حكومة المرتزقة ضمن “التحالف الدولي”: واشنطن تشق طريقاً خلفية إلى اليمن
غطاء جديد للتدخل العسكري بذريعة “مكافحة الإرهاب”:
البحرية الأمريكية تمهد للتحَرّك بالإعلان عن “تهديدات بحرية” قبالة السواحل اليمنية في البحر الأحمر
المسيرة | ضرار الطيب
ضمن مخطّط جديدٍ لتأمين مطامعها في اليمن، بعيداً عن تداعيات العدوان الإجرامي الذي تديره في اليمن، والذي فشل في توفير موطئ قدمٍ آمن لها خلال أكثر من أربع سنوات، كشفت الولاياتُ المتحدة مؤخّراً عن سعيها نحو فتح بوابةٍ خلفيةٍ للتواجد العسكري في البلاد، من خلال استغلال انضمام حكومة المرتزِقة إلى ما يسمى “التحالف الدولي ضدّ داعش”، والذي تستخدمه واشنطن كغطاءٍ؛ لتبرير تواجدها في الشرق الأوسط تحت ذريعة “مكافحة الإرهاب”.
وأعلنت الخارجيةُ الأمريكية، مطلع هذا الأسبوع، أنها “ترحب” بانضمام حكومة المرتزِقة إلى “التحالف الدولي”، وهو ما أعلنته الأخيرةُ قبل شهر من الآن، الأمر الذي يفتح بابَ التساؤلات على مصراعيه؛ كونه يرتبط بعدةِ تفاصيلَ على المستوى الإقليمي والمحلي، فمن المعروف أنَّ الولاياتِ المتحدة استخدَمَت، ولا زالت، هذا “التحالف” بطريقة غير قانونية، كمظلة لتدخلاتها الواسعة في سوريا والعراق.
ويوضّح توقيتُ ضمّ حكومة المرتزِقة إلى هذا “التحالف”، والظروف المحيطة به، حقيقةَ النوايا الأمريكية لتكرير السيناريو في اليمن، فغطاءُ “التحالف السعودي الإماراتي” الذي استخدمته واشنطن لرعاية مصالحها في اليمن، أصبح يتهالك بشكلٍ متسارع مع مرور الوقت، في ظل ثبوت عجز الرياض وأبو ظبي عن تحقيق أي إنجازٍ ميداني، يُؤمن للأمريكيين أرضيةً ثابتة، إضافة إلى أنَّ التحالفَ السعودي الإماراتي لا يحظى بذات “الدعم الدولي” الواسع الذي يمتلكه “التحالف” الآخرُ، كما أنَّ موقفَ الولايات المتحدة الداعم للسعودية والإمارات قد بات يشكل ضغطاً كَبيراً على الإدارة الأمريكية من قبل المعارضين لها، فيما يخص جرائم الحرب في اليمن.
كما يتضح ذلك، من خلال تعمّد تجاهل الإدارة الأمريكية، لعلاقة حكومة المرتزِقة وتحالف العدوان بما تسميه “الإرهاب”، إذ لا يزال بعض قيادات سلطة المرتزِقة على لائحة المطلوبين في الولايات المتحدة بهذه التهمة، كما أنَّ التقاريرَ الأممية والدولية قد أثبتت أنَّ سلطةَ المرتزِقة وفّرت مُناخاً ملائماً لانتشار وتوسع التنظيمات المتطرفة والجماعات التكفيرية، التي تتلقى الدعمَ من حكومة المرتزِقة ومن السعودية والإمارات.
وقد أثبتت العديدُ من التقارير حصولَ الجماعات التكفيرية والمتطرفة على كمياتٍ كبيرة من الأسلحة الأمريكية المقدَّمة من تحالف العدوان، كما كشفت عقدَ صفقاتٍ عسكرية بين قيادات تلك الجماعات وبين السعودية والإمارات، إلى جانب اشتراك قواتٍ كبيرة من التكفيريين في القتال بصفوف حكومة المرتزِقة و”التحالف” في مختلف مناطق المواجهات.
هذه المعطيات تشيرُ بوضوح إلى أنَّ انضمامَ حكومة المرتزِقة إلى ما يسمى “التحالف الدولي”؛ يأتي لمنح الولايات المتحدة غطاءً جديداً للتواجد في اليمن بتأييدٍ دولي واسع، وبعيداً عن “الضغوطات”، الأمر الذي تطمح واشنطن من خلاله إلى أن “تؤمن” مطامعها الاقتصادية والجيوسياسية في اليمن، والتي لم تستطع تأمينها من خلال التحالف السعودي الإماراتي، خصوصاً وأن سيناريو استغلال هذا الغطاء في سوريا والعراق، يوضح اهتمامَ واشنطن بشكل رئيسي بالمناطق النفطية.
البحرية الأمريكية تزعم وجود “تهديدات” قبالة سواحل اليمن
من جهة أُخرى، ترافق “الترحيب” الأمريكي بانضمام حكومة المرتزِقة إلى “التحالف الدولي”، مع تحَرّكات عسكرية جديدة من قبل الولايات المتحدة باتّجاه اليمن، حيث زعم “الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية” والمتواجد في البحرين، قبل أيام، أنه تلقى “تحذيراً” من وجود تهديداتٍ بحرية في البحر الأحمر قبالة اليمن، معلناً أنه على استعدادٍ لـ “الحفاظ على سلامة السفن في تلك المنطقة”.
وإلى جانب كون هذا التصريح إعلانٌ واضحٌ عن التوجّـه لتعزيز التواجد الأمريكي في اليمن، فهو يثير تساؤلاتٍ حول توقيته ومناقضته للمواقفِ الأمريكية السابقة، حيث كان الجنرال جوزيف دانفورد -رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة- قد أكّـد مؤخّراً بأن بلادَه “لا تمتلك قواتٍ كافيةً للدفاع عن حلفائها”، فيما كان ترامب نفسُه، قد أشار في أكثر من مرة إلى أنَّ بلادَه لن تحميَ الممرات البحرية في الشرق الأوسط “بالنيابة” عن بقية الدول المستورِدة للنفط الخليجي، وأنَّ القواتِ الأمريكية تحمي مصالحَ بلادها فقط.
تناقضٌ يكشف عن تغيّرٍ لقواعد اللعبة الأمريكية، يأتي في إطار خطة عسكرية جديدة تَبْرُزُ ملامحها بوضوح، عند النظر إلى وجهة التحَرّكات الأمريكية الجديدة، وهي اليمن، وبالتالي النظر إلى مسألة انضمام حكومة المرتزِقة إلى ما يسمى “التحالف الدولي”، حيث انكشف بوضوح أنَّ البوابةَ التي تنوي واشنطن الدخولَ منها للتدخل العسكري القادم في اليمن هي بوابةُ “مكافحة التهديدات الإرهابية”.
تهيئة الساحة المحلية: التقسيم في المحافظات الجنوبية
على المستوى المحلي أَيْـضاً، تتكشف هذه المساعي الأمريكية من خلال المشهد الجديد، الذي تهندسه الولاياتُ المتحدة حالياً في المحافظات الجنوبية، والمتمثل “بالتقسيم الجغرافي” الذي أكّـدت إدارتها عليه من خلال مواقفها إزاءَ الصراع بين الأدوات المحلية (مليشيات الإصلاح والانتقالي).
ويرى الكثيرُ من المراقبين، أنَّ الخططَ الأمريكية في هذا المجال ستتضمن إثارة موضوع “الإرهاب” بالتوازي مع تصعيد الصراعات المناطقية؛ من أجل تشكيل مناخٍ ملائم لتعزيزِ التدخل العسكري والسياسي.
وفي هذا السياق، تزامن الموقف الأمريكي من انضمام حكومة المرتزِقة إلى “التحالف الدولي” مع إعلان ما يسمى “تنظيم القاعدة” سيطرتَه على منطقة “الوضيع” في أبين، الأمر الذي يكشف بوضوح أنَّ الولاياتِ المتحدة بدأت بالفعل تحريك ورقةِ “الإرهاب”؛ لدعم مساعيها للتواجد في اليمن.