عملية الردع الثانية
مرتضى الجرموزي
نصفُ ليلة كان كفيلاً بأن يسهرَها النظامُ السعودي وزبانيته تحت حنين الطائراتِ المسيّرة “يمانياً” وأصوات الانفجارات والدواخين، وهو يرى ألسنةَ النار تلتهم مخزونَه النفطي الذي من عائداته يموِّلُ حربَه الأمريكية على اليمن.
عمليةٌ يمنيةٌ هجومية نُفّذت على حقلَي نفط بقيق وخريص شرق المملكة، بعشرِ طائرات مسيرة صناعة يمنية ذات مواصفات عالية، جعلت الباتريوت عاجزاً عن استهدافها وهو يسمع حنينَها كغيره من أبناء المملكة التي جنت على نفسها.
عمليةٌ أطلق عليها “عملية الردع الثانية” والتي تعتبر الأوسعَ والأشدَّ تأثيراً في العمق السعودي، وبمسافة تجاوزت ألفاً ومِئتي كليو متر، كانت طائراتُنا تحلق فاتحةً حاجزَ الصوت، وبكل أريحية تُغِيرُ على مواقعَ حيويةٍ “نفطية” ستجعل قوى العدوان ونظامَ الأسرة الحاكمة المتهالكة في السعودية يضرِبُ أخماسَ حماقته بأسداس دناءته وتهوره من شنّ العدوان على اليمن، الذي من المؤكّـد أن الأمريكيين هم الرابحُ من رضع المملكة العجوز.
عمليةٌ كهذه أصابت العدوّ في مقتل، وجعلته في غيبوبة اقتصادية ستكلفه الكثيرَ من الخسائرِ بقطاع النفط والغاز الذي تتباهى بعائداته، وها هي اليوم تنوح وتلعق أحذيةَ الأمريكيين؛ لإصدار موقفٍ حيالَ هذه العملية التي اعتبرها محللون مربكةً للنظام السعودي.
ألسنةُ اللهب الصادرة من خزانات الوقود الرسمية والاحتياطية التابعة لشركة أرامكو بمحافظة بقيق وهجرة خريص شرق السعودية؛ بسبب ضربة يمنية مسيّرة بعشر طائرات، أغرقت النظامَ السعودي بدموع خساسته ونذالته وهو يرى بأم عينيه تدميرَ منشآت طالما درّت عليه الأموالَ وبنسبة تفوق التوقعات.
أتته العمليةُ رداً مشروعاً على جرائم العدوان واستمرارية حربه بحق اليمن، وهي كما صرّح بذلك المتحدثُ الرسمي باسم الجيش اليمني العميد يحيى سريع، واحدةٌ من آلاف العمليات في العُمق السعودي، والذي بات بنكَ الأهداف يتوسع من يومٍ إلى آخر في حالة استمرار العدوان.
أشاد العميدُ سريع بتعاون جهة استخباراتية في الرصد وتحديد الأهداف، ويعدّ هذا بحد ذاته انتصاراً للجيش اليمني ولجانه الشعبيّة، وفي نفس الوقت يُعدُّ هزيمةً لقوى العدوان في عمق أراضيه ومركز سلطته.
“وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى” من اعتمد على الله كان اللهُ معه ناصراً ومؤيداً وقاهراً للجبابرة والطغاة، وما هذه العملية النوعية إلا دليلٌ كافٍ على أننا الحق والحق نحن، وما قتالنا إلّا دفاعٌ مشروعٌ كان يوجبُ علينا ألّا نكونَ مكتوفي الأيدي.
وبالنسبة للعملية فقد كانت يمنيةً خالصةً من صناعة، وتطوير، ورصد، وإطلاق، ومتابعة، وتبنٍّ للعملية، وما تُرّهات قوى العدوان وأقلامه المنحطة المنافقة تجاه إيران باتّهامها بالعملية تلك وسابقاتها، إلّا هروباً من الهزيمة إلى الهزيمة الأشد ألماً، هزيمة لقواها البحرية في مضيق باب المندب، وهزيمة لقواها الجوية، وهي هزيمة لكلِّ فرد في تحالف العدوان بكافَّة تخصصاتهم.
وأنّى لإيران أن تُقدّمَ لنا الدعمَ والإسنادَ وتحالفُ العدوان يحكم قبضته بحصاره لكلِّ اليمن براً، بحراً، وجواً، فالحربُ حربُنا وليس لإيران دخل فيها، وإن كان لديكم مشكلةٌ مع إيران فكونوا رجالاً وخذوا حقَّكم من إيران، والأخيرةُ بدورها لن تتوانَ وستردُّ، وكلٌ يثبت جدارتَه في الميدان، وليس في الإعلام والترويج عبر القنوات الإعلامية.
الكرة الآن في ملعب السعودية، ولها الخِيَرَةُ في أمر استمرار الحرب أَو إيقافها، حيثُ لا حَلَّ لإيقاف الضربات البالستية والمسيّرة والهجمات اليمنية في الحدود، إلّا بإيقاف الحرب والاعتذار لكل أبناء اليمن وفتح صفحة جديدة وخلق الألفة بين الشعبين الجارين.
وهي أَيْـضاً رسالةٌ للنظام السعودي؛ لأن العمليةَ تأتي وَفْــقاً لقرارات ومواثيق وأعراف الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وحق الدفاع عن النفس، وقد كنا حريصين على عدم حدوث إصاباتٍ بشرية، وهو ما تحقّق بفضل الله ثم بفضل حكماء ورجالات اليمن بوحدة سلاح الجو المسيّر، الذين كانوا بمثابة اليد الطولى لتضربَكم في العمق، وفي كُـلّ أراضيكم، وسيعلمُ الذين ظلموا أيَّ منقلَبٍ ينقلبون، والعاقبةُ والنصرُ للمتقين.