صراعُ الأدوات ومعادلةُ النار
زينب إبراهيم الديلمي
ماذا دَهَا الشرعيّةَ ودنبوعَها الأبلهَ، الذي تزعُمُ أنه سيعيدُ شرعيتَه الواهية التي انتهت بعد انتصار ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر؟ ماذا جرى لتحالف العدوان الذي افترى أنّه سينتصرُ وسيسحقُ الشّعبَ اليمني بتركيعه واستسلامه له؟ ماذا حدث للدُّمى المتصارعةِ فيما بينها والمتنافسة في السُّلطة والجور والاحتلال؟
خمسةُ أعوام انصرمت، وكلُّ تلك الأحلام المُراهِقة والعناوين الزائفة لم تصل إلى نتيجة واحدة على الأقل، الإجاباتُ أمامكم وبوضوح الشّمس..
أولاً: أن شرعية الدنبوع تُقيم نشاطَها في فنادق الرياض، فمن الغباء الفاضح أن يستعيدَ شرعيتَه المنتهيّة والمزعومة.. ولم تستطع هذه الشّرعية التي لا شرعيّة لها أنّ تصلَ إلى عدن على الأقل وتتحكّمَ بزمام الأمور.
ثانياً: أن تحالفَ الصبية المُراهقين الذين جاءوا يعيدون تمثالَ الشرعية -وليست بشرعية- لم يحقّقوا شيئاً من أهدافهم الوضِيعة.. بل برعوا في إظهار سلوكهم السيء وسُمعتهم المشؤومة وطموحاتهم الخياليّة، ولم يُنجِزوا من عدوانهم وغطرستهم إلاّ ارتكابَ المجازر، ولم يَجنوا إلّا الخزيَ والعارَ الأبديَّ والفشلَ المحتومَ..
ووصل الشّعبُ اليمني إلى ما وصله، فقد تُوّج بتاج العزة والصمود والثّبات.. وصنع ما أجبر العدوَّ في أن يكونَ مهزوماً وضيعاً بائساً باكياً قليلَ الشّأن.. اليمنيُّ الذي يريد العدوانُ إجبارَه أن يستسلمَ، قام وقاوم ونهض ورفض الحصار والخنوع.. ها هو يبتكرُ ويصنّعُ أحدثَ الطائرات والصواريخ؛ لتصلَ مداها إلى أهداف العدوّ الذي بات يُشكلّ خطراً على المستوى الاقتصادي..
ها هو اليمنيُّ الذي ليس من شِيَمِه الخنوعُ والاستسلامُ للطواغيت وعبيد المال، قد اعتصم بحبل الثّقة بالله.. واستند بإيمانه الكبير إلى نصر الله المؤزّر.. وتمسّك بهُوِيّته وصموده ونفيره واستنفاره وجهاده، فكيف سيُهزَمُ وهو يمتلكُ هذا الزّادَ الإيمانيَّ؟
ثالثاً: لا تزالُ أدواتُ العدوان تتنافَسُ فيما بينها في تجزئة اليمن وتقسيمها، وهذا ليس إلّا من أهداف العدوان ومؤامراته.. ومسألةُ التجزئة مرتبطةٌ بهذا العدوان الذي أثبت حقاً ما يحملُه العدوُّ وأدواتُه في الداخل من الإفلاس الإنساني والأخلاقي والطمع الاحتلالي، وكما أشار السيّدُ القائد -حفظه الله- في أن هذه المكونات العَمَاليّة التي التحقت بصف العدوان جعلوا من أنفسهم قُفّازاً تغطّي به قوى العدوان جرائمَها.. وهذا ما أسماه القائد بــ “الغباء السياسي”.
الآن وقد دارت رحى الحربِ المُستعرة بين الأدوات.. وكُلٌّ على حدة، تتنافسُ وتتصارعُ؛ لأجل مصالحها وأمانيها المراهقة وأصبح كُـلُّ طرف يلعنُ الآخرَ ويشتمُه ويحقره، ومن أسذج الأمور في أن الأدواتِ العَمَاليّةَ تتصورُ أن المحتلَّ يقدمُ لها الخدمات الجمّة؛ لأجل مناصرتها وتمكينها من السلطة والجاه؛ وإعادة الشرعيّة التي لا شرعية ولا قرار لها، كُـلّ هذه سخافات.. كُـلّ هذه مراهقات سياسيّة يتصورها بضعٌ من البلهاء أمثالُ الدنبوع.
وأخيراً: إن رسائل النّار التي عرضها القائدُ في كلمته الأخيرة في استمراريّة تطوير الصواريخ والطائرات تأتي في إطار تدشين مرحلة “توازن الرد والردع” وفتح مجال العلاقة الأخويّة مع الدول الإسلامية والعربية الرافضة للعدوان، ما ضجَّ العدوّ من سماعه هو تعيين الأستاذ: إبراهيم الديلمي سفيراً لبلادنا في الجمهورية الإسلامية في إيران.. وأتى هذا القرارُ في سياق دعوة القائد بالتمهيد لعودة العلاقات الدبلوماسيّة الرسميّة مع الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة، فمن البديهيّ أن ينزعجَ العدوُّ ويغتاظَ بشدة؛ لأنه لا يزال ينوي المكيدةَ في فرض الحصار على الشعب اليمني ومقاطعة العلاقات مع الدول الأُخرى.
ولن يكونَ هذا القرار الأخير الذي تلقاه العدوُّ كصفعة قاضية له.. بل ستكون الصفعاتُ أقوى حين ترى الدولُ التي ترغبُ بفتح العلاقات الأخوية مع سلطة المجلس السياسي الأعلى المعترَفة بها شرعياً وقانونياً.. وأيدينا ممدودةٌ نحو العلاقات الأخوية القائمةِ على الاحترام المتبادل مع شعوب الأمة كما قال القائد في كلمته؛ لأن قراراتِنا لا تأتينا من الكيانات الخارجيّة ولسنا ممَّن يخضعون لتلك القرارات كما يخضعُ لها من هم تحتَ إمرةِ الأجنبي؛ ولأن لدينا قيادةً حكيمةً تقر بذلك فنحن نتقيّدُ ونتمسَّكُ بها.. ونرى من هذه القرارات القياديّة أنها حريّةٌ لا عُبُوديّةٌ.. وليست كقرارات الأجنبي التي يراها عبيدُه أنّها عبوديّةٌ لا حريّة.