الإمامُ الحسين.. ثورةٌ خالدة
زينب إبراهيم الديلمي
الكثيرُ من الحوادث التاريخيّة دوّنت أحداثاً وثوراتٍ في مجلّدات القدر، وخطّت بأناملها الأريبةِ سُطُوراً عميقةً ستبقى جيلاً إلى جيل.. ومن بينها ثورة الإمام الحسين -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- التي انطلقت شرارة ثورته الرائدة من كربلاء وجابت أراضي الحكم الأموي في سرعة خاطفة، حاملةً بشرى الحريّة والعزة والتحرّر من استبداد الحكم الأموي المنحرف عن القيم والأخلاق والمبادئ الإسلامية.
ثورة كربلاء كان لها أهدافُها المحدّدة، والرؤية السديدة، خاليةً من القصور عن تدقيق الغاية والأهداف الساميّة.. وجعلت هذه الأمّة المحمديّة أسرة بشريّة موحّدة، سواسيّةً في الحقوق والواجبات، خير أمة أُخرجت للنّاس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
تارةً من العقول الجامحة وقفت شاذّة ومتحيّرة أمام هذه الحقيقة المكنونة التي خبأتها سلالةُ بني أميّة وَذراريهم من الوهابيّة في جيوب التاريخ المنسي، وتأملت أحداثها وأبعادها ومراميها، ومن ثمّ مخرجاتها ونتيجتها.. وتارةً أُخرى من العقول السطحيّة لم تتوصّل إلى حقيقة أهداف الثورة التي دفعت فاتورة التضحيّة والفداء، باهظة في الدماء.. لكنّها ذاتُ قيمة جوهريّة حوت آلافَ كربلاء وآلاف حسين وآلاف زينب.
الحديثُ عن الإمام الحسين -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- ليسَ مجرد حديث عن شخصيّة مفردة.. بل عن الشخصيّة الأسمى التي نالت منزلة عظمى وَفي مرتبة الثلّة المؤمنين الذين صدقوا، وجاهدوا، ونذروا أنفسهم وأموالهم، وقضوا نحبهم إلى أرائك النّعيم الدائم..
ستبقى كربلاء الحسين تنتصرُ على سيوف الجور وفلول الطغيان، ستبقى الثقافةُ العاشورائيّة الحسينيّة أكاديميّةً يتخرج منها آلافُ الحسينيّين؛ لمواجهة حصون الظلم وقلاع الاستبداد.. سيبقى الحسين الثورةَ الخالدةَ والشعلة المُتقدة التي لن ينطفئ لهيبها، ستبقى هذه الملحمة البطوليّة تتوقد في عواطف الأحرار إلى أبد الدهر.