عاشوراءُ التضحية والفداء
نوال أحمد
في ذكرى عاشوراء وفاجعة كربلاء.. تلك الحادثة الأليمة التي وقعت للإمام الحسين بن علي -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- سبط رسول الله الذي خرج عزيزاً حُراً ثائراً ووحيداً ضد الظلم والظالمين.
خرج الإمام الحسين -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- وحيداً رغم الخذلان الذي لاقاه من أصحابه، ولكنه حمل المسؤولية الكبيرة في التغيير من ذلك الواقع المرير الذي كانت تعيشه وتعاني منه الأمة جراء بطش وتكبر وتجبر طاغوت ذلك العصر يزيد وأعوانه، الذين أجرموا وأفسدوا وتسلطوا على رقاب الناس واستحلوا الحرمات وارتكبوا الفواحش وفعلوا كُـلّ المنكرات.
الإمام الحسين -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- بما يحمله من إرث تاريخي عن أبيه وجده رسولِ الله وبما يمتلكه من كمال في الإيْمَـان وقوةٍ في الثبات، خرج مكملاً المسارَ على الدرب الذي ابتدأه جده المصطفى وأبوه علي المرتضى من حملٍ للأمانة وأداء للمسؤولية في نصرة دين الإسلام ورفع راية الحَــقّ وَتثبيت دعائم الإيْمَـان وإقامة العدل والمساواة بين الناس.
كانت ثورة من أجل الإصلاح في واقع الأمة المنكوبة والمُعانية والتي كانت قد بدأت بالانحراف عن الدين؛ بسَببِ حكم الطواغيت وتسلطهم عليها في ذَلك العصر الأموي.. وعند خروجه -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- قال كلمته الشهيرة “واللهِ ما خرجتُ أَشِراً ولا بطراً وإنما خرجت للإصلاح في أمة جدي رسول الله“.
إننا ونحن نحيي هذه الذكرى الأليمة نستذكرُ مواقفَه -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- وَعطاؤه وبذله وتضحياته ووقوفه هو وأهل بيته في العراء عطشى وأسرى بين أيدي الظالمين، وهو بعزمه وثباته وقوة إيْمَـانه لم يتزحزح عن موقف الحَــقّ، بل شهر سيفه في وجوه أعدائه عندما خيّروه بين الاستسلام أَو الحرب، فاختار النزالَ ومقاومة الأنذال ومحاربة الأشرار والتضحية من أجل الحرية والكرامة ونُصرة دين الله ودين رسول الله محمد صلواتُ الله وسلامه عليه وعلى آله ومن أجل أن تبقى راية الحَــقّ عاليةً خفاقةً في عنان السماء.
اليوم ونحن نواجه طواغيت هذا العصر أمريكا وإسرائيل وأدواتهم ومواليهم أحفاد بني أمية بني سعود وعيال زايد وكل من تحالف معهم من المتجبرين والمتسلطين من ارتصوا في صف الباطل وقاتلوا في لوائه تحت راية الملعونين من اليهود والذين أشركوا من دول الغرب الاستكبارية، اليوم ونحن نواجه تحت راية الحَــقّ في ظل قائدنا الحسيني السيد العلَم عَبدالملك بن بدر الدين الحوثي عليه وعلى آبائه وأجداده السلام، من قاد ثورة مباركة ضد الظلم والظالمين والفساد والمفسدين، هذه الثورة التي هي امتدادٌ لثورة جده الحسين عليهما السلام.
اليومَ نشاهدُ كربلاءَ أُخرى في اليمن ومظلومية مشابهة لمظلومية الحسين وأهل بيته وأصحابه عليهم جميعاً السلام؛ لأَنَّ هنا كانت ثورة الحَــقّ أمام الباطل ثورة تحرّر ورفض العبودية والاستسلام، قام أولئك الظالمون الطواغيت المتجبرون بشن هذا العدوان الظالم، فجعلوا كُـلّ أيّامنا عاشوراء وأضحت هذه الأرض كربلاءَ، عايشنا وكل أبناء شعبنا تلك المظلومية بكل تفاصيلها، رأينا البيوت تهد على رؤوس ساكنيها ليقتلوا جياعاً نياماً، كما أحرقت الخيامُ على نساء وبنات وأطفال الحسين. رأينا الطفلَ اليمني يُذبح بقنابلهم الأمريكية كما ذُبِحَ عبدُالله الرضيع في كربلاء بسهام الغدر الأُموية، رأينا الطفلةَ اليمنية اليتيمة تبكي بحرقة؛ لفقد أبيها كما بكت رقية عليها السلام، رأينا المجاهد الذي ذهب ليدافعَ عن الصغار ويفك عنهم الحصار فبُترت ذراعاه كما صنع بنو أمية مع العباس -عَلَيْهِ السَّـلَامُ-، رأينا المرأةَ اليمنية وهي تستقبل شهداءَها بكل إيْمَـانٍ وفخرٍ وصبر كما كانت زينب عليها السلام.
كل ما حدث في كربلاء نعيشه اليوم ونحن في عزة وكرامة نرفع لواء الحرية ورؤوسنا بعزم وتضحيات رجالنا شامخة ابية عليّه.. لقد تعلمنا من عاشوراء التضحية والفداء وتعلمنا من الحسين البذلَ والعطاءَ والحرية والإباء، تعلمنا من زينب الإيْمَـانَ وقوة الصبر عند البلاء، تعلمنا من كربلاء كيف تنتصرُ الدماء ومن مدرسة هيهات منا الذلة تخرَّج هؤلاء الحسينيون الأُباةُ حماةُ الكرامة وحماة الديار مَن صنعوا من الدماء سيوفاً تقاتل الغزاة وَالمستكبرين الطغاة.
وشعارُ الثوار مرفوعاً وصرخة الحَــقّ يتردد صداها في كُـلّ أرجاء الكون وصوت الحرية الذي تخلد في الوجدان سيبقى عالياً يتردّدُ في كُـلّ مكان وَزمان:
هيهات منا الذلة.