علّمتني كربلاء
سعاد الشامي
عَلَّـمَتنِي كربلاءُ أن أتمسَّكَ بتفاصيل أحداثها جيداً؛ لأَنَّها منارةُ الحَــقِّ التي تبقي الثائرين على قيدِ الحرية.
عَلَّـمَتنِي كربلاءُ أن الثائرَ لا يحملُ نقاطَ الضعف في ذاته، بل هو المفعمُ بمشاعرَ بركانية الثوران، حينما يستفزُّها الظلم، فتهب نشطة، تشطُرُ صدرَ الظلم وتقتحمُ الأخطارَ وتواجهُ الصعوباتِ وتغيِّرُ الواقعَ.
عَلَّـمَتنِي كربلاءُ أن الدينَ أغلى من الدم.. والانتصار لا يعني البقاءَ والحصولَ على كرسي الحكم والتسلّط على رقاب الناس، بل هو انتصارُ القيم والمبادئ التي ينادي بها الدين.
عَلَّـمَتنِي كربلاءُ أن الطغاةَ مهمَّتُهم إسكاتُ صوتِ الحَــقِّ.. ومهمة الأحرار زرعُ القلق في نفوس الظالمين ومقاومةُ أهل الظلم والباطل حتى وإن بَـعُــدَ الأملُ في النصر.
عَلَّـمَتنِي كربلاءُ أنْ لا أنخدِعَ بمظاهر الإسلام المزيّفة.. وأن لا أُصغيَ لتجّار الكلمة المنافقة وعلماءِ الجور الذين يرمون على جرائم حكام السُّوء وسلاطين الشر رُكاماً من المديح والفتاوى الكاذبة ليغطوا بها سوءاتِهم.
عَلَّـمَتنِي كربلاءُ أن عُشَّاقَ السلطة وسماسرةَ الحكم هم حنادس الجهل والضلال، والعقبات الكبرى في طريق البناء والحضارة البشرية.. وأن الاستسلامَ لهم هو ما يبعدُنا عما نستحقُّه من أنوارِ الهدى ومنازلِ الحضارة والسمو.
عَلَّـمَتنِي كربلاءُ أن الذينَ يتقاعسون عن نُصرة الحَــقّ ويُبَرِّئون الجلادَ ويدينون الضحيةَ سيقعون لاحقاً في قبضة الجلّاد نفسِه ويصيرون طُعماً لسيفه وجبروتِه.
عَلَّـمَتنِي كربلاءُ أن البطولةَ ليست شعاراتٍ تُرفَعُ أَو أوسمةً تُلصَقُ على الأكتاف، وإنما هي مواقفُ مشرِّفةٌ يصنعُها الإنسانُ بنفسه في معركة الحَــقِّ ضد الباطل.
عَلَّـمَتنِي كربلاءُ أن المرأةَ ليست خارجَ دائرة المسؤولية الجِهادية، وعليها تقعُ مسؤوليةُ مساندة الرجال وإكمال ثوراتهم.
عَلَّـمَتنِي كربلاءُ أن رايةَ العدالة التي يحملُها الأحرارُ في زمن الصمتِ والخنوعِ هي رايةٌ مقدَّسةٌ يمتدُّ أَثَرُها إلى أَبَدِ الدهر، وتبقى في قلوب المؤمنين عَلَـماً لا يمكنُ أن يهويَ على الأرض.