زيدٌ حيٌّ رغم سعة الزمن
شرف حسن
على رغم ما دوّنه أصحابُ التاريخ من تزييف، وعلى ما بذلوه من تقليب الحقائق وتغيير الوقائع، إلا أن الحقَّ وأصحابَ الحق وأعلامَ الحق يبقون شامخين ومشهورين ومبثوثين كالشعاع الوضاء دوماً.
إن جفاءَ التاريخ واضحٌ على الإمام زيد -عليه السلام- وكلِّ من اتخذ هذا النهج قبلةً وتحَرّكاً ومناهضةً لقوى الطاغوت والجبروت على مر التاريخ، فالإمامُ زيد كان يمثّل أمةً يمثل قرآناً؛ ولذَلك كان يسمى بحليف القرآن، كان يمثّل نهجاً رسالياً لكل الأمة في ذلك العصر الأموي الغشوم، فكل من سار على هذا النهج وطبّقهُ قولاً وتحَرّكاً فهو ذاك المنهج الذي أنزله اللهُ وانتهجه رسولُ الله، وما انتسابنا الزيديةَ إليه إلا لأنهم كذَلك.
في زمن زيد -عليه السلام- كادت الجاهليةُ الأولى أن تعودَ على قدم وساق؛ بسبب قلب معالم الدين، وتزييف سماحة الشريعة المحمدية، وهذا واضحٌ في كلام الإمام زيد أن الدينَ قد عُطِّلَ، ولا بد من إقامة الحجة ولو حدث ما حدث (واللهِ ما أبالي إذَا أقمتُ كتابَ الله عز وجل وسنةَ رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن أُججت لي نارٌ ثم قذفتُ فيها ثم صرتُ بعد ذلك إلى رحمة الله تعالى)، لا يخفى للمطّلع المنصف أن زمنَ الطاغية هشام بن عبدالملك كان أكثر تطوراً عن سابقيه من ملوك بني أمية، تلك الشجرة التي صدّت الأمةَ عن الشريعة السمحاء.
لقد اتخذت الأمةُ من هذا الإمام قدوةً وفكراً صحيحاً ونهجاً وتحَرّكاً؛ للدفاع عن إسلامها وقدسيتها؛ ولذَلك على مر الزمنِ والطغاةُ يحاربون كُـلَّ من سار والتحق بهذا المنهج المقاوم الآمرِ بالمعروف والناهي عن المنكر.
وما قيامُ عاصفة الحزم، إلا لأننا منتسبون إليه، وسائرون على هذا الخط الذي هو شوكةٌ في نحور الطغاة والمستكبرين على الله والمسلمين، وتعد ذكرى استشهاد الإمام زيد ذكرىً حية تتبلورُ رغم بعد الزمان في قلوب الأحرار، ورماد جثته التي نثروها في الهواء والفرات ما زالت تستنشق وتضيئُ للمسلمين وبالأخص اليمانيين؛ لأننا انتسبنا إليه، وهو نورُ هداية للأمة جمعاء ولا يمكن أن ينطفئ (واللهُ متمُّ نوره ولو كره الكافرون).