ومن ثورة الحُسين نستمدُّ ثورتَنا
مرتضى الجرموزي
ونحن نحتفلُ اليوم بعاشوراءِ الحُسين ذكرى استشهاده -سَلَامُ اللهِ عَلَيْـهِ- يجبُ علينا أن نفهمَ لماذا خرج؟ ولماذا ترك مدينةَ جدّه قاصداً كربلاءَ العراق؟ ولماذا وقف في وجه الطاغية يزيد؟ ولماذا عرّض نفسَه وأهلَه وأصحابَه للقتل والذبح؟ وهل كان خروجه لدينٍ ينصره أَو لدنيا يعشقها أَو لجاهٍ يطلبه؟
لقد كان خروجُه -عَلَيْـهِ السَّــلَامُ- وفقاً لدعوة أهلِ العراق الذين كاتبوه أن هلمَّ إلينا قائداً، لاقتلاع طاغيةِ العصر يزيدَ بن معاوية؛ لهذا لّبى الحُسينُ الدعوةَ.
عرّض نفسَه وأهلَه وأصحابَه للموت؛ من أجل الله ونُصرةً لدينه وإعلاءً لكلمته ولإحقاقِ الحَــقِّ وإزهاقِ الباطل، لدحر الظلمة وإزاحة ثقل الطاغية يزيد وزبانيته عن كاهل الأُمَّــة التي كانت تتشوق لثورة قائدها الحُسين.
ولو عُدنا إلى التاريخِ وحكمِ يزيد، لوجدناه ظالمَ عصره، وفرعونَ زمانه، قتلَ الأطفالَ والنساءَ وحرّق الكعبةَ، لاعَبَ القردة والكلاب، احتسى الخمور، ظلَمَ كُـلَّ البشرية، تجاوز حدودَ الله، وقاتل أولياءَ الله واعتمد البغيَ والإجرام؛ ليرعب به عامَّة الناس، حتى وصل صدى بطشه وعناده إلى المدينة المنورة التي خرج منها الإمَـام الحُسين -عَلَيْـهِ السَّــلَامُ- ليثأرَ في وجه النظام اليزيدي وحاشيته الفاسدة.
خرج ليعلنها ثورةً مدوية عالية وفي وجه الطغاة، أشعلها سيدُ شباب أهل الجنة ضدَّ يزيد وحاشيته، التي كانت أشبه بدولة الفراعنة.
ومن ثورة الحُسين العاشورائية مبادئها وأهدافِها، ها نحن مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة نستمدُّ من عاشوراءَ ثورتَنا بصمودٍ إيْمَـاني، وهُـوِيَّةٍ محمدية، وبأسٍ حيدري رباني، نواجه أحفادَ يزيد وأحفادَ الفراعنة بنفس سيناريو الأهداف والمبرّرات، فصدقُ القضية وواجبُ المسؤولية من حتّمت على الإمَـام الحُسين أن يقف ثائراً في وجه الطاغية يزيد ابن معاوية.
قالها الحُسين كـ شعارٍ أرعب الطغاةَ وزلزلَ عروشَ المستكبرين، منذُ أيّام عاشوراء إلى يومنا هذا، وهيهات منّا الذلة تدك قصورَ الظالمين، أعلنها الإمَـام الحُسين بصراحةٍ وبفمّه المليان المتشبع بالطهر والنقاء، قال كلمته المشهورة: هيهات منا الذلة، وبها واجه يزيدَ وهزم يزيدَ فكرياً وعقائدياً وجهادياً.. وفاز هو ورفاقُه بنعيم الله ورضوانه، لترتفع رايةُ الحُسينِ إلى عنان السماء، لتكون منارةً ونوراً يهتدي به وإليه المستضعفين، وبالمقابل فقد بقيت رايةُ يزيد في القاعِ ممزقةً من التمس بها نوراً هوت به إلى قعرِ جهنم.
ففي ذكرى عاشوراء الذكرى الأليمة، يجب علينا أنْ نستلهمَ منها عظيمَ الدروس والتضحية والفداء، الذي سطرّه الإمَـام الحُسين ورفاقه، فهي دروسٌ ملؤها العِــزَّة والشموخ ملؤها الإباء، وبها تسمو حياتنا ولنتخذها القدوةَ الحسنة في مواجهة الظالمين في أي زمان ومكان، ولنصدع بها جهراً “هيهات منا الذلة”.
ومهما عمل المتحالفون من قوى العدوان السعودي الأمريكي ومرتزِقتهم في سبيل يزيد، فلن يرهبَنا عدوانهم ولن تثنيَنا جرائمهم عن مواصلة درب الحُسين، فكلُّ أيامنا عاشوراء فيها نجاهد نَقْتُلُ ونُقْتَل.
لنقولَ لهم نحن أُمَّــةٌ حسينية لن نرضخَ لكم ولن ترتعدَ فرائصُنا لنزواتكم الخبيثة، وليعلمَ تحالفُ الشر والإجرام السعودي الأمريكي أننا أُمَّــةً تعشق الشهادة كما يعشقون هم الحياة، ولن يرونا إلّا حيثُ يكرهون.
فكلما سقطَ منّا شهيدٌ، كلما أيقظ اللهُ أُمَّــةً حسينية مجاهدة ستقارعكم وستقاتلكم ما بقيت على قيد الحياة، فمسيرتنا القُــرْآنية حسينية، ومسيرتكم الشيطانية أموية يزيدية.
فالحُسين مستمرٌ في ثورته وتتجدّد كُـلَّ يوم، ويزيد مستمرٌ في بغيه وعناده الإجرامي وسيكبته الله.
ولهذا نكرّرُ ما سمعه الطغاة إبّانَ عاشوراء، ونقولُ لتحالف الشر الإجرامي: “كد كيدَك، واسعى سعيَك، وناصب جهدك فو الله لن تمحوَ ذكرنا، ولن تميت وحينا”.
فحتماً ستكون هذه الدماء في ذات يوم إعصاراً يلتهم قواك، ويبدد أحلامَك ويقضي على سلطانِك، وستُقهر كما قُهِرَ الجبابرةُ من قبلك.