المصالحةُ الوطنية.. عرضٌ مغرٍ أم فرصةٌ أخيرة!
منير إسماعيل الشامي
لا يختلف اثنان على أنَّ الحوارَ هو المضلةُ الإجبارية الأخيرة، التي سيجتمع تحتها كُـلُّ أطرافِ الصراع رغماً عنهم، وأنَّ الحوارَ أصبح في العامِ الخامس هو الخيارَ الوحيد المتاحَ أمام كُـلِّ اليمنيين على حَدٍّ سواء، مناهضين للعدوان ومواليين له؛ ولأن الغباءَ المستفحلَ لدى المرتزِقة هو السببُ الرئيسي في استمرار العدوان، فإن الأمراضَ النفسيةَ الخبيثةَ التي اسودّت بها قلوبهم هي التي عطّلت بصائرَهم وَبصرَهم، وطوّعتهم عبيداً للطواغيت والمجرمين من الغزاة والمحتلّين، وحالت دونَ عودتهم إلى جادَّة الصواب، ومنعتهم من اغتنامِ أية فرصةٍ للخروج من وحل الخيانة لله ولرسوله وللشعب، ومن مستنقعِ الإجرام والعمالة للمجرمين طوال الفترة الماضية.
هم –وللأسف- لا يفكّرون بالأحداث، ولا يتعظون من النتائجِ التي جنوها من وراء عمالتهم، ولا من نتائجِ المواجهات في المعارك ولا من التطوراتِ التي بلغها الجيشُ واللجانُ الشعبيّة، ولا حتى كذلك من انقلابِ موازين المواجهات في العام الخامس لصالح القوى الوطنية وبسواعدِ الجيش واللجان الشعبيّة؛ لأَنَّ الغزاةَ هم من يفكرون بدلاً عنهم، ويُمْلُون عليهم ما يشاؤون.
قيادتُنا الحكيمة بحلمِها الكريم وصبرِها العظيم، لم تتوقفْ عن القيام بواجبها تجاههم، ولم تتوانَ لحظةً واحدةً في القيام بدورها نحوهم، مترفعةً عن خيانتهم العظمى وجرائمهم الكبرى في حَقِّ وطنهم وشعبهم؛ لأَنَّها تنظر إليهم كيمنيين مخدوعين وقعوا تحت سطوة مؤثرات شيطانية، ومغريات طاغوتية أخرجتهم عن دائرة المعقول تماماً.
فالسيدُ القائد -حفظه الله ورعاه- كان وما يزال داعياً لهم من أولِ يومٍ للعدوان وحتى اليوم، بالرجوعِ من ضلالهم إلى صفِّ وطنهم، وتفويتِ الفرصة على أعداءِ الوطن، ومستمراً في نصحهم ومحذراً ومناشداً لهم وفاتحاً لهم فرصَ النجاة بقراراتٍ رسميةٍ كقرارِ العفو العام، الذي بموجبه يضمنون العودةَ الآمنة، ويتجنبون أيةَ مساءلة عن ما كان منهم، ولكن سوادهم الأعظم كالموتى أمام كُـلّ ذلك لا يسمعون.
ومع ذلك لم تتوقف قيادتُنا الثورية والسياسية، ولم تيأسْ من حال المرتزِقة الميؤوس منهم، فتمضي حكمةُ السيد القائد بإصدارِ قرار المصالحة الوطنية وتشكيلِ لجنة المصالحة؛ لتكون الفرصةَ الأكبرَ للمرتزِقة والبوابةَ الأوسعَ فُتحةً ليعودوا منها إلى صفِّ الوطن وفق إجراءات قوية تقوم بها لجنةُ المصالحة الوطنية وتتولى التواصلَ بهم ودعوتهم بكُلّ احترامٍ وتقديرٍ، وتضمن لهم عودةً مشرِّفةً وآمنةً إلى صف وطنهم.
ربما إن الغزاةَ يفسرون للمرتزِقة أن هذه العروضَ التي لم تتوقفْ والفرصَ التي تفتحها قيادتنا أمامَ خيانتهم وإجرامهم فرصةً بعد أُخرى، كمواقفِ ضعفٍ، فهي ليست كذلك بل هي ثوابت دامغة على مواقف القوة ومواقف العِــزَّة، ومواقف الصفح عند المقدرة والعفو عند التمكين؛ ومن أجل نجاتهم هم كعرض مغرٍ مطروحٍ أمامهم، وكُلُّ الأحداث تشهد بذلك إن شاءوا أن يفهموها.
فهل يغتنم المرتزِقةُ هذه الفرصةَ كعرضٍ مُغرٍ، أم سيفوتونها كفرصةٍ أخيرة؟