السعودية تائهة: لا نفط.. لا “حماية” أمريكية.. ولا رواية منطقية
بعد أسبوع على ضربة “بقيق”:
الجبير يتوسل العالم للوقوف مع المملكة ويقر بزيف ذرائع العدوان على اليمن
المسيرة | ضرار الطيِّب
بعد أُسبوعٍ من تلقيها أكبرَ ضربة عسكرية يمنية على منشأتها النفطية، لا تزال السعوديةُ غارقةً في الخسارة والفضيحة حتى أُذُنَيها، فبين التراجع الكبير الذي أصاب اقتصادها جراء الهجوم، والذي حوّلها من أكبر “مصدر” للنفط إلى “مشترٍ” له، وبين عجزها عن حماية نفسها من أية هجمات قادمة، في ظل ثبوت فشل القدرات الدفاعية الأمريكية و”تخاذل” ترامب الذي، بالتأكيد، فضّل “الاستفادة” من الموقف لمصلحته، لم تبقَ أمام السعودية أية خيارات للتعامل مع الضربة سوى مواصلة “الاستغاثة” بالعالم.. استغاثةٌ تحاول فيها استحضارَ شبح “إيران”؛ لكي يبدو الأمر “شأناً دولياً”، ولكن بلا جدوى، فبعد أن منحها العالم الإداناتِ التي أرادت، مع استمرار “ابتزازها”، لم تعد تصريحاتُ المسؤولين السعوديين سوى نداءات “تسوُّل” مكرّرة لا تفعلُ أكثرَ من التعبير عن مدى سُوء حال الرياض.
آخر تلك التصريحات أدلى بها وزيرُ الشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، أمس السبت، جاء فيها: “السعودية تعرّضت لـ 260 صاروخاً بالستياً من اليمن” و”على المجتمع الدولي التحَرّك” وهو تسوُّلٌ مكرّرٌ من الجبير، يخبر به العالم أن السعودية تعاني من تداعيات عدوانها على اليمن، لكنه إذ يثبت ذلك، يحاولُ الهروبَ منه بشكل فاضح خلال الحديث عن ضربة “بقيق” و”خريص”؛ ليقول إن الضربة “لم تأتِ من اليمن بل من الشمال”، في محاولة لتثبيتِ المزاعم المثارة حول مسؤولية “إيران” عن الضربة.
لم يجرؤ الجبير على اتّهام إيران صراحةً، ولم يحدّد بالضبط المكان الذي جاء منه الهجوم، لكنه كان متأكّـداً من أنه لم يأتِ من اليمن، في ارتباك مثير للسخرية، يوضح مأزقَ السعودية بعد أن ترك لها ترامب مهمة “الإعلان عن مصدر الهجوم”، مؤكّـداً أنه لم يعدها بالحماية وأنه لا يريد حرباً مع إيران، فيما فشلت كُـلُّ المحاولات السابقة لاتّهام العراق. في ظل هذا الانسداد، يبدو أن “الشمال” الغامض سيبقى الجهةَ الوحيدة التي يمكن أن تتهمَها السعودية بشكل رسمي، إذَا قرّرت أن لا تعترفَ في النهاية بأن الهجوم كان يمنياً، وكان ردًّا على جرائم العدوان المستمرة منذ قرابة خمس سنوات.
بالتالي فإن الجبير لم يكن يتسوّل الحماية وحسبُ حينما طالب العالم “بعزل إيران” وإنما كان يتسول حتى التشجيع المطلوب لاتّهامها بشكل رسمي، حتى تستطيع السعودية أن تقول للمرة الأولى شيئاً واضحاً، ولو كذباً، حول الهجوم الذي أفقدها نصف إنتاجها النفطي، والذي مر عليه أسبوع، بدون أن تنتج التحقيقات حوله أي شيء سوى جهة “الشمال”!
وكانت آخر تحديثات الموقف الأمريكي بخصوص الهجوم، قد انتهت إلى إعلان “الاستعداد” لإرسال قوات أمريكية “ذات طابع دفاعي” إلى السعودية، وهو ما يأتي في إطار محاولات ترامب للاستفادة من الوضع، بعد أن أعلن طلبَ أموال جديدة من الرياض، بدون أن تتبنى واشنطن أيَّ اتّهام رسمي لأيَّةِ جهة.
حاول الجبير الهروبَ من “يمنية” هجوم “بقيق” وحقيقة؛ كونه نتيجةً طبيعيةً لاستمرار العدوان على اليمن، لكنه عاد بدون أن يدري إلى ما هرب منه، وبشكل فاضح أيضاً، فبينما كان يواصل استرحامَ العالم لحماية السعودية، قال: إن “السعودية لم تطلق رصاصةً واحدة في وجه إيران”، معترفاً بذلك أن الذريعة الأبرز للعدوان على اليمن وهي “مواجهة إيران” وادعاءات استهداف “الخبراء الإيرانيين في اليمن” كانت مجرد كذبات كبيرة.
وإذن، يقول الجبير للعالم: إن السعودية تكذب بشأن عدوانها على اليمن، ثم يطلب تصديقها في مسألة هجوم “بقيق” الذي لم تجرؤ حتى على أن تطلق اتّهاماً رسمياً بشأنه؛ ليكون ذلك دليلاً آخرَ على أنها تكذب.. هكذا تبدو السعودية محشورةً كلياً في قلب الفضيحة الكبرى، فبينما لا زالت “تشتري” النفط لتعويضِ خسائرها في النفط جراء الهجوم، لا يمكن لها حتى أن تخرُجَ بـ”رواية” منطقية عنه، فلا هي غطّت على خسائرها، ولا هي اعترفت بها وأنهت مسلسل فضائحها.
صورٌ جديدةٌ تُظهِرُ جانباً من الدمار في “أرامكو”
بالحديث عن الخسائر، فقد نشرت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام السعودية، أمس الأول، صوراً ومقاطعَ جديدةً من داخل حقل “بقيق” الذي استهدفته الضربات اليمنية، والذي يعتبر أكبر حقول شركة “أرامكو” السعودية، وكان يعالج أكثرَ من 70 % من إنتاج الشركة.
تلك الصور، وبالرغم من أنها لم تعرض سوى جزءٍ بسيطٍ من الدمار الذي أصاب المنشأة، إلا أنه كان كافياً للتأكيد، بحسب خبراء، على أن المنشأة لن تعود إلى العمل قبل شهرَين على الأقل؛ كون الأبراج والمعامل التي ظهرت في الصور مصابة بدمار شديد، وتحتاجُ فترة طويلة لاستبدالها وإصلاح أضرار بقية المرافق، الأمر الذي يؤكّـد مجدداً أن صحة ما أكّـدته وكالات الأنباء الدولية حول إقدام السعودية على شراء النفط من دول الجوار لتغطية عجزها؛ لأن مخزونها النفطي قد لا يغطي الفترة المطلوبة لإصلاح المنشآت، كما يؤكّـد ذلك أن إعلان وزارة الطاقة السعودية عن “عودة الإنتاج النفطي” لم يكن سوى محاولة لطمأنة المشترين الذين تقول “وول ستريت جورنال”: إنهم يتلقون عروضاً بـ “بدائلَ” من الإمارات وقطر.