صراحة المبادرة اليمنية تبرز هزيمة السعودية وخساسة اللعبة الدولية
عبدالفتاح حيدرة
لتعرِفَ ما القادمُ وماذا سيحدُثُ، حدّدْ ثوابتَك الدينيةَ ومبادئك الوطنية القومية أَوَّلاً، ثم حدّد أهدافَك الاستراتيجية ثانياً، ثم حدّد أوضاعَك التاريخيةَ ثالثاً، ومن ثَمَّ أهدافك التكتيكية، وبعدها يمكنك بنفسك ودون معاونة أحد، الإجابةُ على الأسئلة التي تؤرقك وتقلقك حول ما يحدُثُ في اليمن وما يحدث في المنطقة وما يحدث في العالم..
النظامُ السعودي أصبح يلاحِقُ المبادرةَ اليمنية لوقف الحرب، ومن يلاحقك فهو خلفَك، والسعودية اليوم خلفَ اليمن رغم كُـلِّ شيء، ومثلما يشيخُ الأفرادُ تشيخُ الأنظمةُ أَيْـضاً، وَإذَا تمثلت شيخوخةُ الأفراد في الضعف العام، فربما تتجسّدُ شيخوخةُ الأنظمة في وَهْمِ القوة وفَرْطِ استخدامها، حالاتٍ متشابهةً وأعراضاً مختلفةً، يجسِّدُ كُـلُّ ذلك شيخوخةَ النظام السعودي..
اليومَ القيادةُ الثورية والسياسية والعسكرية اليمنية والشعبُ اليمني تجاوزوا نقطةَ اللاعودة، وأصبحت روحُهم ممتلئةً بالانتصار والكرامة والشرف والصبر والثبات، وترسّخ في وجدانهم ضرورةُ انهزام عدم مصداقية النظام السعودي، وضرورة كشف وإبراز فقدان ثقتهم بشكل مطلق في النظام السعودي، وبالتالي لن تجديَ أمام هذا النظام المنهار أيةُ حلول مؤقتة يمكن أن يقدمها لوقف الحرب إلا بموافقته والتزامه وبضمانة دولية؛ لتحقيق شروط الانتصار اليمني والكرامة اليمنية والبطولة اليمنية..
خمسة أعوام وبابُ التراجع السعودي مغلَقٌ، وباب التنازلات السياسية الذي أُجبر النظامُ السعودي على مواربته موصودٌ، وبثبات وصمود وتَحَــدٍّ، عَمِلَ الجيشُ وَالشعبُ اليمني على فتح كُـلِّ أبواب السعودية السياسية والعسكرية على مصاريعِها؛ لاستعادة الحق والأرض والمكانة والعزة والهيبة والقوة اليمنية، التي أرادت السعوديةُ أن تهدرَها في حربها وحصارها على اليمن منذ خمسة أعوام..
فُتحت أبوابُ السعودية على مصاريعِها، خَاصَّةً بعدَ ما تمكّنت الطائراتُ المسيّرة اليمنية من قصف أكبر مصافي النفط السعودي وشريانها الاقتصادي الأهمّ في خريص وبقيق، وتمكّن الجيشُ اليمني في العمليات الميدانية البرية الأخيرة (نصر من الله) في محور نجران، من فتح ثغرتين: الأولى سياسية، والثانية عسكرية في جدار الخوف الأمريكي والإسرائيلي على مصالحهم في المنطقة..
وبالتالي إن ما يأتي من تصريحات أَو تغريدات يقومُ بها ساسةُ صغار النظام السعودي حولَ مبادرة الرئيس اليمني لوقف الحرب، هو جسُّ نبضٍ لإمْكَانية تقبُّلِ القيادة والجيش والشعب اليمني ذُلَّ وهوانَ واستسلام السعودية، وهو رسائلُ للمرتزِقة حول احتمالات إجبارهم على التخلي عن مطالبهم من النظام السعودي لاستمرار الحرب والحصار، لكن يبقى الثابتُ أن كُـلَّ ذلك مشروطٌ يمنيًّا وبمبادرة يمنية واضحة وصريحة ومعلومة للقاصي والداني، وهي وقف الحرب وفك الحصار وفتح المطارات والمنافذ الجوية والبرية..
تبقى اللعبةُ الأخيرة في قبضة الحصار البحري، وهنا لم يعد للسعودية مكانٌ، بعدَ أن فقدت مفاتيحَها السياسية في بقيق وخريص، وفقدت مفاتيحَها العسكرية في نجرانَ وكتاف، وسوف تكونُ أمريكا وبريطانيا وإسرائيل في المقدمة؛ للتفاوض والحوار المباشر، ولكن هذا يتطلبُ أَيْـضاً حرباً أخيرةً؛ لأَنَّ الهزيمة الاقتصادية وفك الحصار الاقتصادي في البحر الأحمر مرتبطٌ ارتباطاً كلياً بالحصار الاقتصادي على إيران بالنسبة لهذه الدول التي تريد أَوَّلاً وأخيراً المبرّرَ والمكانَ البحري للحرب مع إيران، بشرط ابتعاد الشرر عن مصافي وشركات وموانئ النفط الخليجي..
أما تصريحاتُ المرتزِقة المؤيدة لتصريحات طفل بن سلمان الجديد فهي وهمٌ سوف يتبخرُ مع أول شعاع شمسٍ لإعلان النظام السعودي رسمياً وقفَ الحرب، حيثُ لم يشارك المرتزِقةُ ولم يكن لديهم علمٌ في التحَرّكات الدولية الأخيرة لوقف الحرب باليمن، وهذا يعني أن ما حدث لهم في نجرانَ هو تَخَلٍّ سعودي، وسوف تستخدمُهم السعودية وأمريكا وقودَ حربٍ بحريةٍ أخيرة، حربٍ لن يكونَ لديهم القدرةُ ولا الإرادةُ على التحَرّك للأمام خطوةً واحدةً أمام الشعب اليمني وجيشه وقواته المسلحة..