لأنه حليفُ القرآن ثارَ على الطغيان
نوال أحمد
الإمامُ الأعظمُ زيد بن علي -عَلَيـْهِمَا السَّـلامُ- إمام الأئمة، نبراس العلم ومصباح الهداية، مفتاح الوعي ونور البصيرة، حليف الذكر المبين، وإمام من أئمة أهل بيت رسول الله الطاهرين، من جاهدوا وضحّوا ومن على أيديهم وبدمائهم نصرَ اللهُ الدين.
الإمام زيد -عَليـْهِ السَّـلامُ- الذي تحَرّك ولم يسكت، وثار أمام الظلم والظالمين والمنكر آنذاك، تحَرّك –سـَلامُ اللهِ عَلَـيهِ- بحركة القرآن؛ ليغير من الواقع المؤلم الذي كانت تعانيه الأمة، جراء تسلّط الأمويين وجبروتهم، فما كان منه إلا أن قام بثورة ضدِّ أولئك، وعلى رأسهم هشام بن عبدالملك الذي طغى وتسلط على رقاب الناس وأمتهن كرامتهم وأذلّهم، وأكل أموالهم واستعبدهم..
الإمامُ زيد -عَليـْهِ السَّـلامُ- بعلمه وحلمه ووعيه وبصيرته العالية التي استقاها واستوحاها من كتاب الله وورثها عن آبائه وأجداده الكرام آل بيت النبوة الأطهار -صلاة الله وسلامه عليهم-، حمل المسؤولية كما حملوها في نصرة هذا الدين وإقامته وإصلاح واقع الأمة من حولهم، الإمام زيد -عَليـْهِ السَّـلامُ- حركته الأحداثُ والواقع المرير والمؤلم.
فقام بثورةٍ مباركة؛ ليجابه طاغية ذلك العصر المسمّى بهشام ولإيقافه وردعه عن ظلمه للمسلمين، قام بثورة تغييرٍ للواقع وتحرّرٍ من الظالمين والمستبدين ومواجهةِ الظلم والظلام، الذي كان قد وقع على الناس آنذاك.
الإمام زيد -عَليـْهِ السَّـلامُ- أحيا بثورته أمةً حين فتح لها باب الجهاد في سبيل الله، وفي سبيل نصرة الدين، وإعلاء كلمة الله عزَّ وجل، رغم خيانة أصحابه كما خانوا جده الحسين -عَليـْهِمَا السَّـلامُ-، إلا أنه ما هان وما ضعف ولا تراجع، خرج ثائراً حراً أبياً مقاتلاً في سبيل الله، أخرجه ذلك الظلمُ والجبروتُ والجُرم والطغيان الذي كان يُمارَسُ بحق أبناء هذه الأمة، وما كان يشاهده من ظلم الظالمين لعباد الله المستضعفين.
تحَرّك –سَـلامُ اللهِ عَلَـيْهِ- ولم يبالِ بخيانة أصحابه، وقد قال حينها في موقف يعبّـرُ عن العزة والحرية والكرامة وعظمة أهل الإسلام المحمدي الصحيح: “والله لو لم أكن إلّا أنا وابني يحيى لقاتلتهم”، وحين جُرح –سَـلامُ اللهِ عَلَـيْهِ- في ميدان المعركة قال لأولئك الذين تخلفوا عن القتال: “والله ما كره قوم قطُّ حرَّ السيوف إلا ذَلّوا”.
إنه الإمام العظيم زيد بن علي -عَليـْهِ السَّـلامُ- الذي كان يحمل هذه الروحية، روحيةَ العزة والكرامة وَالغيرة على هذا الدين، روحيةَ البذل والعطاء، واستشعارِ المسؤولية في الجهاد والتضحية لأجل نصرة هذا الدين والمستضعفين، كان يرى دينَه ناقصاً عندما لم يكن قد شهَر سيفَه في وجوه الظالمين، وكان يقول –سَـلامُ اللهِ عَلَـيْهِ- عندما خفقت الرايات بين يديه في ساحة المنازلة: “الحمدُ لله الذي أكمل لي ديني والله إني أستحي أن ألقى جدي رسولَ الله ولم آمر في أمته بمعروفٍ ولم أنهَ عن منكرٍ“، خرج مجاهداً ثائراً عزيزاً كريماً مضحياً حتى أستشهد –سَـلامُ اللهِ عَلَـيْهِ- ليحييَ بثورته وَتضحياته العظيمة في قلوب أبناء هذه الأمة المحمدية روحَ الإيمان والثبات، ويحييَ الحقَّ ويزهقَ الباطلَ، لينصر المظلوم ويأخذ بيد الظالم..
إمامنا الأعظم زيد -عَليـْهِ السَّـلامُ- خلا مع القرآن وَعكف على كتاب الله ثلاثةَ عشرَ عاماً وهو يتأمله ويتدبره، حتى سمي “حليف القرآن” فخرج منه برؤية قرآنية صحيحة ألا وهي: (رؤية الخروج على الظالم، رؤية الجهاد في سبيل الله، رؤية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، رؤية تقديم النفس رخيصةً في سبيل الله عزَّ وجل).
حليفُ القرآن الإمام زيد -عَليـْهِ السَّـلامُ- هو الذي قال: “والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت”، إنه منهجُ أهل بيت رسول الله -صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عَلَـيْهِم- منهجُ علمٍ وعمل جهاد واجتهاد، منهجُ الوقوف في وجوه الظالمين، والخروج على الظالم، منهجُ رسول الله وأهل بيته -صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عَلَـيْهِم- أوضحوه لنا بكلامهم وكتبهم وبينوّه وجسدوه ورسموه بأرواحهم وكتبوه بدمائهم، فهم من ضحَّوا بكل غالٍ ونفيس في سبيل الله؛ من أجل أن يصل إلينا هذا الدينُ كاملاً غيرَ منقوص، ويبقى هذا النهج هو الطريق المستقيم للأمة كما أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون.
ولأنَّ الله أراد أن يبقى نوره قائماً ودينه نقياً، فقد أصطفى لنا في هذا الزمان أعلاماً وقادة من قرناء القرآن من نسل آل البيت الكرام؛ ليظهروا دين الله الذي شوهته قريش الأُخرى وبنو أمية العصر من أولئك المتأسلمين المنافقين، خونة البيت الحرام بني سعود وغيرهم من جلاوزة الخليج وحكامها الطغاة المتجبرين، الذين سفكوا الدماءَ المحرمة وحاربوا الإسلام والمسلمين ولأجل اليهود باعوا هذا الدين.
لقد أرادت مشيئة الله أن يبقى هذا الدين نقياً؛ لأنَّه ما زال في هذه الأمة رجالٌ ربيون من سلالة الأنبياء وقرناء القرآن، يُدافعون عن دين الله ويرفعون رايةَ الحقِّ القرآنية في زمن كثرت فيه الحروبُ وتعددت الراياتُ.
إنَّ النعمةَ الكبيرة التي أنعمها الله على هذا الشعب وعلى الأمة هي هذه القيادة القرآنية المجاهدة، التي تمثلت في الشهيد القائد مؤسّسِ هذا المشروع القرآني العظيم، السيد “حسين بدر الدين الحوثي”.
حمل السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوانُ اللهِ عَلَـيْهِ- المسؤوليةَ الكاملةَ في نصر هذا الدين ومواجهة قوى الظلم والإجرام وَقوى الاستكبار العالمي، قام -رضوانُ اللهِ عَلَـيْهِ- وحيداً مع قلة قليلة من المؤمنين؛ لينصر هذا الدين ويقارع مجرمي وطغاة العصر، ولم يصمت رغم قلة الناصر، لقد أدرك الخطرَ الأمريكي فتحَرّك مجاهداً وصرخ في وجوه الظالمين والمستكبرين، وجاهد -رضوانُ اللهِ عَلَـيْهِ- وأستبسل كما جاهد وأستبسل أجداده من أهل البيت –سَـلامُ اللهِ عَلَـيْهم أجمعين-وضحى كما ضحوا، وبذل دمه كما بذلوه؛ ليحيا هذا الدين وتحيا الأمة وتستعيد الكرامة من جديد.
ثورةُ اليوم هي ثورة الحسين وزيد -عَليـْهِمَا السَّـلامُ- في وجوه الطغاة والمجرمين، ومن تلك المدرسة تخرج هؤلاء المؤمنون الأحرار الثائرون، فكان شعارُهم في الحياة “هيهات منا الذل’” و “من أحب الحياة عاش ذليلاً”.
سيبقى خط الثورة والجهاد حتى زوال كُـلّ الطواغيت والمجرمين، وهذه سنة الله في الأرض، ولن تجد لسنة الله تبديلاً..