عمليةُ “نصر من الله”: سقوطُ بوابة مدينة نجران
ناطق القوات المسلحة يعلن عن أكبر عملية استدراج للعدو منذ بدء العدوان:
– سقوط ثلاثة ألوية من قوات العدو وأسر آلاف المرتزِقة وعدد كبير من الضباط والجنود السعوديين
– قواتنا تحمي الأسرى من غارات العدوان الانتقامية
– مؤتمر صحفي سيكشف اليوم تفاصيل أخرى للعملية ومشاهدَ للأسرى والقتلى
صحيفة “المسيرة” تنشر تفاصيل خاصة حول مجريات المعركة:
المسيرة | ضرار الطيب
رسمياً، أزاحت القواتُ المسلحة الستارَ، أمس السبت، عن جانبٍ من تفاصيل المفاجَأة المنتظَرة منذ أسابيعَ، حيث أعلنت عن عملية “نصر من الله” العسكرية الكبرى والتي تم خلالها تأمينُ “وادي آل أبو جُبارة” بالكامل في محور (نجران).. عمليةٌ لم تميِّزْها فقط المساحةُ الهائلة التي تمت السيطرة عليها والتي تصل إلى مئات الكيلو مترات المربّعة، بل تميزت أَيْـضاً بعددِ عناصر العدوّ الذين وقعوا في الأسر، والذين تقدر مصادرُ عسكريةٌ تحدثت لصحيفة المسيرة عددَهم بأكثرَ من (3000) أسير، وهو أكبر عدد من الأسرى يتم تسجيلُه في مكان واحد وخلال عملية واحدة، لتكون بذلك كما أعلنتها القوات المسلحة “أكبر عملية استدراج للعدوّ منذ بدء العدوان” وقد شاركت فيها مختلف الوحدات العسكرية للجيش واللجان (برية وصاروخية وجوية).
جغرافيا العملية: البوابةُ إلى مدينة نجران
بحسب مصادرَ مطلعةٍ تحدثت لصحيفة المسيرة، فإن العمليةَ دارت بشكل رئيسي في منطقة “وادي آل أبو جُبارة” الواقع شرق مديرية كتاف، والذي يمتد جنوباً بمساحة خمسين كيلومتراً نحو “مدينة صعدة” وشمالاً عشرات الكيلو مترات نحو مدينة نجران.
وبعبارة أُخرى: تعتبر المنطقة “بوابة مدينة نجران” من حدود صعدة؛ ولهذه الأهميّة فقد ظل العدوّ حريصاً طيلةَ سنوات على إبقاء المنطقة “محصَّنة” بفصائلَ من جيشه وعدد كبير من قوات المرتزِقة وهي قواتٌ حرص العدوّ أَيْـضاً أن تتشكّلَ من الجماعات التكفيرية الإجرامية، وزوّدها بعتادٍ عسكري هائل؛ ظَنًّا منه أنها ستكون عصيةً على الهزيمة، لكن كُـلّ ما بذله من جُهدِ سنوات، انهار في أشهر قليلة وبشكل مُــدَوٍّ.
مجرياتُ المعركة
لم يذكرِ الناطقُ الرسمي للقوات المسلحة في بيانه، أمس، التفاصيلَ الموسعة للعملية لكن صحيفة المسيرة حصلت من مصادر عسكرية على بعض تلك التفاصيل، حيثُ أوضحت المصادرُ أن قوات الجيش واللجان استدرجت العدوّ للتقدم نحو سلسلة جبلية هامة، وقد ابتلع العدوّ الطُّعم ودفع بثلاثة ألوية من المرتزِقة وعشرات من الضباط والجنود السعوديين لتحقيق التقدم هناك.
وبعدَ وصولِ قوات العدوّ إلى الفخ، فوجئت بكمّاشة محكَمةٍ وضعتها قواتُ الجيش واللجان الشعبيّة من ثلاثة اتّجاهات، الأول من جهة الوادي في الجنوب، والثاني من منطقة الصوح في الشرق، والثالث من جهة جبهة البُقع على الشمال.
عند ذلك، بدأت الهجمات المتزامنة من الاتّجاهات الثلاثة على قوات العدو، وقد أكّـد ناطق القوات المسلحة، أمس، أن تلك الهجمات اشتركت فيه “عدةُ وَحَداتِ متخصصةٍ من الجيش واللجان بمهامَّ مختلفةٍ وضمنَ نطاقاتٍ جغرافيةٍ أوسعَ في إطار دعمِ وإسنادِ العمليةِ العسكريةِ وعلى رأسِ تلك الوَحَداتِ القوةُ الصاروخيةُ وكذلك سلاحُ الجوِ المسيرِ إضافةً إلى قواتِ الدفاعِ الجوي والقواتُ البريةُ بوَحَداتِها المختلفة” وبذلك قد تكون ربما هذه هي العملية الوحيدة التي تشارك فيها كُـلّ هذه الوحدات في وقت واحد.
وأكّـدت المصادر أن أبناء تلك المنطقة والمناطق المجاورة كان لهم دورٌ بارزٌ في العملية، وهو ما أسهم في إطباق الحصار على قوات العدو، وتشديد الهجمات عليها.
لم تستطع قوات العدوّ الفكاك من الكماشة ولا التصدي للهجمات، وهكذا لم يكن أمامها إلا تكبُّدُ الخسائر الفادحة، قبل الاستسلام، ليمثّلَ ذلك واحدةً من أكبر الهزائم التي تلقاها العدوُّ منذ بدء العدوان، وسقوطاً مدوياً لـ”بوابة نجران” الاستراتيجية بلا رجعة، حيث تم تأمينُ المنطقة بشكل كامل وأعاد المجاهدون التمركز فيها لتكونَ واحدةً من أهمِّ قواعد الهجمات على قوات العدوّ في العمق السعودي.
وأكّـد ناطقُ القوات المسلحة، أمس، أن أبطال الجيش واللجان مستمرون في “تنفيذِ مراحلِ العمليةِ المختلفةِ وفقَ الخطةِ المرسومة”، وهو ما يشير إلى أن العملية لا زالت في إطار التوسع، وأن الإنجاز لا زال مرشحاً للارتفاع إلى مستوى أكبر.
سجلُّ خسائر العدو
حتى الآن لا توجدُ أرقامٌ رسميةٌ لخسائر العدوان التي تكبّدها جراء العملية، الناطق العسكري تحدّث، أمس، عن “سقوط ثلاثة ألوية عسكرية من قواتِ العدوّ بكاملِ عتادِها العسكري ومعظمِ أفرادِها وقادتِها، واغتنامُ كمياتٍ كبيرةٍ من الأسلحةِ تضمُ مئاتِ الآلياتِ والمدرعات، ووقوعُ آلافٍ من قواتِ العدوّ في الأسرِ مُعظمُهم من الخونة والمخدوعين ومصرَعُ وإصابة المئات، إلى جانب أعدادٌ كبيرةٌ من قادةِ وضباطِ وجنودِ الجيشِ السعودي”.
لكن المصادر العسكرية التي تحدثت لصحيفة المسيرة قدرت عددَ قتلى العدوّ بأكثرَ من 700 قتيل من الأفراد والقيادات، وقدّرت الأسرى بأكثرَ من (3000 أسير بينهم 50 ضابطاً سعودياً) وهو أكبرُ عدد من الأسرى يتم تسجيلُه في عملية واحدة منذ بدء العدوان، ويوضح ذلك حجمَ العجز الكامل الذي أصاب قواتِ العدو، والذي دفع بها إلى الاستسلام بعد أن تأكّـدت أنها ستخسرُ لا محالةَ إذَا استمرت بالمواجهة.
هذا العدد من الأسرى، قام بتسليم كميات كبيرة من العتاد العسكري أَيْـضاً، وهي -كما ذكرها الناطق العسكري- مئاتٌ من الآليات العسكرية، إلى جانب عدد كبير من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقاذفات والصواريخ والمدفعيات.. وباختصار، اغتنمت قوات الجيش واللجان الشعبيّة سلاح ثلاثة ألوية كاملة.
طيرانُ العدوان ينتقمُ من الأسرى والمجاهدون يحمونهم
الهزيمةُ المدوية للعدوّ هناك، دفعته إلى اتّخاذ الأسلوب المعتاد في مثل هذه الحالات، وهو الانتقامُ من مرتزِقته وقواته، حيث أكّـد ناطقُ القوات المسلحة، أن طيران العدوان “شَنَّ عشرات الغارات لاستهداف الأسرى”، فيما عملت قواتُ الجيش واللجان على حمايتهم من ذلك بكل الوسائل الممكنة.
ونظراً للعدد الكبير للأسرى، فقد وجّه ناطقُ الجيش رسالة تطمينٍ لأهاليهم “من مختلف الجنسيات” بأن القواتِ المسلحة “ستتخذُ المزيدَ من الإجراءاتِ اللازمةِ لحمايتِهم من استهداف الطيرانِ الحربيِّ المعادي وستتعاملُ معَهم بطريقةٍ إنسانيةٍ وُصُولاً إلى صفقةِ تبادُلٍ شاملةٍ مع العدوّ وأدواتِهِ من الخونة والمخدوعين”.