توازُن الردع الثالثة.. أينَ؟!
عبدالجليل محمد الموشكي
منذُ أن فاجأت صنعاءُ الصمودُ العالمَ بتعاظم إمْكَانياتها العسكرية، وواشنطن والرياض ولندن وأبو ظبي في دهاليز مظلمة؛ خوفاً وفزعاً من القادم بعد فشل أقوى المنظومات الدفاعية الأمريكية في التصدي للبالستيات والطائرات المسيّرة اليمنية المباركة.
ولوعودِ القيادةِ حضورٌ في كُـلّ ميدان، تشهد له “الشيبة” و”البقيق” و”خريص” ومطارات السعودية وقواعدها العسكرية، فقبل شهر تقريباً انطلقت عشرُ طائرات مسيّرة إلى حقل الشيبة النفطي شرقي المملكة، الذي يضمُّ أكبرَ مخزونٍ استراتيجي في السعودية ويتسع لأكثرَ من مليار برميل، في أكبر هجوم على العمق السعودي منذ بدء العدوان على اليمن سميت بـ”عملية توازن الردع الأولى” في ضربة قاصمةٍ للسعودية، ومحذرةٍ للإمارات؛ لقرب الحقل منها، وكلمةُ “الأولى” بالذات زادت من إرهاصاتِ الرعب لدى السعوديين والإماراتيين والأمريكيين وحلفائهم، فحتماً ستليها عملياتُ ردع ثانية وثالثة ورابعة… إلخ.
وبالفعل لم يبرح الشيبة إلا أقل من شهر وَإذَا بالمسيّرات تدك شقيقيه “البقيق و”خريص” فجرَ السبت، 14 من سبتمبر، في توازن الردع الثانية في ضربةٍ مباشرةٍ بعد رصد استخباري دقيق، وبعشر طائرات كالأولى بالضبط، ما أَدَّى إلى اندلاع اللهب في المصفاتين وهما عصبُ النفط السعودي، ما أصاب قلبَ الإنتاج النفطي السعودي بشللٍ نصفي، أَدَّى إلى خسارة السعودية أكثر من نصف إنتاجها النفطي يوم الاستهداف، ناهيك عن توقفِ العمل في المصفاتين وإعلانِ حالة الطوارئ في المدينة واعترافِ العدوّ بحجم خسارته واهتزازِ الاقتصاد العالمي، جراء الضربة الحيدرية اليمنية التي أوقفت دقاتِ قلب النظام السعودي، -وكما أسلفنا- إنَّ عملياتِ توازن الردع مستمرّةٌ وبلا شك ستكون هناك ثالثة ورابعة وخامسة وسادسة… إلخ.
لكن أين ستكون عملية توازن الردع الثالثة؟
بلا شك ستظل كُـلّ منشآتهم الحيوية والعسكرية هدفاً حلالاً لصنعاءَ وبالستياتها وطائراتها في إطار بنك الأهداف، وعلى ما يبدو أنَّ الهدفَ القادم هو حقلُ الغَوَّار بمحافظة الأحساء أكبرُ حقل نفطي معروف في العالم، خصوصاً أنه ليس بعيداً عن البقيق وخريص، وللقيادةِ ورجالِ الصاروخية والطيرانِ المسيّر القرارُ، وبلا شكٍ ستستمر الهجماتُ في إطار الرد المشروع والطبيعي على جرائم العدوان والحصار مع وعد السيد القائد الذي وضع ركائزَ الخيارات الاستراتيجية الكفيلة بالرد والردع ولا عاصمَ من أمر الله، إلا أن تُوقِفَ أمريكا والتحالف العدوان على اليمن، أما غير ذلك فحوارُنا سيكون بالبالستيات والمسيّرات، فضلاً عن التقدم في كُـلّ جبهات الجهاد المقدس، والحمدُ لله القائل: (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ، إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ، وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ، وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا).