“يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ”
سارة الهلاني
لا نجدُ كلمةً أَو تعبيراً يختزلُ سوء حال مرتزِقة العدوان، وما آلت به وطنيتهم المزيّفة، بل ما استدرجتهم إليه أطماعهم التي فقدوا ثمرتَها آنفاً، وتجارة الدين التي بعنوانها تقلّدوا أوسمة الدفاع عن عقيدة دين وديمقراطية دولة.
(قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، ما الدينُ الذي ينتمون له حتى افتخروا باحتلال الغازي لبلدهم وانتهاكه لعرضهم، وسلبه لمصادر عيشهم، ثم إنهم لم يكونوا خرفاناً رضت بسل سكاكين الطغيان عليها فحسب، بل إنهم تجرّدوا من الآدمية إلى البهيمية، التي تغلغلت فيها الأهواء والإفساد وتحَرّكت هي لتنهش في جسد الشعب اليمني.
ما الإيمان الذي يدّعونه، بينما تكذبه أفعالُهم الخبيثةُ والمجرمةُ في حق إخوانهم اليمنيين، رأينا من اليمنيين المرتزقة الذين وقفوا مع العدوان السعودي الأمريكي أشنعَ صور القتل والتعذيب والسلب والنهب حتى هتك عرض أخيه اليمني، وكُلَّ تلك الجرائم التي يستنكرها دينُ الله، وتتبرأ منها سُنةُ رسول الله، وتسخطها أعرافُ وشهامةُ ونخوةُ القبائل اليمنية؛ كي ترضى عليهم بقرةُ الذل “السعودية” وَقشةُ الطغيان “أمريكا” وللأسف المؤلم لهم فعلاً وقولاً، أنَّ البقرة لم تسقهم رضاها عزاً وأمناً، ولم يجازهم راعي البقرة شكراً أَو حتى معروفاً.
فما أصبح واقعُهم إلا شاشةَ النوايا اللعينة للعدوان لِكُــلّ أفراد الشعب، ولطالما زخرفت حلّتَها للعيان وضللت الرأيَ العام إرهاصاتُ الخداع والضحك على غباء من رفعوا رايته، فإن عاد لهم جنديٌّ مهزوم أطلقوا الرصاصَ بين عينيه، وإن وقع من مرتزقتهم أسرى بأيدي المجاهدين ألحقوهم بسابقِيهم، فيردونهم أشلاءً فهم كمن حُرِق كرتُه فلا موجودٌ يسمع ولا غائبٌ يعود، وآخرُ ما أبدعت رؤوس العدوان ولم تتخلَّ عن مبدأ جزاء الإحسان بالإحسان، كيف لا وهي ماكينة التثقف الأعمى والتمسك بالمبادئ الملوثة، أن زحلقت عملاءها من شواهقَ مكرها لتقول لهم “ما جزاءُ الخيانة إلا مكرٌ”.
فمكَرَ العدوان للشعب اليمني أجمع، وأجرمَ في حق الشعب بأكمله، وحاصَرَ مؤونةَ الشعب كلها، وسلبَهم جميعاً مصادرَهم الاقتصادية والتنموية، حتى ورقة الارتزاق التي حركها على مدى خمسة أعوام من العدوان، ها هو يفتك بأعوانه ويشعل فتيل القتل والذبح بينهم، فخنجرُ الانتقالي بزعمهم ينحرُ من يدفع دمَه؛ دفاعاً عن الشرعية المكذوبة، فنرى لعنةَ الغضب التي حلّت عليهم حين صفّقوا للعدوان تلهب أرجلَ من وطؤوا نارَ العمالة وبيع ابن الوطن.
فلا شيءٌ أمهرَ من عدالة الأيّام التي يصنعها بأسُ الله، ولا قانون صرحت أفعاله بجدارته كحقائقَ وشواهدِ آيات الله، فما أغفلنا إن لم نعرف أن ما هو الآن بين مرتزِقة العدوان هو وعيدُ الله في قوله (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَو مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَو يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ).
نتمنى الآن بأن لا تأخذهم عصبيةُ الجهل وغباءُ السُذَّجِ ويتجاهلوا رسالةَ أحكم الناس في وقتنا وأصدقهم لمصلحة الجميع، وهو السيدُ القائد عبدالملك بن بدرالدين، حيثُ قال في أحد خطاباته: “ننادي كُـلَّ المساندين وَالمتخاذلين كُـلَّ الصامتين كُـلَّ المستسلمين نقول لهم: راجعوا موقفكم، راجعوا موقفكم، تعلّموا من الحسين، تعلموا من سبط رسول الله كيف تكونون أعزاءً، كيف تتحملون المسؤوليةَ بإباءٍ وعزة وصبرٍ وثبات، تعلّموا كيف يكون لكم دورٌ في الحياة”.
وأختم بقول الإمَام الحُسين -عَلَيْهِ السَّـلَامُ-: “إنْ لم يكن لكم دينٌ، وكنتم لا تخشَون المعاد، فكونوا أحراراً في دُنياكم”.