الشعب اليمني من الدفاع إلى الهجوم
مرفق يحيى
أصبح المتابعُ لأحداث وتطورات العدوان الأمريكي السعودي على بلدنا مندهشاً بما جرى لتحالف العدوان من فشل ذريع في كافّة الملفات والأجندات العسكرية والسياسية، والذي تجلّى فيه قوة وبأس وصلابة وحكمة الشعب اليمني، الذي راهن العدوُّ على التهامه واكتساحه في غضون أيام، ليقدّم بن سلمان نفسُه لأمريكا وأوروبا أنه بطلٌ وزعيمٌ عربيٌّ قويٌّ؛ من أجل الاستحواذ على عرش المملكة على حساب بقية السلالة، لكن سرعان ما تلاشت كُـلُّ أحلامه وطموحاته، وغرق في مستنقع اليمن رغم ضخامة التحالف عسكرياً وأمنياً ولوجستياً وغطاءً سياسياً على كُـلّ ما يرتكبه من جرائمَ ومجازرَ وحصارٍ مطبق، وبمساندة كبيرة من مرتزِقتهم.
صمد اليمنيون الأحرار خلفَ قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، ليواجهوا المعتدين في شتى جبهات العزة والكرامة، ولقّنوا الغزاةَ والمرتزِقة دروساً لن ينسوها، وسرعان ما لبث العالم أن شاهد استبسال المجاهدين، وهم يقتحمون مواقعَ ومدن العدوّ، وينكلوا بهم بكل شجاعة ويُحرقون مدرعاتِ ودباباتِ وآلياتِهم بالولاعة.
دُشنّ العام الخامس من العدوان الغاشم على اليمن، ليكون عاماً لتغيير الموازيين وإرساء معادلة توازن الردع مع العدوّ المتغطرس، حيث ستكون المواجهةُ جويةً بامتياز، في ظل المؤشرات والحقائق القوية التي تُظهر التطور النوعي لسلاح الجو المسيّر محلي الصنع، وكذا الدفاع الجوي الذي كشف عن منظومتي “فاطر” و”ثاقب” ، التي استطاعت الأدمغة اليمنية بتأييدٍ من الله عزّ وجل، ورغم الحصار الخانق من تخطي العقبات والولوج إلى عالم التصنيع والإبداع، بالإمكانات المتاحة لردع العدوّ المتغطرس الذي أمعن في ارتكاب الجرائم والمجازر الوحشية بحق المدنيين.
وكان قائدُ الثورة السيد عبد الملك الحوثي، قد كشف في خطابه بمناسبة الذكرى الثالثة للعدوان على اليمن، عن سلاح الجو المسّير، حيث قال “قادمون في العام الرابع بمنظوماتنا الصاروخية المتطورة والمتنوعة، التي تخترق كُـلَّ وسائل الحماية… قادمون بطائراتنا المُسيَّرة ذات المديات البعيدة والفاعلية الجيدة والقدرة العسكرية الممتازة”.
هذا وعدٌ صادقٌ أطلقه قائد الثورة، وحقيقة ملموسة وراسخة يصعب على تحالف العدوان استيعابها بعد خمسةِ أعوامٍ من القتل والتدمير والحصار والتجويع، وأن الإعلان عن عام بالستي لم يكن كلاماً أجوفَ، وما يعد به السيدُ القائدُ شعبَه يأخذ طريقه عملياً إلى التنفيذ، فقد أعلن عن امتلاك اليمن لطائرات مسيّرة يتم العمل على تطويرها؛ لتصل إلى مئات الكيلو مترات، وفي القريب العاجل لن تكون سماء “جدة والطائف” بعيدةً على الطيران اليمني المسيّر، وبالتالي فإن أجواء جيزان وخميس مشيط في حكم متناول اليد لعمليات جوية من قبل الطيران المسيّر.
ويرى مراقبون أنّ تنفيذ الطائرات المسيّرة عملياتها الهجومية بنجاحٍ، يثبت تفوق التكنولوجيا العسكرية التي يمتلكها الجيش واللجان الشعبية، والذي تجلّى في افتتاح معرض الشهيد الرئيس الصماد، وأنّ تنفيذ المسيّر يَرْسِم معادلةَ ردع استراتيجية، نجحت في تحييد المنظومة الأميركية المتطورة “باتريوت”، ما جعل السعوديةَ والإماراتِ تفقدان جزءاً من ترسانتهما، فضلاً عن أنها تُضعف هيبة الترسانة الأميركية.
سلاحُ الجو اليمني المسيّر يدخل ميدانَ الردع بقوةٍ ، حيثُ شهدت الأيامُ الماضية تطورًا نوعيًا في زيادة الفاعلية لعمليات الطائرات المسيّرة، وقصفها بنجاح لأهداف دسمة داخلَ السعودية، أهمُها قصف حقل الشيبة النفطي بــ 10 طائرات دفعةً واحدةً، كذلك أهداف في الداخل أبرزُها استهداف معسكر الجلاء بمحافظة عدن، والتي الحقت خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات والآليات.
وللمرة الثانية خلال الـ48 ساعة، يستهدف مطاري أبها وجيزان الإقليميين في جنوب غرب السعودية، وتعليق الملاحة منهما وإليهما، وأصابهما بالشلل التامّ إثر غاراتٍ يشنها طيرن الجو اليمني المسيّر.
وجدّدت القوة الصاروخية الصفعةَ للنظام السعودي، حيث شنّ 10 صواريخ بالستية على أهداف وقواعد ومطار جيزان، أدّت إلى تعليق الملاحة من وإلى المطار، واضطرت الطائرات القادمة تحويلَ وجهتها إلى مطاراتٍ أُخرى في المملكة، بينما تمّ تأجيل إقلاع الرحلات المنطلقة من المطار إلى عدة وجهات دولية، وقوبل الهجوم بالصدمة من قبل السلطات السعودية، فالهجومُ كان غير متوقعٍ والإجراءات التي اتُخذت أُثبت فشلها.
وفي التعليق على ذلك، يقول مراقبون سياسيون وعسكريون: في المرات الماضية التي شُنّ فيها الهجوم على مطاراتِ وقواعد العدو، يمكن أن يعزى النجاح إلى عنصر المفاجأة، لكنّ الهجوم هذه المرة يكشف عن تطور قدرات سلاح القوة الصاروخية والطيران المسيّر، وأن الوضع اليوم مختلفٌ وستجد السلطات السعودية نفسها مجبرة على الاعتراف بقدرات القوة الصاروخية لتنفيذ أهدافه داخل العمق السعودي ويعود الفشل إلى عدة أسباب أهمها:
تحَرّك أحرار اليمن بصمود لمواجهة العدوان للسنة الخامسة على التوالي، والتفافهم صفاً واحداً خلف السيد القائد عبدالملك الحوثي.
السقوط المدوي لذريعة ما تسمى الشرعية التي شنّوا الحرب من أجلها، بعد طردها من المحافظات الجنوبية وتصارع مرتزِقة العدوان، إصلاحيين وانتقاليين بعد مشاركتهم في تدمير وقتل وحصار اليمن، وهو ما أحرج السعودية حيث انكشف القناع عن شرعية المرتزِقة.
التطور النوعي للترسانة العسكرية للجيش واللجان الشعبية، حيثُ يتم الكشف بين فينة وأُخرى عن منظومات متطورة.
ونترك الحديثَ للميدان.