نهايةُ الخيانة
جبران سهيل
ما يحدُثُ في عدن وفي جنوب الوطنِ بالتحديد، ذلك الجزءُ الحبيبُ من اليمن الكبير الذي يتسعُ لكل أبنائه، من صراعٍ وقتالٍ وعبثٍ وفوضى، لا نُسمّيه مطلقاً صراعاً بين أدواتٍ، دخل عبرَها المحتلُّ الإماراتيُّ والسعوديُّ إلى تلك المحافظات، فأفسدها وجعل أعزةَ أهلها أذلةً، وهو عادةً عملُ المفسدين من الملوك، إنما بإمْكَاننا تسميتُه “نهاية الخيانة”، وهذه هي النتيجةُ المنطقيةُ لكل الأفرادِ أَو الجماعاتِ أَو المكوناتِ ممن ارتموا في حضن الغازي وفي وحل الخيانة والارتزاق على مدى التاريخ، ولكُلٍّ من هؤلاء فترةُ صلاحيةٍ محدودةٍ، وما إن أوشكت على الانتهاء حتى أضحوا هدفاً لمن استأجرهم، وهو ليس بقويٍّ أَو أمينٍ، فحفروا له الخنادقَ والمتارسَ معاً، وتحَرّكوا بتفانٍ ليكونوا دروعاً لجنوده، وحُماةً مخلصين لحدوده، ومبرّرين سُذَّجَاً لانتهاكاته وجرائمه في حق أبناء شعبهم، وعبيداً طائعين صاغرين وأذلاءَ لمن هم في حقيقة الأمر في نزاعٍ مستمرٍّ مع الرجولة الرافضة لهم، وخداماً وأدواتٍ لمن لا يستحق حتى أن نسمِّيَه محتلّاً أَو غازياً فهم أصغرُ من ذلك بكثير، والذين ليسوا إلا أدواتٍ للعدوّ الأمريكي والصهيوني، وخداماً أوفياءَ لهؤلاء جيلاً بعد جيل، وَلمشاريعهم الاستعمارية والعدائية للأمة الإسلامية أباً عن جد.
وما يحدُثُ حالياً من قتلٍ ودمارٍ بين ما يسمى المجلس الانتقالي بحزامِه الرخيصِ المدعومِ إماراتياً، وبين ما تسمى الحكومة الشرعية الفاقدة لكل شيء المدعومة إماراتياً أَيْـضاً في السابق وسعودياً حالياً، يثبتُ مجدداً أنّ هؤلاءِ لا يملكون أدنى مشروعٍ، كما وضّح ذلك مراراً وتكراراً السيدُ القائدُ المجاهدُ عبدُالملك الحوثي -حفظة الله-، والذي أَيْـضاً حذّر وأنذر أبناءَ الجنوبِ الأحرارَ من هؤلاء العملاء الذين لم ولن يجلبوا لمناطقهم إلا الدمارَ والفوضى وأراذِلَ الخلق من سعوديين وإماراتيين وسودانيين، وشرارِ العالم الذين يفتقدون لأدنى أخلاقٍ أَو ضميرٍ أَو رجولةٍ أَو شجاعةٍ أَو إباءٍ، فعظمةُ المصيبة أنّ أبناءَ الجنوبِ صاروا -نتيجةَ سذاجتهم وواقعهم المؤلم- تحت رحمةِ من اشتروا الذُّلَّ والرُّخْصَ بأموالِهم ونفطِهم وثروةِ شعوبِهم، والذين هم في حقيقة الأمر أذلاءُ بعد أن خالفوا أوامرَه وتآمروا على دينه وأنبيائه، وهذا قد وضّحه الشهيدُ القائدُ السيدُ حسين الحوثي -رضوان الله عليه- في أحد دروسه.
فأكثرُ المتشائمين من قوى الارتزاق في الداخل أَو الخارج، لم يكن يتوقعُ أنْ يتم قصفُ واستهداف قوىً كانت ولا تزالُ الذراعَ الأيمنَ للعدوان، ومِنْ قِبَلِ مَنْ؟ قادة العدوان ذاتهم!، وما حدث من غاراتٍ شنّتها طائراتٌ سعوديةٌ وَأُخرى إماراتية أَو غيرها لقياداتِ ومعسكراتِ ما تسمى الشرعية في الجنوب تارةً، وتارةً أُخرى لمعسكراتِ وقياداتِ ما يسمى الانتقالي بأحذيته الملمعة إماراتياً، والضحيةُ في نهاية المطاف مرتزِقةٌ كانوا ولا زالوا جنباً إلى جنبٍ مع مَن جنّدهم لقتالِ ومواجهةِ أحرارِ ورجالِ اليمن، من يتصدون ببسالةٍ لمشاريعَ ومخطّطاتِ العدوان، ويقدمون أرواحَهم في سبيل عزةِ ومنعةِ الوطن وأبنائه الأوفياء والصامدين.
فطريقُ الباطل وأهلِه قصيرٌ وقصيرٌ جدّاً، وذاتَ يوم هو زاهقٌ لا مُحالةَ، وطريقُ الحق وأهلِه باقٍ ومستمرٌّ وإن طغى الشرُّ فترةً من الزمن وتحالَفَ ضدّه أشرارُ الخلق وأشقياءُ الأمة، وذات يومٍ يُحِقُّ اللهُ الحَقَّ وينصُرُ كُـلَّ من مشى على طريقه، وهو أمرُ الله الذي لا مناصَ منه.