بالحوار والمصالحة الوطنية الشاملة يُصنع السلام
محمد صالح حاتم
العامُ الخامسُ أوشَكَ على الانتهاء، وما زالت اليمنُ تتعرَّضُ للحرب والعدوان والقتل والدمار، عشراتُ الآلاف قتلى وجرحى، جوعٌ وحصارٌ وانتشارٌ للأمراض واتساعٌ لدائرة الفقر، مئاتُ الآلاف نازحون ومشردون بدون مأوى، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، عشراتُ الآلاف من الأطفال فقدوا أباءهم وأمهاتِهم وأصبحوا أيتاماً، والآلافُ من النساء أراملُ وثكالى، النسيجُ الاجتماعي يُفكّك يوماً بعد اليوم، نارُ المذهبية والطائفية والمناطقية تتسع وتتوسع في بلدٍ واحدٍ موحّد منذ الأزل، يجمعه الدين واللغة والثقافة والمصير الواحد، لا توجد فيه ديانات مختلفة، ولا طوائفَ متفرقة أَو أقلياتٍ عرقية مضطهدة، ولكن للأسف الشديد كُـلّ هذا يحدث في بلد الإيمان والحكمة، وهذا نتائج الخمس سنوات من الحرب والعدوان على اليمن، والتي تعتبر أسوأ مرحلة مرّت على اليمن في تاريخه الحديث، وبعد أن اتضحت المشاريع التآمرية، وانكشفت المخططات والأهداف الخارجية لتحالف العدوان، وأنّ ما حدث ويحدث في المحافظات الجنوبية والشرقية من تآمر وقتل وسفك للدم اليمني، وهي في الأساس تستهدف تفكيك النسيج الوطني اليمني، وتُذكي نار الكراهية وتشعل نار الحرب الأهلية، ليسهل لها احتلاله ونهب ثروته، وهذا خيرُ شاهد وخيرُ دليل على خبث مشروع العدوّ وما يسعى إلى تحقيقه.
وأنّ على الجميع اليوم أن يعيَ ويدركَ أن العدوّ يريد أن يوصل اليمن إلى المجهول، وأنّ الوقت قد حان لتحقيق السلام في اليمن، وبعد كُـلّ هذه الدماء التي سُفكت والأرواح التي أُزهقت والأبنية التي هُدّمت، أَمَا آن لليمن أن يعيش في سلم وسلام، ولأبنائه أن يعيشوا في أمن وأمان، ولأجياله أن تحلم بمستقبل أكثر رخاء وتطوراً وازدهاراً.
أما آن للغة السلام أن تحل محلَ لغةِ الحرب، وصوت المحبة بدل صوت البندقية، وأزيز الصواريخ وقذائف المدفعية، والتسامح مكان الكراهية، والتصالح مكان الخلافات، والمصلحة الوطنية محل المصلحة الشخصية والحزبية!
وأنّ الفرصةَ اليوم مواتيةٌ أكثر من أي وقت مضى، وأنّ قرارَ المجلس السياسي الأعلى بشأن المصالحة الوطنية الشاملة، وتشكيل فريق المصالحة الوطنية والحل السياسي، يأتي تلبيةً لصوت السلام وتغليب المصلحة الوطنية العليا، ومن باب الحرص على حقن الدماء وإفشال مخططات ومشاريع الأعداء، وأنّ على جميع القوى السياسية المُضيَّ لتحقيق مصالحة وطنية شاملة، لا تستثني أحداً، وأن طاولةَ الحوار تحت مظلة اليمن الواحد هي الطريقُ الأمثلُ لتحقيق السلام في اليمن، وأنّ على جميع الفرقاء السياسيين تغليبَ مصلحة الوطن على المصلحة الشخصية والحزبية، وعدم الارتهان للخارج، وأنّ الوطنَ يتسع للجميع، وأنَّ الشعبَ هو مالكُ السلطة ومصدرها، وأنّ الشرعيةَ هي شرعيةُ الشعب اليمني، وأنّ الشعبَ هو من بيده مصير وقرار اليمن، وهو الفيصل في حل ّأيِّ خلافات قد تنشئ بين الأطراف السياسية، وأن يكون الحوارُ يمنياً بين الجميع، لا يُستثنى منه أحدٌ، وأن يتم نسيان وطي صفحة الماضي بكل آلامه ومآسيه وأحزانه، وإطلاق جميع الأسرى والمعتقلين من جميع الأطراف، وأنْ يتم حلُ الخلافات بالتفاهم والحوار والتنازل، بعيداً عن العصبية والاشتراطات والإملاءات، وأنْ يكون الحوار والمصالحة الوطنية بما يحفظ لليمن وحدته وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه.
وعاش اليمن حراً أبياً، والخزي والعار للخونة العملاء.