَ من نصف مليون غارة وآلاف الزحوفات وحصار بري وجوي وبحري وخنق اقتصادي لم يشهد له العالم مثيلا، لكن اليمن شهد فيها أيضاً معجزةً إلهية لا يختلف اثنان عن مدى عظمتها، فالصمودُ اليماني والانتصارات المتتالية منذ العام 2017 والتي نستطيع أن نسميها بداية الأعوام السمان بعد سبعة أعوام عجاف منذ 2011 أصبحت شيئاً من ضرب الخيال. فكيف بمن يجابه تحالفاً دولياً بل وَعالميا ويبدأ من الصفر؟ كيف له أن يصنع في كل يوم انتصارات بهذا المستوى وبهذا الإعجاز؟! وكيف جعل العدوان يحسب ألفَ حساب قبل أية خطوة يُقدم عليها حتى أن الدفاعات الجوية التي تم الكشف عنها اليوم فاطر 1 وثاقب 1 جعلت من طائرات الاستطلاع وطائرات الأباتشي في خطوط التماس لا وجود لها.
الجميعُ يعلم أن ما نسبته 99% مما أصاب اليمن في مقتل لم يكن سببُه إلا طائراتِ الغدر المعادية، حيث لا مقاتلين أشداء وشجعان في المعارك وإنما لفيفٌ من مرتزقة العالم لا يقاتلون عن مبدأ ولا عن عقيدة, فالفرارُ أولُ عمل ينفذونه عند أبسط انكسار لهم، وإن تأملنا قليلاً لهذه الإنجازات فإن ذوي العقول والإبصار سيدركون بما لا يدعُ مجالاً للشك أن لا علاقة لها بأية تدخلات خارجية وأنها لا تنتمي إلى أية قوة خارقة خرافية، وإنما هي قوةُ الله التي ينزلها على أوليائه الذين يدافعون عن أرضهم وعرضهم وقضيتهم وحقهم في العيش الكريم في بلدهم وبدون أية وصايات، وإذا كان تطورُ الدفاع عن الوطن قد وصل إلى هذا المستوى من الإنجاز فماذا ستحمل الأيامُ القادمة لقوى العدوان من مفاجآت؟ وماذا ستحمل للشعب اليمني الصامد من بشارات فهذه الأسئلة هي ما تتبادر إلى أذهان أبناء هذا الشعب العظيم وهي أيضاً ما ستكشفه لنا قواتُنا المسلحة بمختلف أنواعها في قادم الأيام مواكبات وقويات إذا تم نشرهن فاعملوا لنا إشارة وإذا ما بش مجال ردوا علينا من أجل ننشرهن لا يتأخرين.