عاشوراء.. من كربلاء إلى اليمن
مرتضى الجرموزي
كان لـعاشوراءَ كربلاءَ دروسُ تضحية وفداء واستبسال وبصيرة، في الجهاد وتربية الأمة التربيةَ الإيمانية الصادقة في وجوه الظالمين، أمثال يزيد وغير يزيد من الطغاة الجبابرة في كُـلّ زمان ومكان.
ومع حدث كربلاء وجدنا رجلاً قائداً مجاهداً عظيماً حفيداً وسبطاً للرسول الأكرم صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الأطهار، ذلك هو الإمام الحسين بن علي عليهما وعلى أمه سلام الله ما بقي الليل والنهار.
خرج الحسين بن عليه ومعه أهلُ بيته رجالاً ونساءً وأطفالاً وثلةً قليلة من المؤمنين الصادقين، ممن التحقوا بركب سفينة النجاة لبيت النبوة، فقد كان خروجُه عليه السلام وأصحابه؛ لمواجهة الكفر والنفاق، خرج ليصدع بالحق في وجه باطل يزيد ابن معاوية، الذي تسلّط على رقاب المسلمين بالسيف والنار ودهاليز السجون.
خرج الحسينُ بشعار “هيهاتَ منّا الذلة” خَاصَّة بعد ما خيّروه بين السلة والذلة، فاختار أن يجاهدهم؛ لإعلاء كلمة الله ولنصرة المستضعفين الذين كتبوا إليه من العراق، خرج سلام الله عليه وهو ينادي “إذَا كان دينُ محمد لم يستقم إلاّ بقتلي فيا سيوف خديني”.
أصطحب الأهلَ والولدَ ورافقَه عددٌ محدودٌ من عوام المسلمين، الذين عرفوه وشربوا منه العلم والزهد والتقى، وفي مجريات أحداث عاشوراء، ثبت وصبر وجاهد الحسينُ وأصحابُه جهاداً يفوق التخيلات، وهم ثلة مؤمنة صادقة لا يصل قوامها إلى 90 فرداً، جلهم نساءٌ وأطفال، ليواجهوا عدواً يفوق تعدادهم البشري بـ 4 ألف مقاتل.
تجلّت الحقائقُ للمخدوعين، وتاهت التحريفات التي صاغها علماءُ السوء، علماء يزيد وعُبيد الله ابن زياد، الذي كان يحرص على قتال الحسين وإبادة النسل الطاهر الذي ارتوى من معين جده المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الأطهار، قُرعت طبولُ الحرب بين كر وفر، معسكرُ الحق مدافعٌ، ومعسكر الباطل مهاجمٌ، قدّم الأمام الحسين وأصحابُه دورساً من التضحية الإيمانية، التي ستضل عالقةً في أذهان كُـلِّ الطغاة عبر الأجيال.
أرواحٌ ترتقي إلى الله شهيدةً، ورمالُ الطّف شاهدٌ على بسالتهم وشجاعتهم وصبرهم عن الجوع والعطش، وهي تشهد كذلك على دناءة وحقارة المنحطين أتباع يزيد وأمثال يزيد.
حقٌ وباطل يتواجهان، خير وشر يحتربان في معركةٍ الفائزُ منها خسران، ومن خسر المعركة فقد فاز بالرضوان الأعلى، أصحابُ الحسين وأهلِه ورجالِه وأبنائه يتسابقون إلى الشهادة واحداً تلو الآخر، بينما جنود يزيد اللعين يتسابقون إلى قعر جهنم بخلودها الدائم، يُسقون من صديد يُغلي في بطونٍ أكلت الأكباد وأكلت الشر والباطل.
وبينما نحن نعيش ذكرى كربلاء حسين، ها نحن في يمن الإيمان والحكمة نواجه منذُ أربعة أعوام ونيّف، قتلاً ودماراً وحصاراً خانقاً في كُـلّ مقومات الحياة، وليس ببعيد عن أحفاد معاوية آل سعود وأسيادهم الأمريكان أن يعيدوا عاشوراء من جديد في اليمن، وتحت يافطات الشرعية التي يتزعمها يزيد ابن معاوية ابن آكلة الأكباد.
ونحن في خضم هذه الذكرى كان لزاماً علينا كمينيين أن نستلهمَ الدروس والتضحية بالمال والأهل والأنفس، والتي قدّمها الحسين وأصحابه؛ لتكون لنا آية لنفوز بإحدى الحسنيين نصرٌ بالله أَو شهادةٌ في سبيله فنلقى اللهَ وهو راضياً عنّا، وما خسرناه ونحن نواجه تحالف العدوان ليس خسارة، وإنما هو ربحٌ في سبيل الله لنصرة دينه وإعلاء كلمته ورفع الظلم عن عباده المستضعفين.
التاريخُ يعيد نفسه، وماكينة إنتاج الطغاة مستمرةٌ في الإنتاج منذُ أن تمرّد الشيطان على ربه، وسيستمر صراع الحق والباطل، وستكون الغلبة لأولياء الله وأنصاره.
وبما أن الله معنا فهو ناصرنا ومن نعتمد عليه ونثق به، سيُفشل العدوان ولن تتحقّق أهدافُه ونحن على ثقة أيضاً بصاحب القول السديد، قائد ثورتنا وزعيم حرّيتنا وعلم أمتنا، السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ونحن على ثقة برجال الرجال مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة، وأن أحلامَ قوى تحالف العدوان ومرتزِقته لن تدومَ وسرعان ما سيُبددها الله بفعل ثبات وصمود المجاهدين في مختلف الجبهات.
نسألُ اللهَ لنا ولكم ولشعبنا اليمني وأمتنا العربية المسلمة الهدايةَ والتوفيقَ والنصرَ والفلاحَ، ودمتم في رعاية الله.