رؤية وطنية.. وحل سياسي شامل
إكرام المحاقري
ليست المرةَ الأولى أن يُصدِرَ فيها المجلسُ السياسي الأعلى مبادرةَ سلامٍ شاملةً، تقتضي بتقديم المصلحة الوطنية الشاملة على المصلحة الخَاصَّة، ويُشارك فيها جميعُ الأطراف في جنوب اليمن وشماله.
هذه المرة التي يمكن أن تكون الأخيرة، اقتضت بتشكيل فريق المصالحة الوطنية والحل السياسي؛ تنفيذاً للرؤية الوطنية لبناء الدولة ذات السيادة والاستقلال، ولا يوجد تدخّل للطرف الخارجي حيث يكون الحوارُ “يمني – يمني”، ويكون الحل سياسياً شاملاً لجميع القضايا فيما يخص الوطن والمواطن.
وما سبقها كانت مبادراتٌ إنسانية لا تقل شأناً عن الأخيرة، منها مبادرةُ العفو العام التي دعت جميع المخدوعين بالعودة إلى أرض الوطن وحضن الكرامة، ولاقت عودة لعدد كبير من المخدوعين من جميع المناطق دون استثناء.
كذلك الدعوات المستمرة للسيد القائد -حفظه الله- والرئيس الشهيد صالح الصماد والرئيس مهدي المشّاط، للمخدوعين بالتراجع عن قرارهم الضارّ بالوطن، بدلاً من الارتماء في حضن العمالة والارتهان للخارج مقابل الريال والدرهم.
وملف فتنة ديسمبر الذي تمّ طيُّ صفحته، وإغلاق ملفه بشكل نهائي، وإطلاق جميع المعتقلين على خلفية الأحداث المؤسفة، التي اندلعت عقبَ إعلان زعيم الخيانة بدء فتنته لصالح المحتلين، وقد استفاد من المبادرة الكثيرون بما فيهم شخصياتٌ كبيرةٌ من عائلة “صالح”، وهي مبادرةٌ وطنيةٌ وإنسانيةٌ حافظت على لُحمة المكونات السياسية وزرعت روح المحبة والإخاء فيما بين اليمنيين، ووجهت بوصلة الصراع باتّجاه المحتلين الغزاة.
كما أنه في جميع المبادرات التي تكون من طرف أممي أَو وساطات قبلية، يكون المجلسُ الأعلى أولَ المبادرين، ومِثْل ذلك ملف تبادل الأسرى وإعادة الانتشار في الحديدة، والمبادرة التي أطلقها السيد القائد بشأن الإفراج عن الأسرى، وكل هذه التنازلات كانت من أجل المصلحة الوطنية، التي جهلها الطرف الآخر وجهل مخطّط العدوان، ولم يُدرك ماهية خطورة المرحلة إذَا تطور الصراع العسكري وتوسعت دائرة الصراع.
فالمبادرةُ الأخيرةُ لها نفسُ الهدف الإنساني، لكنها هذه المرة جاءت من أجل الجنوب الذي سقط في غياهب الضياع، فهل سيتجاوبون مع هذه المبادرة ويكونون ذوي عقل وقرار؟!!
فالحلُ لن يكون إلا حلاً سياسياً فيما يخص الصراع الداخلي، وهذا ما يجب أن يفهمه الإخوة في “الجنوب”، فمصلحةُ الوطن والمواطن لا تكون في مساندة المحتل ومساعدته والتجنّد تحت لواء الاستعمار، مصلحةُ الوطن تكمن في الحفاظ على كرامته وسيادته ومقدراته من اليد العابثة والملطخة بدماء الجنوبيين قبل أبناء الشمال.
فبعد كُـلِّ هذه المبادرات لم يعد للإخوة في الجنوب وغيرهم من المخدوعين الذين يقفون في صف العدوان أيَّ عذرٍ على الإطلاق، فالحذرُ من غضب الحليم قد وجبَ اليوم، وللمرة الألف مصلحةُ الوطن لا تكون ولن تكون إلا بالحفاظ على سيادة الوطن واستقلال قراره.