مرتزقةُ اليمن.. نموذجٌ حديثٌ للذل والخضوع والانحطاط
جبران سهيل
هناك أشخاصٌ تاهت الإنسانيةُ فيهم، بين ظلامية حقدهم الدفين وحبهم للسلطة والمال، هؤلاء ذهبت الإنسانيةُ من داخلهم، وغادرت خلفها عزةُ النفس والرجولة والضمير الحي، ليتركوا وحيدين مع أحقاد وكذب ومغالطات واسترزاق دنيء لا مثيلَ له ولا منازع.
البعضُ أصحابُ شهادات عليا ومشايخ قبائل عريقة ضاربة في عمق التأريخ ورجال علم ودين وأصحاب ألقاب ومسميات كثيرة، لطالما خدعوا أنفسَهم بها قبل أن يخدعوا غيرهم، وحقيقةُ أمرهم الطبيعية اتضحت أنهم داءٌ خبيثٌ لا دواءَ منه، استأسدوا وسادوا كثيراً ولكن صورتهم الأخيرة منفرة عن تلك الهيبة والاستعراض الذي كانوا فيه، أضحوا قططاً ذليلةً خاضعةً مستسلمةً لتوجيهات عدوِّ وطنهم وشعبهم، لا يملكون ذرةً من الرجولة والشخصية، مراتٌ كثيرة سمعنا عبر مواقعهم وقنواتهم بأن من يسمونه التحالفَ شنَّ غاراتٍ على قواتِهم بالخطأ “نيران صديقة”، ويذهب نتيجتها العشراتُ منهم، ومن تراجع منهم في المعركة يتم استهدافه علناً؛ ولأن قيمتهم مجردَ ريالات سعودية ودراهمَ إمارتية يتقبلون ذلك بروح استرزاقية، وبعيونٍ تنظر إلى الأرض خجلاً وعاراً من واقعهم المؤلم، ومن ثم حلّت الطامّة الكبرى عليهم حين أضحت معسكراتِهم وأماكنَ تجمعهم هدفاً مقصوداً لطائرات التحالف الذي جلبوه؛ لتدمير وطنهم واستباحة دماء أبناء شعبهم، واصفاً إياهم بجماعات إرهابية تخالف التوجيهات وتقتتل مع طرفٍ آخرَ من رفاقهم المرتزِقة، خلّفت مئاتِ القتلى من جنود ما يسمى المجلسَ الانتقالي وأتباع شرعية الفنادق، والذين قضوا على يد شركائهم المتيمين بهم، في مشهد غريب جداً وغير معهودٍ كثيراً، ولم يجرؤ أحدٌ منهم على اتخاذ موقفٍ ضدَّ السعودية أَو الإمارات؛ لأَنَّهم وباختصار مجردُ أحذية لدى هؤلاء، تُداس بصمت واستسلام لا مثيلَ له، وفي مشهدٍ آخرَ أكثرُ ألماً وغرابةً تأتي طائراتُ العدوّ الذي طالما ردّدوا له عبارةَ الشكر والامتنان، لتبيد سجناً مليئاً بأفراد من أتباعهم المرتزِقة الأسرى لدى الجيش واللجان الشعبيّة بمحافظة ذمار، في جريمة لم يشهد مثلها تأريخ الأمة أجمع، المتنافيةِ تماماً مع قيم الدين والأخلاق والإنسانية والقوانين الدولية، ثم لم يكن من مجموعة الأحذية إلا مواصلةُ الصمت المشين والمخزي تجاه هذه الجريمة.
فخلال أحداث عدن الأخيرة استنتجنا أنَّ لا ذرة من رجولةِ وشجاعةِ وفزعةِ وحميةِ ونخوةِ اليمني الأبي توجد في هؤلاء، وبعد ما حل بهم من إهانات من قبل من استأجرهم؛ للركوب على ظهورهم والسيطرة على محافظاتهم، ما هي إلا أيّامٌ حتى شاهدنا عدداً من قيادتهم العميلة تحلُّ صاغرةً ذليلة بمدن وعواصم من قصفهم وأزهق أرواح أفرادهم وقتل رفاقَهم الأسرى، وأنزل الشتائمَ وأقسى الإهاناتِ في حقهم ورغم ولاءهم المطلق له، ومن نعم الله علينا أن الأحداث كما هي دائماً تُميّزُ الخبيثَ من الطيب، وهؤلاء وأشباههم رغم حقارة دورهم ضد الوطن وما تسببوا فيه من إراقة للدماء، إلا أنهم أصفارٌ على يسار ملايين الشعب المواجهين لأشرس عدوان عالمي على البلد منذ ما يقارب خمسة أعوام، فلا وهنٌ ولا ضعفٌ ولا استسلامٌ.
لماذا لم يعتبروا مثلاً بما تعرّض له أسراهم من مجزرة بشعة وجريمة شنعاءَ في ذمار على يد من تحالفوا معه ووضعوا أياديهم بيده؛ لتدمير وطنهم تحت شعارات جوفاءَ، ويعلنوا بصريح العبارة دون خوف أَو ذل حقيقةَ من استقدموه لمعركة التحرير المضحكة، ويقولوا بصريح العبارة “إلى هنا وكفى” تلك المجزرة التي ارتكبتها طائراتُ العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي واهتزّت لهولها ضمائرُ الكثير من أحرار العالم، بينما يلتزم مرتزِقة العدوان الصمتَ المستمر رغم أنّ الضحيةَ منهم وممن يقف في صف العدوان؛ لذا وطن التضحية والإباء يعلن براءته من أشقى أبنائه، ويرفض حمل أشخاصٍ كهؤلاء، غير آبه بكل القابعين في فنادق الرياض وأبو ظبي والقاهرة؛ لأَنَّ هناك على ترابه رجالَ الرجال الذين تعتز بهم اليمن وتتباهى، أما مجموعةُ المرتزِقة الذين أخطأوا جـداً في الحسابات، وكانوا على مستوى كبيرٍ من الحماقة حين اعتقدوا أنَّ شراكتَهم مع الغزاة وسقوطَهم في وحل الخيانة والارتزاق؛ للمكر ببلدهم وبالأوفياء من أبنائه هي مجردُ أيّام ومن ثم تحسم الأمور، وعن طريق منشورات وفسبكة وإعلام مخادع ودعم مالي وسلاح وعدو مجرم وسفاح يتم الاستعانة به؛ ليعبث بمنطقتهم تميلُ كفة المعركة لصالحهم دونَ عناء، فأطلقوا على قاتل أطفال اليمن اسم التحالف العربي والمنقذ للشعب، وهو في وطننا وشعبنا على مدى سنوات وفي عدوانه أَو في الماضي، ليس بغريب حتى على هؤلاء أنفسِهم، وبعد أن أوشكنا على مشارف فشل المؤامرة، ووقوف جميع أبناء الوطن ضد العدوان ومرتزِقته؛ لذا فقد كان وقعُ الصدمة التي يعيشها قادة العدوان بعد خمسة أعوام من عدوانهم عظيمةً جداً، مما جعله يتخبط ويغشاه الموت من كُـلّ مكان، وهو ما جعله يقتل أدواتِه ويستبيح دماءهم كما استباح كرامتهم، ولا زال مع فجرِ كُـلِّ يوم جديد يتلقى ضرباتٍ قاسيةً في عمقه وبمنشآته الحيوية، بصواريخنا وطائراتنا المسيّرة، والقادم أعظم بعون الله.