ماذا بعد المُبادرة.. السّلام أم أشد الإيلام؟!
زينب إبراهيم الديلمي
في ليلة ذكرى ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لميلادها الخامس، أصدر رئيسُ المجلس السياسي الأعلى مهدي المشّاط مبادرةً اشتملت على أَسَاس طريق السّلام، ورُفِعت أيدي الطيران المسيّر والقوّة الصاروخيّة عن الضربات، وجنحت للسّلم لعلّ وعسى يردّ الخصومُ بتحيةٍ أحسن منها، ولتكن هذه المبادرة الأخيرة إتمام الحُجّة عليهم.
ليست أولى المبادرات ولا أولى الحُجج التي قدّمناها للعدوان، فكثيرٌ من المبادرات والحُجج المُتممة التي وُضعت على طاولة السّلم قد مزّقتها قوى الارتزاق، واستمرُّ سياط عراقيلها تلسع مبادرات السّلام التي لم تتلقَّ جواباً شافياً (استمرار المجازر وَاشتداد الحصار وإغلاق مطار صنعاء، منع دخول النّفط واستمرار احتجازها يهدد حياة ٣٠ مليون يمني حسب تقرير وزارة النّفط، وتوقّف المرافق الصحيّة وموت آلاف المرضى لانعدام المشتقات النفطيّة)..
كانت هذه رد تحيّة الخصوم على المبادرة المُقدمة من الرئيس المشّاط، ونكثوا العهدَ -كما نكثوا العهود الماضيّة- وكانوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون! وقس على هذا أنّ العدوان لا زال يتجّه في خيار الحلب، وفقدانه للرهان الأمريكي وانهيار اقتصاده واستمرار تبذيره في فتح صنبور الأموال للأمريكي وحلبها بشكل عميق، ولم يتدبّر في الأمر أنَّ خيارَ الحلب هو انزلاقه على شفا حفرة من الهزيمة والفشل.
تقول أساطيرُ السعوديّة إنها تبحث عن مخرجٍ؛ لإنهاء الحرب في اليمن -بعدَ ما تغيّرت معادلةُ الموازين في ضربات أرامكو وعملية “نصرٌ من الله” الكبرى- ولم تلتفت هي وحليفتها الإمارات جيداً إلى اغتنام فرصة المبادرة المطروحة على سكّة المفاوضات وتحذيرات قائد الثورة التي يُكرّرها في كثيرٍ من خطاباته، وأخطأت في خياراتها كثيراً أن تركب عربة حمار جحا.. ولم توقف قطار عدوانها وحصارها على اليمن.
على هذه القوى المتأمركة أن تلتفت جيَدًا إلى محور المبادرة التي بسطت يدها للسّلم، وأن تكُف يدَ الخناق على سفن النّفط، وأن تسمح لها بالعبور في طريق إنقاذ حياة المرضى.. ما لم فإن إيلامَ الضربات ستتوسع رقعتها، وسيتوسع القاع العميق لمثواهم الأخير وتابوتهم الكبير، لتعد العُدة في ابتلاعهم من الوجود، وستعلق هذه الجُملة الشعبيّة في أذهان العالم: (هذه اليمن مش هيه باب حوي).