عبدُالملك العجري -عضو الوفد الوطني- في حوار لصحيفة المسيرة:
- لا نثق بدعوات الأمريكيين للتفاوض ونلتقي بهم بصفتهم معتدين وليس وسطاء
- روسيا عارضت العدوانَ ولديها رغبة بلعب دور أكبر في اليمن وأغلقت سفارتَها بسبب تقديرات أمنية غير دقيقة
- روسيا قدمت لنا رؤيةً لأمن المنطقة تركز على ثلاث قضايا منها الصراعُ في اليمن
- الطيرانُ المسيّر فأجأ العدوّ واستطاع تغييرَ معادلات الحرب كسلاح ردع فعّال
- السعودية أصبحت معزولةً ومنبوذةً وسيأتي يومٌ تلاحَقُ على جرائمها
- لن نشحتَ السلامَ من أحد وسنعملُ على إيقاف العدوان
- هناك تحوُّلٌ كبيرٌ في القناعات تجاه العدوان ودول كبرى تدعم السلام لكن يجبُ أن يُترجَمَ ذلك إلى مواقفَ معلنة
- العدوان وصل لقِمّة التصعيد العسكري والاقتصادي ولم يحقّق أهدافَه ولم يبقَ أمامه سوى الهبوط التدريجي
- جموع العائدين من المخدوعين تتزايدُ يوماً بعد آخر.
- القوى اليمنية المخدوعةُ ترى كيف انتهت علاقتُها بدول العدوان وهذا سيشكل دافعاً لتوحد اليمنيين وقرارُ تشكيل لجنة المصالحة جاءَ في الوقت المناسب
هناك تحوُّلٌ دولي كبير تجاه العدوان على اليمن ولن نشحتَ السلامَ من أحد
إلى جانبِ مهمته الرئيسية، بات الوفدُ الوطنيُّ يلعبُ دوراً دبلوماسياً كبيراً على مستوى التواصل مع ممثلي المجتمع الدولي والدول الكبرى ذات التأثير، أَو الضالعة في العدوان المستمر على اليمن، وضمن جهودٍ كبيرة يقوم بها الوفدُ؛ لإنهاء العدوان ورفع الحصار الجائر على اليمن، حقّق الوفدُ في هذا الإطار نجاحاتٍ كبيرةً أسهمت إلى حَــدٍّ ما في تغيير الرؤية الدولية للعدوان وكذلك مستقبله في ظل المؤشرات والحقائق القائمة ميدانياً وسياسياً.
وخلال الفترة الماضية شهدت تحَرّكاتُ الوفد الوطني واللقاءات التي يجريها مع ممثلي المجتمع الدولي والدول الكبرى تصاعداً كبيراً ومؤثّراً، وانطلاقاً من ذلك كان لنا في صحيفة المسيرة هذا الحوارُ مع عضو الوفد الوطني عَبدالملك العجري:
– من خلال تحَــرّكاتكم الدبلوماسية الأخيرة -أنتم ورئيس الوفد الوطني محمد عَبدالسلام- هل لمستم تغيّراً في النظرة الدولية إلى اليمن؟
بدايةً، نشكُرُ صحيفةُ المسيرة على ما تقوم به من دورٍ في مواجهة العدوان على اليمن، ورداً على سؤالك أستطيع أن أقول: إنّ هناك تحولاً كبيراً في القناعات تجاه العدوان على اليمن، خاصّةً من بعض الدول الكبرى الداعمة لدول العدوان، لكنّ المفارقة أنّ هذه القناعات لم تُترجم إلى مواقفَ بنفس القوة، في الضغط لوقف الحرب العدائية ودعم مسار السلام، خاصّةً من الدول التي لديها القدرةُ على التأثير ولديها مصالحُ كبيرةٌ من دول العدوان، هذه الدولُ أصبحت على قناعةٍ تامّة بفشل دول العدوان وأنّ استمرارَ الحرب لا يمكنُ أن يحقّــقَ أيَّ هدف، بل يزيدُ الأوضاعَ تعقيداً ولغير صالح دول العدوان، ولكنها لا تريد أن يؤثرَ على مصالحها أو تخسرَ مصالحَها مع دول المال الخليجية، ويمكن أن نصنّفَ موقفَ المجتمع الدولي والإقليمي إلى دول شرعت في اتخاذ خطوات ومواقفَ أكثرَ حزماً، سواء بوقف مبيعات السلاح أو بالمواقف السياسية ومعظمها دول أوربية , ودول كانت حليفة وأصبحت في حالة عداء أو خلاف مع السعودية والإمارات، وتحاول أن تنأى بموقفها عن السعودية، ومعظمُها دولٌ إقليمية عربية وإسلامية، ونتلقى منها رسائلَ بطريقة معلَنة أو غير معلنة؛ لتوضيح موقفها مما تقومُ به دول العدوان؛ وإبداء تعاطفها مع الشعب اليمني؛ وتأييدها للسلام، وهناك دول مواقفها لا زالت متذبذبة رغم قناعتها بفشل الحرب مثل بريطانيا وأمريكا وفرنسا، فهي في النهاية تَهُمُّــها مصالحها ويمكنُ أن تقدمَ النصيحةَ للسعودية أو تحاولَ إقناعها بأن الحربَ لم تعد لصالحها، وممارسة بعض الضغوط التي لا تؤثر على مصالحها، لكنها تنتظر موقفَ دول العدوان، ولكن إذا كانت السعودية والإمارات مصممتَين على الاستمرار فهم الخاسرون، أما تلك الدول فلن يخسروا شيئاً؛ لأنهم مستفيدون من الحرب لبيع السلاح.
وبشكلٍ عام عندما انتقلت أنا والأخ محمد عبدالسلام قبل أكثرَ من عام ونصف عام، إلى سلطنة عُمان، بعد غياب استمر لأكثرَ من عام دون وجود من يتحَــرّك في الخارج، تفاجأنا بحجم التضليل الذي استطاعت دولُ العدوان أن تتركَه في وعي الأطراف الدولية، وكنا نتلقّى أسئلةً غريبة تتعلق بهُـوِيَّتنا الثقافية والإمامة، ورفضنا لنتائج الحوار، ومطالبتنا بإقليم خاص بنا في شمال الشمال، وتصويرنا بجماعة لديها مطالبُ طائفية، أو تصوير أنصار الله؛ باعتبَارِهم مجموعةً عِرقيةً تنتمي لأسرة الحوثي ونحوها من المزاعم الغريبة، فكنا نتفاجأ بطرح هذه الأسئلة، وكيف استغلّوا فترةَ الانقطاع والحصار المفروض علينا، وتبدّل معظم السفراء لخلق صورة نمطية مشوهة، لكن والحمدُ لله لم تمر فترةٌ على خروجنا إلا وقد اتضحت الصورة بشكل جيد، وصارت النقاشاتُ تتركز على قضايا ذات طابع سياسي منطقي، تتعلق بالوضع السياسي ومستقبل اليمن السياسي وعلاقاته الخارجية، وغابت الفرضياتُ والأسئلة الغريبة.
– من هي الدولُ التي لا زالت متحمسةً للحرب على اليمن؟
أعتقد أنّ على رأس هذه الدول بعد السعودية إسرائيلَ، فهي داعمةٌ لاستمرار الحرب بقوة، بمواقفها وبتأثيرها على لوبيات الضغط داخل الولايات المتحدة، أو من خلال الدعم اللوجستي، تليها الولاياتُ المتحدة وهي -كما نعلم- طرفٌ أَسَاسيٌّ، وأنّ موقفها معلَنٌ في الحرب العدوانية أكثرَ من أية دولة غربية أُخرى، ولا زال الموقفُ الأمريكي منقسماً، فبومبيو وزير الخارجية وآخرون في الإدارة الأمريكية لا زالوا داعمين لاستمرار الحرب، وملتزمين بتقديم الدعم اللازم للسعودية، وإلى جانب هذا الرأي هناك رأيٌّ آخرُ يضغَطُ لأسبابٍ كثيرة ليس من بينها -بطبيعة الحال- دوافعُ إنسانية تجاه اليمن، وهذا الرأي لا يؤيد استمرارَ الحرب، ويرى ضرورةَ قيام حوار مباشِر بين اليمن والسعودية.
– ما حقيقةُ التسريبات الأمريكية حول التوجّـه الأمريكي للتفاوض معكم والتوصل لاتّفاق وقف إطلاق النار في اليمن؟ وَإذَا كان ذلك صحيحاً كيف تقيّمون ذلك من ناحية جدية واشنطن أم أنها مُـجَـرّد مراوغة جديدة؟
نحن موقفنا منذ البداية، أنّ الولاياتِ المتحدةَ الأمريكية شريكٌ أَسَاسي في العدان، ويتحملُ مسؤوليةً قانونية وأخلاقية عن كُـلّ تداعيات العدوان، منها الجرائم التي يرتكبها طيرانُ تحالف العدان، وإدارة ترامب بالذات تعتبرها جزءاً من حربها على إيران ودول وحركات المقاومة التي تتهمُها بأنها تقفُ عقبة أمام كُـلّ مشاريعها في المنطقة، مِن أُوسلو إلى الشرق الأوسط الجديد والكبير إلى صفقة القرن التي يُبشّرُ بها صهر ترامب، فمن الطبيعي أن يكونَ هناك حوارٌ معها؛ باعتبَارِها جزءاً من الحرب، وتمتلك الكثير من مفاتيح وقف الحرب العدوانية على اليمن، واللقاء معهم ليس بصفتهم وسيطاً بل خصوماً، ومن الطبيعي أن يُجرَى لقاء وحوار بين الخصوم، سواء أمريكا أو السعودية ورغم موقفنا المبدئي هذا إلّا أننا ننظرُ للدعوات الأمريكية بنوع من الريبة ونشك في جديتها ودوافعها، سواء انتخابية أو للتخلص من ضغوط الرأي العام، أو لإبراء الساحة الأمريكية ونحوها، وربما الأسابيع القادمة كفيلةٌ باختبار جدية الولايات المتحدة وَصدق دعواتها.
– وماذا عن روسيا وخَاصَّة أنكم التقيتم نائبَ وزير الخارجية الروسي مرتين، مرةً قبل أكثرَ من شهر حين تلقيتم دعوةً من موسكو والتقيتم مبعوث بوتين وَالمرة الثانية هذا الأسبوع عند زيارته لسلطنة عُمان؟
موقفُ روسيا من البداية كان معارِضاً للحرب وداعماً لاستمرار مواصلة جهود بن عمر حينها، وظلّت سفارتُها في صنعاء مفتوحةً إلى نهاية 2018م، وإبقاء سفارتها مفتوحةً كان محاولةً لتمييز موقفها عن الدول الخمس، لكن في حدود لا تصلُ لخلاف مع الرياض، وإغلاق سفارتها في نهاية 2018 كان لتقديراتٍ غير دقيقة، وأن الوضعَ ربما لن يبقى مستقراً في صنعاء، ولم يكن نتيجةً لتغيُّر في الموقف، وسياسةُ روسيا في اليمن هي التحدّث مع الكل أو إقامة علاقات مع الكل، سواء الخليج أو القوى اليمنية، وهو يختلفُ عن موقفِها في سوريا لأسبابٍ لا نريدُ سَرْدَها، والتطور الحاصل في الموقف، أنّ روسيا تريد أن تثبتَ مكاسبَ تُدخلها في سوريا وتلعَبَ دوراً أكبر، الأمر الذي يسمح لها بموازنة ومنافسة الدور الأمريكي؛ لتثبيت ميزان قوى جديد على أَسَاس المكاسب والخسارات التي طرأت على المعادلة الإقليمية منذ عقدَين من الزمن، والطرف الخاسر فيها كما سبق، أمريكا وحلفاؤها، وتثبيت أية خسارة لأمريكا وحلفائها في المنطقة أمرٌ جيدٌ بالنسبة لليمن وكل دول وحركات المقاومة، فكلُّ خسارة لأمريكا هي مكسَبٌ، وبوجود دولة محورية مثل روسيا تملك حَــقّ الفيتو وأن المشروعَ الروسي مدعومٌ من الصين وعدد من الدول الأوربية، فهذا الأمر سيقطع الطريق على محاولات استعادة أمريكا هيمنتَها في المنطقة.
ومن جهة أُخرى، الموقفُ الروسي يؤكّـدُ على نفس المبادئ التي نعتبرها أَسَاسيةً لحل الصراع، وأهمها التأكيد على الاحترام المتبادل، والاستقلال والسيادة وتكافؤ جميع الدول، وسلامتها الإقليمية وهُـوِيَّتها الوطنية، وعدم التدخل في شؤون الغير، والمصلحة الوطنية من حَــقّ كلّ دولة، وأن تدبّر أمور وجودها الوطني بعيداً عن أي تدخّل أو تخريبٍ أو إكراه خارجي حَــقٌّ لا نقاش حوله.
-هل تتوقع أن تلعبَ روسيا دوراً أكبرَ في المِـلَـفّ اليمني؟
روسيا رغم نقاط الالتقاء الكثيرة معها، لكنّها عالقةٌ في شرنقة الشرعية الدولية؛ بسبب موقفها مع سوريا وقد شرحنا للروس أنّ رؤيتنا للحل السياسي لا تتعارضُ مع الشرعية الدولية، وهناك فرقٌ كبير بين الشرعية في سوريا واليمن، ففي سوريا هناك رئيس وجيش ومؤسّسات دولة إدارية وأمنية وتشريعية قائمة وتمارسُ سلطاتها على كلِّ مناطق سيطرتها، لكن في اليمن الأمر مختلفٌ تماماً فما تسمى الشرعية قد فقدت كلّ مبرّرات استمرارها دستورياً وفعلياً، وما تبقى لها أي وجود حتى رمزي في عدن، وقد قلنا لهم أنتم في مصرَ دعمتم سلطةً تعتبر انقلابية، وَفْــقاً لمفهوم الشرعية لديكم، وفي لقائنا الأخير لاحظنا أن هناك رغبةً روسية بأن تلعبَ دوراً أكبر، خَاصَّةً والظروف أصبحت مواتيةً، وبالمناسبة روسيا قدّمت لنا رؤيتَها لأمن المنطقة، وهي تنظيم مؤتمر دولي حول الأمن والتعاون في منطقة الخليج، ويركّزُ على ثلاث قضايا تمثل أولويةً منها الصراعُ في اليمن، وهي تعكس -كما أسلفتُ- الرغبةَ في لعب دور أكبر.
– هل ترَون لتطور وسائل الردع اليمنية علاقةً بالحراك الدولي تجاه اليمن وهل تتوقعُ نهايةً قريبةً للعدوان؟
هناك عدةُ عواملَ وراء هذه التحولات في المواقف الدولية، وبطبيعة الحال في المقدمة منها الصمودُ الأسطوري الذي أبداه الشعبُ اليمني في مواجهة جبهة عدوان تمتدُّ من الخليج إلى المحيط، ووصولهم لقناعة تامّة أن إزاحةَ القوى الوطنية والسلطة الوطنية وأنصار الله من المشهد السياسي، أَو إلحاق هزيمة عسكرية بهم أمرٌ غير وارد، ولو استمرت الحربُ لأعوام إضافية، والأمر الآخر أنّ الحربَ أصبحت تعْطِي مفاعيلَ ونتائجَ مغايرةً لأهداف دول تحالف العدوان وداعميهم الغربيين، فمن جهة أن في تطوّر القدرات النوعية العسكرية عاملَ ردعٍ أظهر بأن هذه الدول أصبحت مكشوفةً، إمّا لطائرات أو صواريخ اليمن التي هي قادرةٌ على إلحاق أضرار تهزّ الاستقرار الاقتصادي لهذه البلدان ويهدّدُ مصالحَهم فيها، ولا سبيلَ لمنع وقوع هذه التهديدات إلّا بالحوار، وليس بالحرب التي ثبت فشلُها في إبعاد هذا التهديد بزعمهم، وقد لا حظنا القلقَ الشديدَ لدى الأطراف الدولية وحاولوا الضغطَ علينا.
الطيرانُ المسيّر كان مفاجأةَ الحرب، فلأول مرة في تاريخ الحروب تكونُ بهذه الفعالية، ويغيِّرُ من معادلات الحرب بشكلٍ لفت الأنظارَ إليه، كسلاح ردع فعّال، وأصبح بعضُ الخبراء يتحدّث عن مستقبل جديد للحروب تعتمدُ على التطور في تكنولوجيا المعلومات والرقائق الإلكترونية، ومن جهة ثالثة تفكُّكُ سلطة الفنادق وتآكُلُ شرعيتها وانتهاء سلطتها الفعلية ودخولهم في صراعات بينية عبثية، أضف لذلك حادثة مقتل خاشقجي التي لفتت أنظار العالم إلى بشاعة ووحشية النظام السعودي، وردة الفعل العالمية على جرائمهم في اليمن والأضرار البالغة التي لحقت بسُمعة السعودية والإمارات عربياً وإسلامياً وعالمياً وانفراط عقد ما يسمى بالتحالف العربي، وانصرافهم عن الرياض والخلاف بينهم وبين دول تحالف العدوان، وبعضهم دخل في صراع مباشر أَو غير مباشر معها، وآخرُ حلفاء السعودية وهي الإمارات يكادُ أن ينفَضَّ عنها، وبدلاً عن أن تعزلَ أنصارَ الله كما أعلنت ذلك ضمن أهدافها، تجدُ السعودية نفسَها معزولة يوماً بعد يوم، ومنبوذةً وقد يأتي اليوم الذي تصبح فيه ملاحَقةً على جرائمها.
ثمّ أخيراً، التصعيدُ الأخير بين إيران وأمريكا وحلفائها في المنطقة والعقوبات الأمريكية على إيران والحرب الاقتصادية التي أعلنتها إدارةُ ترامب، ودفعت المنطقة إلى حافّة الهاوية، تنذرُ باندلاع حرب إقليمية مدمّــرة، وهي حربٌ ستؤثر أَو تهدّدُ على نحوٍ جديٍّ، مصالحَ الغرب والدول الكبرى ما لم تحس أن مصالحَها مهدّدة لن تتحَرّك.
كلُّ هذه العوامل المتضافرة دفعت نحو قيام حراك دولي كبير؛ لمحاولة امتصاصِ التصعيد في المنطقة عموماً وإعادته للحدود الأمنية، واليمن إحدى بؤر الاهتمام الدولي في هذه المرحلة.
– من خلال لقاءاتكم الدبلوماسية.. هل نتوقع خطواتٍ دبلوماسيةً مماثلة لعلاقاتكم بالجمهورية الإسلامية الإيرانية في المستقبل القريب؟
العلاقةُ مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ببساطة، تنطلقُ من رؤيتنا الاستراتيجية للعلاقات الخارجية (كما أوضحها السيدُ القائد في غير مناسبة)، والتي تقومُ على الإيجابية في علاقاتنا مع عالمنا العربي والإسلامي، ولدينا الاستعدادُ الكامل لإقامة أفضل العلاقات مع كُـلّ الدول العربية الإسلامية، وهي علاقةٌ طبيعيةٌ لا علاقةَ انتماء مذهبي أَو تبعية سياسية، لكنّ الذي يحصل أنّ إيران تُرحّبُ بمثل هذه العلاقة، في حين أنّ بعضَ الدول -خَاصَّة في الجِوار- هي التي تتخذ مواقفَ عدائيةً وتعلن الحربَ علينا، هذا فيما يتعلق برؤيتنا كأنصار الله، أما كدولة يمنية فإيران دولة إسلامية، والدستور اليمني ومخرجات الحوار الوطني يطالبان الدولةَ بتطوير العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، وفقاً للمصلحة الوطنية وليس لمصلحة أية دولة أُخرى، ولا تنسى أن إيران داعمةٌ للسلام في اليمن بشكل قوي، وفي 2015م تقدّمت بمبادرة للحل وقدّمتها للدول الأوربية، وهذا ما لمسناه في زيارتنا الأخيرة للجمهورية الإسلامية.
وتعيين السفير في إيران يأتي في هذا السياق، علماً أنه من بداية تسلّم اللجنة الثورية السلطةَ وبعدها المجلس الأعلى، ونحن نعملُ على تعيين سفراء في أية دولة تقبلُ استقبالَ سفيرنا، وإيران أعلنت استقبالَ سفيرنا، فهل نقول “لا”؟ ممنوعٌ عليك استقبالُ سفيرنا، وسبق أن عيّنت اللجنة الثورية سفيراً في سوريا، وعيّن المجلسُ الأعلى مندوبةً في الأمم المتحدة.
– هل تتوقع أن يتقبّلَ المجتمع الدولي ما يفرضُه الواقعُ أَو شرعية الواقع؟
المجتمع الدولي في النهاية لا يستطيع إلّا أن يتعاملَ مع الواقع الذي أمامه، وقد عمل ما بوسعه لعرقلة هذا الواقع، لكن في النهاية يذعن وكما هو حاصل الآن، فالمؤسّساتُ الدولية تتعامل مع سلطة صنعاءَ؛ باعتبَارِها سلطةً حقيقيةً، وتُعقَدُ معها اتّفاقاتٌ والتزامات، أضف لذلك أن أطرافاً دولية وإقليميةً تتعامل معنا ومع سلطة صنعاء؛ باعتبَارِها السلطةَ الحقيقية، وكلّما تغيّرت الحقائق على الأرض أكثرَ يعترفُ بك المجتمع الدولي بنفس القدر.
– باعتباركم عضوَ الوفد المفاوض كيف ترَون مستقبل الحل السياسي في ظل المتغيرات الأخيرة خصوصاً ما يتعلق بتآكل ما يسمى الشرعية؟
العدوان وصل الذروة ووصل القمة في التصعيد العسكري والاقتصادي والسياسي والحصار، ولم يحقّق الأهداف التي كان يتوقعها، وعندما تصل إلى القمة لا يبقى أمامك إلّا الهبوطُ التدريجي، و-بحسب اعتقادي- أن العدوانَ منذ أكثرَ من عام وهو في حالة هبوط وتراجع على كُـلّ المستويات، وبالعكس فالجبهةُ الوطنية لمواجهة العدوان في تصاعد على كُـلّ المستويات، وهناك توقعات بأن نهاية 2019 يمكن أن يكون نهاية العدوان، فما لم تستطع تحقيقَه وأنت في حالة الصعود لا يمكن أن تحقّقه وأنت في حالة الهبوط، والمنطقي أن يشكِّلَ هذا حافزاً لدول العدوان؛ للتفكير في وضعِ حَــدٍّ لحربهم العدوانية بعد أن تحولت لكارثة سياسية واقتصادية وإنسانية وأخلاقية وعسكرية وبدأت خياراتها تتضاءل عاماً بعد عام.
بشكل عام كُـلُّ المعطيات تذهب باتّجاه اقتراب موعد السلام، لكنّ المشكلة أنك أمام خصم لا يحْكُم تفكيرَه منطقٌ مألوف، ويصعُبُ التنبُّؤُ أَو التوقع بما الذي يفكّر فيه، ولكن يمكن توقع أيِّ تصرف منه، السعودية تراهن على عامل الوقت، وهذا العاملُ أعتقد أنه لم يعد لصالحها؛ لأن الوقت أصبح يعملُ لصالح اليمن والسلطة الوطنية والجيش واللجان الشعبيّة، وَإذَا لم تفكّر دولُ العدوان في الحل السياسي فَإِنَّ اليمن سيكسبُ المعركةَ بطريقته الخَاصَّة مع كُـلّ الغزاة. وَالتطوراتُ المفاجئة والدراماتيكية محلياً وإقليمياً تؤكّـد ذلك، ولا زالت الأيّام حُبلى بالمفاجئات، وَإذَا لم تسارعْ دولُ العدوان في الخروج من المستنقع الذي خلقته لنفسها في اليمن، فَإِنَّ خسارتَها ستكون ماحقةً ليس في اليمن فحسب بل في الإقليم.
نحن نتعاملُ بإيجابية كاملة مع الحلول السلمية، وأبوابُ السلام لدينا مُشْرَعَة على مصراعيها، لكن لن نشحَتَ السلام من أحد، وليس أمامنا إلّا وقفُ الحرب العدوانية علينا، إنْ بالسلام أَو بالحرب، والعاقبةُ دائماً لأصحاب الأرض.. فنحن أمام معادلة جديدة لحسم المعركة إمّا بالسلام أَو بالحرب.
– وماذا عن القوى اليمنية التي هي في خصومة معكم؟ وهل إعلان الرئيس المشّاط تشكيلَ لجنة المصالحة الوطنية يصُبُّ في هذا الاتّجاه؟
القوى اليمنية التي انخدعت بالعدوانِ ترى، والعالم يرى أيضاً كيف انتهت علاقتُها بدول العدوان، والسلوك الاستعلائي الذي لا يمكن أن يرضى به أي حر، وحالة التذمر وصلت لمستوىً غيرِ مسبوقٍ، وأعتقد أنها كلها ستشكّلُ دافعاً لتوحيد اليمنيين وتقاربهم، وقرارُ تشكيل المصالحة الوطنية جاء في وقته، وخطوةً تساعدُ في إعادة ترتيب البيت اليمني، وحشد كُـلّ القدرات والموارد والقوى؛ لإنهاء المحنة التي يعيشُها اليمنُ والمصالحة الداخلية والوصول لسلام داخلي، ومن شأنها أن تصُبَّ في خدمة معادلة الحسم بالسلام أَو بالحرب، وحشد كُـلّ الموارد لدحرِ العدوان، ولم يبقَ سراً أننا نتلقّى رسائلَ، وتحصل لقاءاتٌ معلَنة وغير معلنة، وجموعُ العائدين من المخدوعين تتزايدُ يوماً بعدَ آخر.