القضاءُ على قاتل الشهيدَين “إبراهيم الحوثي” ورفيقه في مدينة مأرب: لا مخبأَ للمرتزقة بعد اليوم
الداخلية: قادرون على الوصول إلى عمق المناطق المحتلّة وسنلاحق عناصر العدوان على امتداد جغرافية اليمن وخارجه
المسيرة | خاص
في واحدةٍ من أهمِّ العمليات الأمنية والاستخباراتية المعلَنة ضد العدوان، نفّذت وزارةُ الداخلية، منتصفَ الأسبوع الفائت، ضربةً احترافيةً خاطفةً في عُمقِ مدينة مأرب الواقعة تحت سيطرة العدوان، تمكّنت بها من القضاء على المنفّذِ الرئيسي لجريمة اغتيال الشهيدين، إبراهيم بدر الدين الحوثي، ورفيقه محمد البدر.. ضربةٌ حملت مفاجآتٍ ورسائلَ مهمةً، أوّلاً من حيثُ سرعة نجاح الداخلية في معرفة الجاني وتحديد مكانه، ثم من حيث الوصول إليه والقضاء عليه داخل العمق الجغرافي للعدو، الأمر الذي تبلورَ أكثرَ في إعلان غير مسبوق للداخلية عن أن عملياتِها لملاحقة المجرمين ستشمل كافةَ الجغرافية اليمنية وخارجها، وهو ما يمثل إعلاناً رسمياً عن مرحلة “أمنية” جديدة، تأتي كجزءٍ من مصفوفة التطور النوعي في القدرات اليمنية الرادعة على كافة المستويات، بما يرسلُ رسالةً شديدةَ الوضوح للعدو، أنه لن يحظَى بأيِّ أمان لا في جبهات المواجهة، ولا في مناطق سيطرته، وأن الطرُقَ الخلفية الغادرة التي يحاولُ أن يسلُكَها؛ للبحث عن انتصارات، ستكونُ ساحةً أُخرى للمزيد من إخفاقاته وهزائمه.
وزارةُ الداخلية كشفت عن العملية، الأربعاء، في بيان أعلن أنه “في تمام الساعة السابعة و24 دقيقة من مساء يوم الثلاثاء العاشر من محرم 1441هـ الموافق ١٠ سبتمبر أيلول 2019م، نفذت الأجهزةُ الأمنية عمليةً استخباريةً وأمنيةً نوعيّةً ناجحةً في عمق المناطق الخاضعة لسيطرة العدوان بمدينة مأرب، تمكّنت خلالها من القضاء على المدعو “محمد علي قايد ضاوي، البالغ من العمر 54 عاماً” معلنةً أنها بذلك قتلت “المنفذَ الرئيسي لجريمة اغتيال الشهيدَين إبراهيم بدر الدين الحوثي ورفيقه محمد حسين قاسم البدر”.
وأضاف البيان أن العمليةَ جاءت “بعد استكمال الأجهزة الأمنية إجراءاتِ التحقيق وجمع المعلومات الدقيقة التي توصّلت من خلالها إلى معرفة الأشخاص والجهات المشتركين والضالعين في تنفيذ جريمة اغتيال الشهيدين”، مؤكّـدة أن التحقيقات والمعلومات الدقيقة التي توصلت إليها “أثبتت ارتباطَ المدعو (ضاوي) باستخبارات العدوّ السعودي التي كشفت التحقيقات أنها الجهة الرئيسية التي تقف خلف الجريمة”.
شهرٌ واحدٌ فقط فصَلَ بين جريمة الاغتيال وبين القضاء على منفذها، وهي فترة تشهد بأن القبضةَ الأمنية في صنعاء استطاعت أن تمسكَ بالكثير من خيوط الجريمة في وقت قياسي برغم الظروف الصعبة التي يواجهها البلدُ في ظل المؤامرات الاستخباراتية والأمنية التي تُحيكُها دولُ العدوان بشكل مستمرّ، في محاولاتها المتواصلة لإسقاط البلاد من الداخل، أَو تحقيق انتصارات وهمية بواسطة ارتكاب الجرائم..
هذا النجاحُ الأمني تكامَلَ بشكل احترافي مع نجاح استخباراتي عالي المستوى نقَلَ الإنجازَ من مرحلة كشف الجناة، إلى مرحلة تنفيذ العقاب، وهو الأمرُ الذي يمثل الصفعةَ الأكبر التي تلقاها العدوّ في العملية، فتحديدُ مكان القاتل داخلَ في عمق مدينة مأرب بدقة، والوصول إليه والقضاء عليه بشكل ناجح ومباغت، أكّـد أن العُمقَ الجغرافي للعدوان داخل اليمن مكشوفٌ للأجهزة الاستخباراتية في صنعاء، وبشكل كلي، أولاً: لأَنَّ الصريعَ “ضاوي” كان أحد العناصر المرتبطِة بالاستخبارات السعودية، ما يعني أنّ العثورَ على مكان تواجده سيكونُ أكثرَ صعوبة من العثور على مكان تواجد عنصر عادي، وثانياً لأَنَّ النجاحَ في الوصول إلى ذلك المكان وتنفيذ الضربة الأخيرة بنجاح، يعني اختراقَ العديد من خطوط دفاع العدوّ داخل المنطقة، بدءاً بالانتشار الأمني والعسكري لسلطة المرتزِقة ومروراً بالاستخبارات المعادية (محلياً وسعودياً) وصولاً إلى تحصينات الجاني وإجراءاته الوقائية التي كان يحاول أن يحمي بها نفسَه كعُنصر استخبارات.
مرحلةٌ “أمنيةٌ – استخباراتيةٌ” جديدة
بالمجمل، كشفت العمليةُ أنه لا يوجدُ مخبأٌ آمنٌ لعناصر العدو، وهو ما بلورته وزارة الداخلية في الجزء الأخير من بيانها، والذي أعلن بشكل واضح أن “أيادي الأجهزة الأمنية ستطال كُـلّ من يحاول الإخلال بالأمن على امتداد جغرافية اليمن وخارجها”، وأن الأجهزة الأمنية باتت “قادرةً على الوصول إلى عُمق كُـلّ المناطق المحتلّة والخاضعة لسيطرة العدوان التي ظنّتها عناصرُه الإجرامية والمأجورة أماكنَ آمنةً؛ للاحتماء بها والاختباء فيها بعيداً عن أيادي الأجهزة الأمنية”.
إعلانٌ هو الأولُ من نوعه، يحملُ معه إثباتاً عملياً، ويكشفُ أن الاختراقَ الاستخباراتي الذي حقّقته “صنعاءُ” داخل صفوف العدوان بات أكبرَ من قدرة العدوّ على التعامُلِ معه، وأن لجوءَ العدوّ إلى الطرق الخلفية الغادرة في محاولاته لتحقيق إنجازات وهمية أَو استهداف الأمن وإسقاط البلاد من الداخل، هو رهانٌ خاسرٌ بلا محالة، وميدان هزائم إضافية له يتكامل مع ميادين هزيمته في جبهات المواجهة.
والواقعُ أن النجاحَ الاستخباراتي الكبير في اختراق صفوف العدوان، قد ظهرت مصاديقُه سابقاً وفي أكثرَ من مناسبة، وبالذات من خلال الضربات “الاستباقية” التي نفذتها القوةُ الصاروخية خلال الفترة الماضية والتي أثبتت بشكل واضح أن خططَ العدوّ باتت مكشوفةً بشكل غير مسبوق، وأن انتقالَ معلومات العدوّ بات يتم بطريقةٍ سريعةٍ وفورية تواكب تحَرّكاته أوّلاً بأول.
وفي سياق تثبيتِها الرسمي لهذا الإنجاز، أعلنت الداخلية في ختام بيانها أنها “ستكشفُ قريباً عن مَصير بقية الجناة المشتركين والضالعين في تنفيذ جريمة اغتيال الشهيدَين إبراهيم الحوثي ومحمد البدر”، وهو ما يوضحُ أَيْـضاً أن عمليةَ القضاء على المدعو “ضاوي” لم تكن من قبيل المصادفة، وإنما جاءت ضمن استراتيجيةٍ ناجحةٍ ومنظّمةٍ لوزارة الداخلية في ملاحقة المجرمين على امتداد الجغرافيا اليمنية.. وخارجها.