محافظ لحج الشيخ أحمد جريب في حوار لصحيفة المسيرة: الأحداثُ في الجنوب صراعُ نفوذ لمشاريع العدوان
الصراعُ بين مرتزقة العدوان يهدفُ إلى التمزيق واستغلال الثروات واستمرار هيمنة التحالف
انتصارات ما يسمى بالشرعية هدفُها تحسينُ صورة دول العدوان أمام المجتمع الدولي؛ كونها جاءت تحت هذا المبرّر
موقف السعودية الداعم لما يسمى بالشرعية في شبوة أتى بعد تنازلاتٍ كبيرة من قبل حكومة الفارّ هادي
شعارُ فك الارتباط الذي يرفعه الانتقالي يراد منه المتاجرة وقبولهم بتواجد طارق عفاش يفضحهم
القضيةُ الجنوبية قضية حق لا نقاش حولها والوحدةُ مكسبٌ وطنيٌّ ومصيرها يقرّره كُــلُّ اليمنيين
أبناء المحافظات الجنوبية يرفضون الممارسات التي ارتكبها أذنابُ العدوان بحق أبناء المحافظات الشمالية؛ لأَنَّها ليست من أخلاق اليمنيين
محافظ لحج الشيخ أحمد جريب في حوار لصحيفة المسيرة:
الأحداثُ في الجنوب صراعُ نفوذ لمشاريع العدوان الضحيةُ فيها أبناءُ اليمن شمالاً وجنوباً والوحدةُ مكسب وطني
الأحداثُ في المحافظات الجنوبية تتسارع، صراعٌ بين مشاريع الغزاة التي تعارضت، ولكنها حتى الآن لم تصل إلى حالة الصدام المباشر بين دول العدوان، حَيْــثُ ما تزال عبر الوكلاء من المرتزقة اليمنيين مع غموضٍ في مستوى التنسيق بين السعودية والإمارات.
حربٌ في عدن انتقلت سريعاً بعد سيطرة الانتقالي عليها إلى أبين، ثم شبوة التي ما تزال المعارك تحتدم فيها ولا يُعرف حتى الآن كيف ستحسمها دول التحالف بناءً على مصالحها.
ولأن التطورات وصلت إلى مرحلةٍ خطيرةٍ كان لا بد من وضع الرأي العام في صورة هذه الأحداث، حتى تتضحَ الصورة أكثرَ عن حقيقة هذا العدوان، حَيْــثُ أجرت صحيفة المسيرة لقاءً صحفياً مع محافظ محافظة لحج، الشيخ أحمد جريب والذي كان على النحو التالي:
حاوره | فاروق علي
– نرحّب بكم شيخ أحمد جريب بدايةً سيادةُ المحافظ.. تطورات متسارعة على الساحة السياسية في بعض المحافظات الجنوبية كيف تنظرون إلى هذه التطورات سيما أنها تدفعُ نحو تمزيق الوطن؟
ما يحدث اليوم في المحافظات الجنوبية هو مؤامرةٌ من قبل دول العدوان والفارّ هادي على أبناء المحافظات الجنوبية؛ بهدف استغلال الثروات وتمزيق الأرض، تحت شعار استعادة دولة الجنوب الذي يستخدم لاستمالة أبناء هذه المحافظات، فبعد التطورات الأخيرة بين مرتزقة العدوان بشقَّيهم الإماراتي والسعودي، تسعى الإمارات للضغط على هادي حتى تضمنَ مصالحها ونفوذها؛ لأَنَّها ترى أن الحق لها في ذلك؛ بسَببِ تدخلها العسكري في اليمن، من خلال دعم المجلس الانتقالي والقضاء على ألوية الحماية الرئاسية التابعة للإصلاح وهادي وعلى أي تواجد لما يسمى الشرعية.
هذا كله يحدث بتنسيق بين الحلفاء، فتُمرّر فيها أطماع العدوان، وهذا ما يفسّر التماهيَ السعودي الذي حقيقةً وصل إلى قناعةٍ بعجزها عن الحسم العسكري، ولم يتبقَّ لما يسمى بالشرعية من أهمية لدى السعودية سوى أنها تُبرّرُ تدخُّلَها العسكري وتغطية جرائمها، وما يهمها في محافظة عدن أن تحافظ على رمزية المعاشيق لا غير، ومع الأحداث الأخيرة التي أَثبتت أن هناك صراعاً حقيقياً بين دول تحالف العدوان باختلاف غاياتها والتي تدخلت من أجلها.
طبعاً الضحيةُ هو المواطن في المحافظات الجنوبية، فهو تحت تضليلٍ كبيرٍ جداً ويُعزى ذلك؛ لعدم وجود المرجعيات واستغلال مظلومية أبناء الجنوب التي لا يمكن إنكارها.
– المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً يرفع شعارَ استعادة دولة الجنوب، حَيْــثُ أنه نظّم مظاهرةً لمناصريه.. هل المجلسُ الانتقالي هو الحاملُ للقضية الجنوبية؟
كما تحدثتَ، المجلسُ الانتقالي يرفع شعار فك الارتباط؛ من أجل التضليل على المواطنين وللمتاجَرة بهذه القضية المحقة، ولكي يستغلَّ مظلومية أبناء المحافظات الجنوبية، لكن في الحقيقة المظاهرةُ التي جمع لها الانتقالي لا تعبر عن المزاج الشعبي الجنوبي، وذلك بالنظر إلى الحضور الذي كان محدوداً، ولو عُدنا بالزمن قليلاً فجميعُ المكونات السياسية اليمنية اعترفت بالقضية الجنوبية وعلى رأس هذه المكونات أنصارُ الله، الذين تبنّوها في مؤتمر الحوار، وهي فعلاً قضيةٌ محقةٌ ومظلومية لا نقاش حولها، ولكن تبقى الوحدة مكسباً وطنياً كَبيراً وخطًّا أحمرَ لا نقبلُ المساس بها، ويجب علينا الحفاظ عليها، وأن مصيرها مسؤولية ثلاثين مليون يمني، فكما كان الدخول فيها قرارَ الشعب اليمني من أقصاه إلى أدناه، فكذلك تقريرُ مصيرها تقع على عاتقهم جَميعاً، وهؤلاء الذين خرجوا، البعضُ منهم خرج تحت ضغوطٍ والبعضُ غرّر به كما تم إغراء كثيرين، وفي المحصلة لا يُمثل هؤلاء تطلعات الشارع الجنوبي، الأمرُ الذي يبعث الحسرة في أن تحالف العدوان لم يُقدّم لنا في الجنوب سوى المزيد من القاعدة والإرهاب؛ بهدف إذكاءِ الصراعات وتمزيق النسيج الاجتماعي وإغراق اليمن بالفوضى.
– ما يُسمى بالشرعية وممثلوها في عدن كانت ثقتُهم كبيرة في أن الأمورَ لن تخرج عن سيطرتهم والتي تُعزى ربما إلى تطمينات سعودية.. ما الذي تغير حتى تذهب الأحداثُ في هذا الاتجاه؟ أَو ما الذي حدث؟
قبل الفوضى الأخيرة، التي جرت في الأسابيع الماضية، السعوديةُ قامت بإرسال ثلاثة ألويةٍ عسكريةٍ، اللواءُ الأولُ وصل إلى المكلا، واللواءُ الثانيُ وصل إلى أبين، واللواءُ الثالثُ وصل إلى عدن بعدَ ذهاب وزير داخلية حكومة هادي إلى الرياض أحمد الميسري، الذي اشتكى من استفزازات المجلس الانتقالي، حتى أن ممثلي هادي وجزءاً من الشارع اليمني الجنوبي اعتقدوا أن وصولَ هذه القوات كانَ من أجل مساعدة قوات ما يسمى بالشرعية؛ من أجل تثبيت الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب، لكِنّ ما حصل أنّ هذه الأَلْويةَ وقفت إلى جانب قوات الانتقالي ضد ألوية الحماية الرئاسية، حتى تمكّنت قوات الانتقالي من السيطرة على هذه الألوية، في ظل صمتٍ مطبق من دول تحالف العدوان ومن يقف خلفها.
وبعد أن سيطرت قوات الانتقالي، تحَــرّكت السعودية وقدّمت دعوةً للطرفين لضبط النفس، إذ أنها تسعى من خلال هذه التصرفات وهذه الفوضى، إلى استغلال ومقايضة الطرفين؛ لكي يقدمَ كُلٌّ منهما تنازلاتٍ أكبرَ، وهذا ما يفسر الموقف السعودي، بالإضافة إلى خشيتها من انفراط تحالف العدوان أي “انسحاب الإمارات”، أَو تصادم الأهداف معها، فهي لا تستطيعُ التخلِّي عن الشريعة ولا يمكنها الوقوف ضد المجلس الانتقالي، فكان هذا الخيار المسارَ الوحيدَ للسعودية والذي ينُمُّ عن تفاهمات بينها وبين والإمارات.
– الإمارات أعلنت قبل عدة أسابيعَ عن سحب بعض قواتها من اليمن، ما علاقة الخطوة هذه وبين التطورات التي تلت هذا الإعلان الإماراتي؟
إعلانُ الإمارات سحبَ قواتها من اليمن لم يكن انسحاباً حقيقياً، فهي قامت بإعادة تموضع وترتيب لصفوفها؛ وذلك لعدة أسباب، من جهة تنفيذ المخطط المتمثل بالفوضى الذي حدث، والذي لا يضعُها في موقف محرج أمام المجتمع الدولي ويحملها مسؤولية الانقلاب، بالإضافة إلى خشيتها من تزايد القدرات العسكرية اليمنية للجيش واللجان والذي جعل تعرضها لضربات عسكرية شيئاً بديهياً ومتوقعاً، حَيْــثُ وجّهت رسالةً لصنعاءَ حتى لا تطالها الضربات اليمنية، كما أنها وضعت السعوديةَ أمام تَحَدٍّ صعب تبيّن من خلالها حالةَ التخبط الذي انعكس على تحالفهم بعد أن وصلوا إلى قناعة باستحالة الحسم العسكري لصالح التحالف وبعد الفشل خلال السنوات الخمس من العدوان، وأن هذا التحالف يعيشُ حالةً من الارباك، حيثُ أنه يصدر الأمرَ وضدَّه في نفس الوقت، فمثلاً السعودية كانت مع الانقلاب في عدن ولكنها بعد أن اكتمل دعت الجميعَ إلى الحوار مع ما يسمى بالشرعية، وهي تهدف أيضاً كما قلت إلى كسب المزيد من التنازلات من الطرفين.
– كما يعرفُ الجميعُ تم نقلَ مؤسّسات الدولة من قبل ما يسمى الشرعية إلى ما قالوا إنها العاصمة المؤقتة، هل ما تزال مبرّرات نقل مؤسّسات الدولة إلى عدن قائمة مع الفشل الأمني؟ وما انعكاسات ذلك على ما تسمى بالشرعية؟
طبعاً التحالفُ لا يملك أيَّ مشروع، فمشرُوعُه هو تدميرُ اليمن، والحرب لا تستهدفُ -كما رُوِّجَ لها- أنصار الله فقط، بل إنها مؤامرةٌ على الشعب اليمني من تمزيق البلد؛ ولذلك عمليات نقل مؤسّسات الدولة لم يكن الهدف منها إعادةَ ما يسمى الشرعية، بل كانت غايتُها التضييقَ على حياة اليمنيين جميعِهم، فالحظر على الطيران إلى صنعاء ونقل البنك برأيك من المستَهْدَف، هل هي تستهدف أنصار الله، أم أن المتضررين هم كُــلّ المواطنين اليمنيين؟، وهذا ينسجمُ أَيْــضاً مع الحصار الاقتصادي، وعليه لا تعني لهم الشرعية سوى محلّلٍ لانتهاك السيادة وفرض الأجندات ونهب الثروات؛ ولذلك لن يتم القضاءُ على ما يسمى الشرعية نهائياً.
– خلال تطور الأحداث الأخيرة في عدن ظهرت بعض الممارسات المدعومة من تحالف العدوان عملت على إذْكاء الورقة المناطقية، تمثلت بترحيل وإهانة بعض المواطنين، كما عملت على استخدام الورقة المذهبية من بداية العدوان، كيف تنظرون إلى ذلك؟
هذه الممارساتُ التي حدثت في عدن أتت ووُجدت مع العدوان، فمن يقوم بهذه التصرفات هي عصاباتٌ ترتبط بالعدوان، وأُوكلت لها هذه المهمة، وهذه التصرفات دخيلةٌ على ثقافة الشعب اليمني، التي أراد العدوان منها تمزيقَ النسيج الاجتماعي، وخلقَ حالة من ردة الفعل هنا في المحافظات الشمالية ضد أبناء المحافظات الجنوبية، حتى يُكرس الصراع إلى “مناطقي”، كما حاول العدوان في بدايته إبرازَ الصراع في اليمن على أنه مذهبي، ولكنه فشل، وكما فشل في خلق الصراع المذهبي سيفشل في المناطقي؛ لأَنَّ الشارعَ الجنوبيّ والشرفاء من القبائل والقيادات لم يقبلوا بهذه الممارسات، حَيْــثُ خرجت الكثيرُ من الإدانات الرافضة لهذه السلوكيات، وبأنها لا تلبي تطلعات الشارع الجنوبي.
– بالطبع تابعْتَ النهاية الدرامية للأحداث في عدن كيف تُقيّم تصريحاتِ وزير داخلية هادي الأخير قبل مغادرته عدن؟
نهايةٌ طبيعيةٌ لكل من يقاتل في صفوف الأعداء، ومع ذلك كان تصريحُ الميسري -لأنه تحدث بأنه سيتم ترحيلُهم قسرياً- مؤلماً؛ لأَنَّهم في النهاية يمنيين، لكن ما الذي جعل هؤلاء يستمرون في صفوف هذا العدوان؛ لأَنَّهم سُلبوا كُــلَّ شيء، ويتم التعامل معهم باحتقارٍ كبيرٍ، ولكنهم للأسف لم يستفيدوا من هذه الدروس خاصة وأن اليمنيين يحملون الكثيرَ من القيم التي تؤكّــد على الكرامة والعزة وعدم الارتهان.
– باعتبار الرمزية التي تحملها عدن بالنسبة للجزء الجنوبي من الوطن.. هل سينعكس ما حدث في عدن على بقية المحافظات الجنوبية سيما أن أبين وشبوة ذهبتا في هذا الطريق؟
ما يحدث في عدن يراد أن يُطبَّقَ على بقية المحافظات الجنوبية الأخرى، وهذه من الثوابت، فالتوقيتُ الزمني لهذه التطورات أتى من أجل تشتيت المواطنين بعد انكشاف تحالف العدوان، حيثُ باتت القناعة لدى الجميع بأن التحالف لم يأتي من أجل سواد عيون اليمنيين، وبدأت الأصوات تتعالى ضد التحالف، فاستخدمت دول العدوان أوراقها التي عملت على بنائها منذ بداية العدوان، فهي تسابق الزمن في تنفيذ أجندتها.
– شهدت محافظة شبوة صراعاً في البداية، سيطر الانتقالي ومن ثم تحول المشهد لتسيطر قوات هادي والإصلاح.. لماذا فشلت قوات الانتقالي في السيطرة على شبوة وما علاقة ذلك بالدور السعودي هناك؟ وهل سترتدّ هذه التطورات على محافظتي عدن وأبين؟
إذا نظرنا للأحداث الأخيرة، فإننا سنجد أنه عند ما كان المجلس الانتقالي يحقّق إنجازات على الأرض، كانت السعودية تجري ضغطاً على الشرعية؛ حتى تتنازل أكثر؛ لذلك حقيقةً الصراعُ هناك أشبهُ ما يكون بالمفاوضات بين طرفي النزاع الانتقالي والشرعية، ومن ورائهما دول العدوان، وعليه فإنّ موقف السعودية المناصِر للشرعية وتمكينها من السيطرة على شبوة، يعد جزءاً مما تم الاتفاق عليه في التفاهمات التي ترعاها السعودية، والتي تتمثل في إعادة ماء الوجه للشرعية عقب الإهانة التي تعرضت لها في عدن وأبين؛ بهدف تهدئةِ قيادة الشرعية ولو قليلاً، وتمهيداً لإيقاف قيادة الشرعية من قبل السعودية عن المطالبة بإخراج الإمارات من تحالف العدوان؛ كَون السعودية غير قادرة على إدارة الحرب في اليمن بمفردها.
وتسعى السعودية أيضاً من خلال ذلك إلى إظهار صورة طيبة لها أمامَ المجتمع الدولي والعالم، وتأتي هذه التحَــرّكات من قبل السعودية كمحاولةٍ منها لطمس معالم انقلاب الانتقالي على ما يسمى بالشرعية، وللتغطية على الدعم الإماراتي؛ باعتبارِ الإمارات هي الراعيَ والمُمولَ الرسمي لانقلاب الانتقالي في عدن، وتأتي المساعي السعودية هذه بعد أن تمت تعريةُ الإمارات من قبل مندوب ما يسمى بالشرعية في مجلس الأمن.
وتُظهر جميع التحولات السابقة في موقف السعودية تجاه الشرعية في شبوة، بأنها تُعبّر في مجملها عن محاولة السعودية لإيصالِ رسالةٍ للعالم تَظهر فيه أن السعودية لا زالت ثابتةً ومستمرة إلى جانب الشرعية في اليمن؛ لكي لا تؤثر المستجدات الحالية على المواقف الدولية التي استندت من خلالها السعودية في العدوان على اليمن.
– تتحدث عن ضغوط ومقايضات سعودية مع ما يسمى بالشرعية.. ما الذي اشترطته السعودية؟
حسب المعلومات التي لديَّ، فإن السعوديةَ وضعت شروطاً أمام ما يسمى بالشرعية قبلَ الوقوف إلى جانبها في شبوة، حَيْــثُ أنّ من ضمن هذه الشروط التي تهمّ السعودية بالدرجة الأولى، عدمَ قيام الشرعية -بعد تمكينها من السيطرة على عتق- بالتمدد إلى الأماكن النفطية المتباعدة في محافظة شبوة وحضرموت، حَيْــثُ تسعى السعودية في الحفاض على مصالحَ استثماريةٍ أُبرمت تحت صفقات بين أطراف متعددة منها محلية وأخرى دولية.
فتَحوُّلُ الأحداث في المحافظات الجنوبية، ابتداءً من شبوة وما سيليها في أبين لصالح ما يسمى بالشرعية، هو سعي سعودي؛ للحفاظ على التوازن بين الانتقالي والشرعية، ومن أجل تسوية الأرضية لحلٍ سياسيّ يكون الانتقالي جزءاً من الشرعية ويُقلص فيها دور الإصلاح.
في المجمل، ما يدورُ في العلن يختلف عما يدور خلف الكواليس وَبشكل سري في الرياض، وأن جميع هذه التغيرات تهدف إلى خلق كياناتٍ متعددة تُمثّل أطراف الصراع في اليمن، وهذه الكيانات متفقٌ عليها إقليمياً ودولياً، كنوع من تسوية الأرض، وتمهيداً لمبادرات دولية قد تأتي متأخرة عقب استكمال الترتيب لها.
– خطابُ السيد عَبدالملك الأخير تحدث عن تطورات الأحداث في المحافظات الجنوبية.. كيف تلقى أبناء الجنوب ذلك؟
أما بالنسبة لأنصار الله، فموقفُهم منذ مؤتمر الحوار الوطني كان يناصر القضية الجنوبية بشكل كبير، ولكنّ تدخل دول العدوان عَمِل على تهييج أبناء المحافظات الجنوبية من الناحية المذهبية، الذي جعل الكثير ينساق وراء مشاريع العدوان سيما أنه بعد حرب (94) استغلَّ الإصلاحُ المحافظات الجنوبية، في نشر الفكر الوهابي، حتى أن معظم الذين قاتلوا مع الإرهابيين في دمّاج كانوا من أبناء المحافظات الجنوبية؛ نتيجةً لغياب المرجعيات ولذلك من السهل استغلالهم بعد التحول من الفكر الاشتراكي إلى الفكر الوهابي، فاليوم من كانوا يدفعون الناس لقتال الجيش واللجان في الجنوب يدفعون الثمن، وهُنا أعني خطباءَ المساجد، حَيْــثُ كانوا يعبِّئون الناس بوجوب مقاتلة ما يسمى بالروافض، واليوم يدفعون الثمن وتتم تصفيتهم.
– شيخ أحمد جريب هل هناك رسالةٌ تودُّ أن تقولَها في نهاية هذا الحوار؟
نوجّهُ كلمةً بهذا الحوار، وَأَيْــضاً بهذه المناسبة العظيمة، ونحن في العام الخامس من الصمود والثبات في وجه العدوان، فنقول للمخدوعين الذين ارتموا في أحضان العدوان أن عودوا إلى وطنكم، ونذكركم بالدعوة التي وجّهها لكم قائدُ الثورة حفظه الله ورعاه، في خطابه الأخير والتي دعاكم فيها للعودة إلى وطنكم والجلوس معكم على طاولة واحدة.
وهذا يعني أن القيادةَ السياسية في صنعاءَ ليست مستحوذةً على السلطة، وإنما تدعو كُــلّ القوى والمكونات للعودة إلى الوطن إلّا مَن تورطت أيديهم بالدماء وهم الكبار، أما البقيةُ يجبُ عليهم أن يستوعبوا وأن يفهموا وأن يستفيدوا من خلال هذه الخمسة الأعوام، فماذا قدّم لكم العدوان، وأن تسجّلوا لكم مواقفَ تاريخيةً قبل فوات الأوان، وإذا لم تعودوا اليوم معززين مكرمين وتصنعوا لأنفسكم موقفاً مشرفاً ضد العدوان، فسيُحسب عليكم هذا الموقف؛ لأَنَّ دولَ تحالف العدوان عندما تصل إلى التسوية السياسية ستسعى مباشرةً إلى التخلص منكم “أي المرتمين في أحضانها من المرتزِقة” مثلما حصل في سوريا، فالدول التي حاربت سوريا ودعمت الجماعات الإرهابية هي نفسها من سارعت في آخر المطاف لإعادة علاقاتها مع سوريا وإعادة فتح سفاراتها في سوريا، وأصبحوا هم معزولين في الخارج.