بنات الشهيد: والدُنا نال ما تمنّاه وسخّر طاقاتِه لمساعدة الفقراء ولم يضعْ أيةَ حواجز بينه وبين الناس
أسرة الشهيد إبراهيم بدر الدين الحوثي في حوار صحفي: مسيرتُنا عظيمةٌ علّمتنا الجلَدَ والصبرَ.. والجزاءُ الأوفى من الله
زوجة الشهيد: لديَّ ولد وحيد ربّيته على بذل الروح وقد بذلته في سبيل الله
اعتادت أُسرة العلامة السيد بدر الدين الحوثي، على التضحية في سبيل الله ونُصرةً للمستضعفين ودفاعاً عن قضايا وطنهم وحريةِ الشعب الذي ينتمون إليه؛ ولذلك لم يكن غريباً أن يسمعَ الناسُ كلماتٍ ملؤُها الرضا والعِــزَّةُ والكرامةُ من أحد أفرع هذه الأُسرة، وهم عائلةُ الشهيد المجاهد إبراهيم بدر الدين الحوثي، الذي اغتيل على يدِ قوى العدوان المهزومة والتي ساءها ما كان يقدِّمُه الشهيدُ؛ لإعانة الفُقَراء والمساكين المتعفِّفين من دون مَـنٍّ ولا أذى ودون انتظار لمكافئة دنيوية زهد عنها كما هو حالُ أفراد الأُسرة، وتطلع دائماً لرضا ربه فنال الشهادةَ التي أرادها وتمناها.
في المنزل المتواضِعِ الذي أقام فيه الشهيدُ وتقيمُ فيه أسرتُه، كان هذا اللقاءُ الصحفي مع زوجة وأبناء الشهيد إبراهيم بدر الدين الحوثي، وعلى تواضع المنزل كانت الكلمات شامخةً أكبرَ من المباني وأعلى من الجبال.
حوار / أحلام عبدالكافي
– أُسرة الشهيد إبراهيم بدر الدين الحوثي عظم الله لكم الأجر وحيّاكم الله في هذا اللقاء؟
تقبَّل اللهُ من الجميع، وحيّاكم اللهُ وعظّم اللهُ أجرَ الجميع. كان والدي الشهيد إبراهيم -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- (الكلام لتسنيم ابنة الشهيد) يتوقُ للشهادة وكانت أسمى أمانيه فنالها -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ-، تميَّزَ الشهيدُ بإخلاصه لله وللقضية حين تفانى في استشعارِه للمسؤولية فكان قريباً من الناس والمجتمع، كان قريباً منهم؛ لفعل الخير ولم يكن يفضّلُ أَنْ يكُوْنَ بينه وبينهم حجاب، فمن هنا استغل أعداءُ الله هذا التواضعَ لتنالَه يدُ الغدر والإجرام فارتقى شهيداً -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ-.
– تسنيم إبراهيم بدر الدين، ما هي الرسالةُ التي تقدمينها للعدوان الذي يسفِكُ الدمَ اليمنيَّ على مدار خمسة أعوام وأنت اليوم بنتُ شهيد؟
رسالتي للعدوان -وبالذات النظام السعودي- بهذا الاغتيال لوالدي الغالي لم يحقّقوا إلا أُمنيةً في نفس الشهيد وهي أن يرتقيَ شهيداً، وبالنسبة لنا نفتخرُ بأنّا بنينا في سبيل الله لبنةً في صرح الإسْــلَام الشامخ، وبالنسبة للعدوان ما زادتهم هذه الجريمة إلّا ذُلًّا وخنوعاً، وهي دليلٌ على إفلاسهم وفشلهم الذريع، وذلك مثلما تحدث السيد القائد -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ-، وإنَّ دماءَ الشهيد البطل نصرٌ وفتحٌ قريبٌ وعِــزَّةٌ لليمن بإذن الله.
– تحدث السيّد عَبدالملك بدر الدين بأن والدَكم الشهيدَ إبراهيمَ كان يعيشُ وضعاً طبيعياً كأيِّ مواطن يمني عادي ولم يكن يتحَرّك بمواكبَ أمنية وحماية أمنية.. حدثونا هنا عن تواضع الشهيد؟
تسنيم: أَهَــمُّ المناقب التي تحلّى بها والدي الشهيدُ البطلُ هي الصدقُ في كُـلِّ المواقفِ، وهذه أكثرُ صفة اقتبسناها منه وتربّينا عليها حين كان يترجمُها الشهيدُ في مسيرةِ حياته..
ثانياً الإخلاصُ في العمل والإحسانُ المتفاني؛ لنُصرةِ دين الله وخدمة المجتمع، ما كان يغلق هاتفَه أبداً، حتى وقت النوم ما كان يفكر يغلق هاتفَه أبداً، يسهرُ على خدمة الناس؛ لكي مثلاً يهدأ ويرتاحَ من ضغط العمل طوال ساعات اليوم، بل العكس كان يمتلكُ طاقةً إيْمَــانيةً عجيبة، ويمتلكُ قوةً بفضل الله جعلته يسهرُ؛ لمعالجة قضايا الناس والتخفيف من معاناتهم بعمله الخيري.. كما كان من أبرز صفاته العظيمة -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- الوفاءُ وتشبُّعُه بالثقافة القرآنية واهتمامُه الكبيرُ بالقرآن وتعليمنا المستمرّ إياه، وكان يحرِصُ على الانتفاع به في واقع حياتنا.
– كما تحدث السيد القائد أَيْـضاً أن الشهيد إبراهيم -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- كان تحَرّكه إنسانياً خيرياً اجتماعياً.. حدثونا عن هذا الجانب وأنتم أُسرة الشهيد من كنتم أقربَ الناس إليه وقد كنتم تلمسون هذا الجانب بقوة؟
أُسرة الشهيد: كان الشهيدُ البطلُ مهتماً جِـدًّا بالجانب الخيري، وكان يعتبرُ هذا المجال جبهتَه، حيث أنه كان يتوقُ للذهاب للجهاد في الجبهات إلا أنه تفانى في هذا الميدان؛ لمساعدة الفقراء والمساكين، فالجانب الإنساني وجده جبهةً تستحقُّ الاهتمامَ والجهادَ فيها.. حيث كانت لديه مشاريعُ خيريةٌ وأسّس العديدَ من الجمعيات الخيرية ودعمها بجهودٍ كبيرةٍ، وتفانى من أجل تحقيقِها وانتفاع المجتمع بها قدرَ الإمْكَان، مثل مؤسّسة بُنيان وخيرات والعديد من الأعمال الميدانية؛ لخدمةِ المجتمعِ، نسألُ اللهَ أن يجعلَها في ميزانِ حسناته، وأجرُه الكبير.
– ما الذي حقّقه العدوانُ باغتيال الشهيد؟
أُسرة الشهيد: الشهادةُ فخرٌ للشهيد إبراهيم وفخرٌ لنا نحن أُسرته وفخرٌ للمجتمع، فالشهادةُ كالبذرة الطيبة تنمو في الأرض؛ لتُنشِئَ جيلاً مقداماً، جيلاً يأبى الضيمَ والقهرَ والانكسارَ، جيلاً يثأر من الطغاة والجبابرة، ومن أقذر الوسائل التي استخدمها العدوّ هي الغدرُ والقتلُ بدون مواجهة، فالشهيد إبراهيم كان شجاعاً مقداماً مشهوداً له بالبطولات منذ الحروب الست، لم يكن يخافُ ولا يخشى إلا اللهَ.. ولم يكن العدوُّ بهذه الجريمةُ رغم وحشيتها ورغم الألم والحزن الذي أصابنا لفراقنا له ليثبِّطَ من عزائمنا أبداً ولا أن يذلَّنا، بل زدنا إصراراً على مواجهة هذا العدوان الطاغي؛ لصد إجرامهم، وهذه الجريمةُ دافعٌ قويٌّ.
– أم عَبدالله إبراهيم بدرالدين.. ما هي الرسالة التي توجّـهينها لأسر الشهداء؟
ج:- أوّلاً رحمةُ الله تغشى الشهيدَ إبراهيمَ وسلامُ الله على أرواح كُـلّ الشهداء العظماء.. أما رسالتي لأسر الشهداء فهي مهمَّةٌ جِـدًّا، أن تجسِّدَ كُـلُّ أسر الشهداء كيفيةَ المُضيِّ على نهج شهدائهم بكل قوةٍ وعزيمةٍ دونما انكسارٍ، وضرورة الصبر وتحمُّل المشاقِّ والألم في سبيل المضيِّ على نهج الشهداء العظماء، ومثلما أرادوا لنا فلا بد أن نربِّيَ أنفسنا وأولادَنا على روحية البذل والعطاء والقناعة والكرم؛ لنغيظَ الأعداء.
ورغم أن لديَّ ولداً وحيداً فلقد ربّيته على بذل الروح وقد بذلته في سبيل الله فلا بد أَنْ تكُوْنَ أنفسُنا عاليةً وأرواحُنا زاكيةً.
سوف أربّي أولادي على نهج والدهم الشهيد إبراهيم، ولي الفخرُ والعِــزَّةُ أن أعاني وأن أربِّيَ أولادَ الشهيد، فهذه عِــزَّةٌ وكرامةٌ، فالعدوان يألَمُ كما نألمُ إلا أن مسيرتَنا عظيمةٌ علّمتنا الجَلَدَ والصبرَ، والجزاءُ الأوفى من الله في الدنيا والآخرة.
– فاطمة إبراهيم بدر الدين.. كيف استقبلتم نبأَ استشهاد والدك؟
كانت لحظةُ استقبالنا لنبأ استشهاد والدي الشهيد إبراهيم من أحزنِ اللحظات في حياتي، وكانت فاجعةً قويةً، إلا أن مسيرتَنا ومنهجيةَ آل البيت الأطهار هي من ربّتنا على القوةِ ورباطةِ الجأش وقتَ المصائب، فلقد تذكّرنا صبرَ السيدة زينب عليها السلامُ، التي صبرت على فَقْدِ أربعين شهيداً من أسرتها من آل بيت النبوة الأطهار، بكل إيْمَــانٍ حين قالت: اللهم تقبَّلْ منا هذا القُربانَ.. فو اللهِ إننا ماضون على نهجِك يا والدي الغالي وحسبُنا الله ونعم الوكيلُ ولا نامت أعينُ الجبناء.
أما عَبدالله إبراهيم بدر الدين.. فردد قائلاً: (اسمي عبدُالله إبراهيم بدر الدين، وعمري خمس سنوات، أفتخرُ أنني قدمتُ أبي شهيداً وماضٍ على دربه وأنا فاقدٌ لوالدي الحبيب، وسوف أواجهُ أعداءَ الله يا أبي).
اللهُ أكبر.
الموتُ لأمريكا.
الموتُ لإسرائيل.
اللعنةُ على اليهود.
النصرُ للإسْــلَام.