من الهروب بالجلباب إلى جرائم الاغتصاب
منير إسماعيل الشامي
قد يضحي الرجلُ بأي شيء في هذه الحياة إلا رجولتَه فلا يمكن أن يتخلى عنها، حتى لو كان الثمنُ الذي يدفعه في سبيلها حياتَه.
تلك حقيقةٌ ثابتةٌ ومعلومةٌ؛ ولذلك فلا يتخلى عن رجولته إلا من كان شاذًّا في أخلاقه، ومنحرفاً في فطرته، وساقطاً في إنسانيته، ووضيعاً في مجتمعه، ومطعوناً في رجولته، لا شرفَ له ولا كرامةَ ولا غيرةَ فيه، ولا يخشى فضيحةً ولا ملامةً، ومن كان ذلك لا يتورع عن ارتكاب أيةِ جريمة وهو في مرتبةٍ دونَ مرتبة البهيمة بكلِّ تأكيدٍ.
ومن أمثلة هذه الحالات الشاذّة أولئك الذين خلعوا الزيَّ العسكريَّ، ورموا الرتبَ العاليةَ وَتخفّوا بجلابيب النساء وبالطوهات الغواني، واستبدلوا “البِريه” بـ”النقاب” والخمار الشفاف؛ لينفذوا بجلدهم هروباً من مواجهة الرجال ومنازلة الأبطال.
هؤلاء الشواذ المنحطون تخلّوا عن رجولتهم، وجعلوا من أنفسهم نساءً وزوجاتٍ لأشباه الرجال؛ ليحتموا برجولتهم خلالَ رحلة الهروب، وبفعلهم هذا فقد أثبتوا أنهم ليسوا سوى مسوخ بشرية، وأكّـدوا شذوذَ فطرتهم، وانحطاطَ مروءتهم، وكشفوا جبنَهم وخوفَهم، فمنهم من جعل نفسه زوجةَ سفيرٍ، ومنهم من جعل نفسه زوجةَ غفير.
هؤلاء لا يمكن الاعتمادُ عليهم في أدنى الأمور، فليسوا أهلاً ليتحملوا مسؤولية أنفسهم، فهل يستطيعون أن يتحملوا مسؤوليةَ غيرهم؟؟
فاقدُ الشيء لا يعطيه، وفاقدُ الرجولة مستحيلٌ أن يقودَ الرجالَ، أَو أن يواجه الأبطالَ، ويستحيل أَيْـضاً أن يدخلَ في ساحة نزال، لكنهم يجيدون كُـلَّ الصفات التي يحملونها، يجيدون الشذوذَ الأخلاقي بكلِّ جرائمه، ويتقنون التفسّخَ والانحلالَ، ومتفوقين في تسويق الشرف وترويج العرض، وخبراء في السقوط إلى أعماق الرذيلة، والانغماس في أقذر مستنقعات الفضيحة.
وهذا ما أكّـدته الوقائعُ والأحداثُ في أماكنِ تواجدهم ومواقع سيطرتهم، بأقبح جرائم الاغتصاب، وأبشع جرائم الاختطاف للنساء والأطفال التي لم تتوقف، في عدن، وفي تعز، في الخوخة، وفي حيس، وفي المخاء والتي كان آخرَها الجريمةُ التي قام بها مجموعةٌ من مرتزِقة العدوان الذين يقودهم العفاشي طارق صالح.
جريمةٌ بشعةٌ ارتكبها هؤلاء المجرمون في حقِّ أسرة يمنية بإقدام مجموعةٍ مسلحة منهم على محاولة اغتصاب نسائها، وقتل عائلها الذي أبى أن يموت إلا شهيداً مدافعاً عن عرضه وشرفه وعفاف نسائه، وإصابة امرأة من تلك الأسرة، وقد سبقها قبلَ أيام جريمةُ اختطاف طفل في تعز واغتصابه من أحد مجرمي المرتزِقة.
جريمةٌ قبلها جرائمُ اغتصاب كثيرة حدثت وانتهت معظمُها بقتل ضحاياها، وتعرضت لها الكثيرُ من نسائنا وأطفالنا برعاية طارق عفاش في الحديدة، وبرعاية أمثاله المنحرفين في تعز وفي عدن، وفي كُـلِّ الأماكن التي يسيطرون عليها هؤلاء الشواذّ من مرتزِقة العدوان.
فلم يبيحوا سيادةَ الوطن واستقلاله فحسب، ولم يفرطوا بأراضيه وحدوده فقط، بل أباحوا أعراض اليمنيات، ومارسوا العديدَ من عمليات الاختطاف والاغتصاب من قبل العدوان، وروّجوا بيعهن لسعوديين، وتاجروا بأعراض الشعب في فنادقهم وبتنفيذ سماسرتهم، وأوقعوا العشرات من الفتيات في مصائد شذوذهم وحبائل إجرامهم.
هذه الجرائم تفرض على كُـلِّ يمني شريف أن يتحَرّكَ؛ غضباً لله ولرسوله نحوَ تطهير كُـلِّ شبر في أرضنا من دنس هؤلاء المجرمين، وأن لا نكتفي بإدانتها وبلعن مجرميها، بل يجب أن نبرأ إلى الله منهم، فقد مُلأت نفوسنا غضباً وصدورنا كمداً وزادت دماؤنا فوراناً وأججت غيرتنا نيراناً، ويجب أن تنعكسَ هذه المشاعرُ بتحَرّك عملي وسلوك فعلي في طريق المواجهة؛ للقضاء على هؤلاء المجرمين، فهذه الجرائمُ لن تتوقفَ إلا بزوالهم.