ثورةٌ ضد الطغيان من كربلاء إلى مرّان
منير إسماعيل الشامي
عاشوراءُ جرحُ الإسلام النازف، بدماء السبط الزكية لم يتوقف نزيفه ولن يتوقف ولم تلتئم ندوبُه ولن تلتئم، فثورانُ تلك الدماء الطاهرة أقوى من أن تهدأ ولن تهدأ قبل أن تبلغَ الغايةَ التي سُفكت لأجلها ويستقيمُ دينُ الله في مشارق الأرض ومغاربها بذلك القربان النبوي العظيم الممتد من بدن النبي الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم القائل: حسين مني وأنا من حسين.
الإمام الحسين -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- أعلن شعار تضحيته بقوله: إن كان دينُ محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوفُ خُذيني.. وبين هدف خروجه بقوله -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- إنما خرجتُ طلباً لإصلاح دين محمد.. فقدم روحه وبدنه قرباناً لله؛ لبلوغ تلك الغاية العظيمة فصار أعظمَ قربان لله في تاريخ البشرية وسيظل كذلك إلى أن يرثَ الله الأرض ومن عليها.
ومن كربلاءَ إلى مرانَ وما بينهما من قرون ودمه الطاهر يتدفق في عروق المتقين وتنبض به قلوب الصادقين ويشعل ثورات صاخبة ضد الطغيان عصفت بالمئات من عروش الطواغيت والظالمين في شتى بقاع الأرض واندثرت بطواغيتها اليزيديين وبقي الحسين -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- خالدا بانتصار دمه على حَــدّ السيوف وعلَماً يقتدي به كُـلّ الأحرار وكعبة تحج إليها القلوب المستبصرة والألباب المسترشدة ومدرسة لكل الثائرين في الأرض ضد الظلم والجبروت تتجدد ثوراته ويعلو نهجه ويشعشع ضياؤه فيملأ الكون بأنوار الحَــقّ إيْمَـاناً ويقيناً.
ومثلما شعت أنوار عاشوراء بخيوط النصر الوهاج من كربلاء رأينا أنوارها تشع من مران بحسينها وأهله وأصحابه ويزيدها وجيوشه وطواغيته، فقد اجتمع مستكبرو الأرض وطواغيتها على حسين العصر كما اجتمع مستكبرو الأرض وشياطينها على حسين الدهر، ويُذبح حسين العصر وأهله وأصحابه كما ذُبح حسين الدهر وأهله وأصحابه ويُحيي بدمه ثورة الحَــقّ ليعصفَ بيزيد وبحلف يزيد وبألف ألف يزيد ويزيد، كما أحيا السبط ثورة الخلود وعصفت بعشرات الآلاف من عروش يزيد وأحلاف يزيد وألف الف يزيد ويزيد.
ها نحن اليوم في العام الخامس من عدوان تحالف أشرار الأرض نستذكر كيف عصفت دماء حسين العصر بألف يزيد خلال ست حروب ظالمة، فما زادت دماؤه مشروعه إلا قوة ولا مسيرته إلا عنفونا فسقطوا واندثروا وبقيت دماء حسين العصر تزلزل عروشهم وتدفعهم لتكرار مأساة كربلاء من جديد في شعب الإيْمَـان.
ها نحن اليوم ونحن في العام الخامس من تحالف قوى الاستكبار في الأرض الذي اجتمعت فيه أنظمة الاستكبار الطاغوتي وحشدت له كُـلّ قوتها وحشودها وترساناتها وجاءونا من كُـلّ جهاتها وأقطارها نجني ثمار دم الحسين السبط الخالدة وثمار دماء حسين العصر الثائرة عزة وكرامة وشموخا وثباتا وانتصارا وقد كسرنا استكبارهم بشجاعة عاشوراء ومرغنا أنوفهم المتعالية في مستنقعات الذل والهوان بنهج عاشوراء وقصمنا ظهورهم بصمود عاشورا وسحقنا فلولهم بعزم عاشوراء، ونقصفهم اليوم في عقر دارهم بأسلحة حديثة صنعناها من وحي عاشوراء.
وسننتصر بإذن الله عليهم بتمسكنا واقتدائنا بحسين عاشوراء وحسين مران وولاؤنا لولي الزمان وحُجة الملك الديان.