موقع فرنسي: طائراتُ صنعاء المسيّرة.. تفوقٌ يمني وانحسارٌ سعودي
“الكرة أصبحت في ملعب (الجيش واللجان) والاقتصاد السعودي لم يعد في مأمن من التبعات”
“ليس هنالك مجال للشك بأن الحرب السعودية على اليمن خاسرة بامتياز”
“اليمن الفقير تفوق على المملكة الثرية والأمريكيون والأوروبيون لن يحركوا ساكناً لإنقاذ السعودية من هذا المأزق”
أوضح أن الرياض فقدت السيطرةَ على زمام الأمور وأنها لا تمتلكُ القدرة الدفاعية للمواجهة:
المسيرة | متابعات
قال موقعُ “أجورافوكس” الفرنسي: إن الحربَ التي تقودُها السعوديةُ على اليمن اتضحت الآن بأنها “حربٌ خاسرة بامتياز” وأن السعودية باتت تواجه خطراً يهدّدُ بقاءَها، من خلال الهجمات الصاروخية والجوية اليمنية على منشآتها النفطية والاقتصادية، كما أكّـد أن الرياض فقدت القدرةَ على التحكم بمجريات العدوان الذي شنته على اليمن منذ أكثر من أربع سنوات، فيما أصبحت للجيش واللجان الشعبيّة قوةٌ لا يستهان بها من خلال ما تمتلكه من صواريخ وطائرات متطورة بعيدة المدى تجعلها قادرةً على ضرب الكثير من الأهداف الاقتصادية الكبيرة في السعودية وفي الإمارات، مُشيراً إلى أن الأخيرة استشعرت هذه الخطورة ولجأت إلى خطوة إعلان سحب قواتها لتفادي العواقب.
وأكّـد التقرير الذي نشره الموقع بعنوان “اليمن وطائرات الدورن.. تفوق حوثي وانحسار سعودي” أنه قد “جاء اليوم الذي أصبحت فيه السعودية غير قادرة على السيطرة على زمام الأمور في الحرب التي أعلنتها على الأراضي اليمنية منذ بضع سنين، ومن الواضح أنه لم تعد لديها القدرة الدفاعية اللازمة للتصدي ومواجهة الأسلحة الصاروخية الجديدة” التي بحوزة الجيش واللجان الشعبيّة.
وأضاف: “من المؤكّـد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الأسلحة سوف تشكّل مصدرَ تهديد حقيقي على المواقع الاقتصادية الحيوية التي يتمتع بها السعوديون، ويتضح ذلك من خلال الهجمات الأخيرة التي كانت مدمرة وحاسمة”، مُشيراً إلى عملية “توازن الردع الأولى” التي نفذها سلاحُ الجو المسيّر على حقل الشيبة النفطي، واصفاً تلك العملية بأنها “أهمّ عملية منذ بدء الحرب”.
وأوضح التقرير أن العمليات الأخيرة للجيش واللجان “كانت بمثابة عامل فعّال في الكشف عن وجود فشل كبير وتدهور حقيقي في صفوف ودفاعات قوات التحالف التي تقودها المملكة العربية السعودية”.
وأشَارَ إلى أن المسافة الممتدة بين حقل “الشيبة” والأراضي اليمنية والتي تبلغ قرابة 1200 كيلو متر، “تعد دليلا قويا ونافذا على القدرات الصادمة والتقنيات اللافتة للنظر التي تحظى بها الطائرات الحربية المسيرة عن بعد” التي يمتلكها اليمن، لافتاً إلى أن محقّقين تابعين للأمم المتحدة أكّـدوا أن “طائرات الدرون الحديثة التي يمتلكها الحوثيون –والتي أزاحوا عنها الستار مؤخّراً في ظل الحرب التي تقودها السعودية وحلفاءها على اليمن– قد يصل مداها إلى 1500 كيلومتر على الأقل”.
وعلى ضوء هذا، أكّـد التقرير أنه “من البديهي أن تغدوا حقولُ النفط السعودية ومحطة الطاقة النووية الإماراتية قيد الإنشاء ومطار دبي الدولي في مرمى ومتناول تلك الجماعة البسيطة التي تسيطر على جزء لا يستهان به من الأراضي اليمنية”.
وأضاف أنه من المرجح أن تلك الطائرات المسيّرة “تحوي من التقنيات المتطورة ما جعلها قادرةً على التخفي في نطاق رادارات العدوّ، الأمر الذي منحها إمْكَانيةَ مهاجمة بطاريات صواريخ باتريوت السعودية وكذلك القوات المتمركزة في نطاقها”.
وتطرق التقرير إلى الأبعاد الاقتصادية للهجمات اليمنية ضد العمق السعودي، حيث أوضح أن العمليات الأخيرة “سلّطت الضوء على حقيقة لطالما كانت مستبعدة، ألَا وهي أن أهمّ مواقع السعوديين أصبحت من الآن فصاعداً عرضةً للمخاطر والتهديدات”.
وأضاف: “إن البُعدَ الاقتصادي لتلك المخاطر يزيد من عجز الموازنة في المملكة العربية السعودية بنسبة 7٪. ومما لا شك فيه أنه في حال استمرار الضربات الجوية التي تقوم بتنفيذها الطائرات السعودية، سوف يشكل ذلك مزيداً من التكاليف الإضافية التي بالتبعية ستثقل كاهل النظام السعودي، الأمر الذي قد يؤدي إلى تهديد بقاء الدولة السعودية”.
وتابع مؤكّـداً أن “الكرة أصبحت في ملعب الحوثيين ولم يعد الاقتصاد السعودي في مأمن من التبعات”.
كما تطرق التقرير أَيْـضاً إلى انكسار العزلة السياسية التي فرضها العدوان على صنعاء، حيث أوضح أن زيارة الوفد الوطني الأخيرة إلى طهران، حملت دلالات واضحة على أنه لم يعد هناك من لا يعترف بسلطة صنعاء، مُشيراً إلى أن “العديد من المسؤولين الإيرانيين والبريطانيين والفرنسيين والألمانيين والإيطاليين وكذلك حركة أنصار الله اليمنية تبادلوا وجهات النظر حول إمْكَانية التوصل إلى تسوية سياسية بشأن الحرب المستمرة منذ زمن”.
وأضاف التقرير أنه “لطالما كان من الجلي منذ البداية أن تلك الحرب التي أشعل فتيلها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على الأراضي اليمنية في مارس 2015 بعيدة كُـلّ البُعد عن أية إمْكَانية لتحقيق أي شكل من أشكال النصر فيها، أما الآن وقد أضحت ملامح الصورة أكثر لم يعد هنالك مجال للشك بأن تلك الحرب خاسرة بامتياز (….) ومن هذا المنطلق يمكننا القول بأن اليمن البائس الفقير قد تفوق على المملكة الثرية”.
وأكّـد أنه “من المسلّم به جدلاً أن الولايات المتحدة الأميركية وكذلك هي الحال بالنسبة لأوروبا لن يحركوا ساكناً في سبيل مجرد المحاولة لإنقاذ الحليف السعودي من هذا المأزق الحقيقي”.
وأوضح التقرير أن السعودية باتت “مضطرةً للجوء إلى خيار التفاوض حول التسوية السياسية لإحلال السلام. الأمر الذي يفضي استدلالاً إلى ضرورة ملحة تتمثل في أن مطالب الجانب اليمني المتعلقة بميزانية إعادة بناء اليمن سوف ترتقي بما يتناسب ومستوى الدمار الذي خلفته الحرب..، وبعبارة أوجز، سوف تكون ميزانية الإصلاحات المطلوبة في غاية الضخامة. وعلى الأرجح أن الخيارات التي كانت متوفرةً أمام السعوديين بهذا الخصوص قد تصبح شبة معدومة.. وعليه، لن يكون أمامهم سوى القبول بتلبية كُـلّ ما سيتطلبه الأمر للوصول إلى تسوية مرضية للحوثيين في المقام الأول”.
وفيما يخُصُّ الإمارات، أشار التقرير أنها لجأت إلى الانتقال إلى خطوة الانسحاب من الساحة اليمنية مؤخّراً؛ نتيجة لخطورة الموقف الذي تواجهه، لافتاً إلى أن سعيها لاستمرار سيطرتها على عدن غير مضمون النجاح طالما وأن صنعاء ترفض أية إمْكَانية لتقسيم اليمن.
واختتم التقرير بالقول: “علينا أن ندرك جيَدًا بأن في ذلك درس ينبغي أخذه بعين الاعتبار والاستفادة منه. ولكن على ما يبدو أن واشنطن لا زالت تفتقر إلى القدرة اللازمة لاستيعاب ذلك والتعامل معه بكل مسؤولية”.