كربلاء تعلّمنا الصبرَ على الابتلاء
سعد الموشكي
الإمامُ الحسينُ بنُ عليٍّ عليه السلام هو النموذجُ الراقي والمَثَلُ الأعلى الذي يجبُ علينا جميعاً الاقتداء به وبمنهجه ومبادئه التي ضحّى بنفسه وأهل بيته من أجلها، تلك القيم المناصرة للحق والمعادية للظلم لم تزل حتى اليوم ثابتةً وراسخة في ذاكرة التاريخ وفي مشاعر كُـلّ المخلصين والمدافعين عن دين الله.
ما قدمه آل البيت آنذاك يعلمنا اليوم معنى الصبر والتضحية والوقوف بصف الحَـقّ ونصرة المستضعفين، كما نستمدُّ من ذلك الموقف الشجاعة والشموخ والعزة والإباء، وعدم الخضوع والركوع لمن ارتموا في إحضان العمالة، وتورطوا في وحل النفاق وانحنوا برؤوسهم لأعداء الله وأعداء دينه، فلن نقول إلا كما قال العالم والفيلسوف علي الطنطاوي: «الملحمة الحسينية تبعث في الأحرار شوقاً للتضحية في سبيل الله، وتجعل استقبالَ الموت أفضلَ الأماني، حتى تجعلَهم يتسابقون إلى منحر الشهادة».
الإمامُ الحسين الذي ضحّى بنفسه وارتقى إلى ربه شهيداً مدافعاً عن دين الله وناصراً للمظلومين، موقفُه هذا المشرِّفُ لن يزيدَنا إلا صبراً وثباتاً وعزيمةً وإصراراً على السير وفق المنهج الذي رسمه لنا هذا القائد العظيم والمجاهد البطل، من قال فيه الحبيب المصطفى “حسين مني وأنا من حسين”.
ويقول المستشرق الإنجليزي بيرسي سايكس: «حقاً إنَّ الشجاعةَ والبطولة التي أبدتها هذه الفئةُ القليلة، كانت على درجةٍ بحيث دفعت كُـلّ من سمعها إلى إطرائها والثناء عليها لا إرادياً، هذه الفئةُ الشجاعةُ الشريفةُ جعلت لنفسها صيتاً عالياً وخالداً لا زوالَ له إلى الأبد».
ونحن والله لن يزيدنا هذا الموقفَ إلا شجاعةً وصبراً وعزيمةً ومزيداً من التضحية وطلباً للشهادة، فليست دماؤنا أغلى من دم الإمَـام الحُسين، ولا أرواحنا أرفع شأناً من روحه، بل إننا سنمضي على نفس ذلك المنهج الحسيني بلا تراجعٍ أَو تقهقرٍ، حتى يأذن الله لنا بنصر من عنده، أَو نرتقيَ إليه شهداء.