14 أكتوبر ثورةٌ لن تنطفئ جذوتُها
علي القحوم
ونحن نُحْيي الذكرى الـ 56 لثورة 14 أكتوبر المجيدة ونواجهُ في نفس الوقت قوى الغزو والاحتلال.. لا سيما ونحن في العام الخامس من العدوان علينا أن نستلهمَ الدروسَ والعِبَرَ مما عمله الغزاةُ في تلك الحقبة الزمنية.. وَأَيْـضاً علينا أن نستفيدَ من الحراك الثوري الشعبي آنذاك ضد المحتلّين.. وكما رفع المحتلّ القديم الذرائعَ والعناوينَ الزائفة؛ لتحقيق أهدافه في احتلال الأرض ونهب الثروات ومسخ الهُوِيَّة وامتهان الكرامة.. ها هو المحتلُّ الجديدُ يرفعُ العناوين ويقدم الذرائع؛ لتحقيق أهدافه والتي سقطت وتلاشت، واتضح مشروعهم الاستعماري..؛ ولهذا المعركةُ معركةُ وعي وبصيرة لا سيما والمحتلّ عبر التاريخ لم يأتِ بمشروع وطني ولا بمصلحة لأيِّ شعبٍ يحتلُّه..
وبالتالي إن ثمنَ الحرية والكرامة غالٍ جِـدًّا، وما التضحياتُ الجسيمة التي يُقدِّمُها الشعبُ اليمني في التصدي للعدوان إلّا دليلُ وعي وإيْمَـان بالقضية.. ووعي بالمعركة وخطورة التفريط فيها ويدركُ الشعب اليمني -لا سيما في المناطق المحتلّة- أن هذا العدوان أمريكي سعودي أهدافُه واضحةٌ في احتلال بلدنا ونهب ثرواتنا والسيطرة على باب المندب الاستراتيجي..
كما إن للأسف بعضَ سكان الجنوب انخدعوا بالشعارات البرّاقة التي رفعها الغازي والمحتلّ وفتحوا البابَ لهم بمصراعَيه.. فلما دخلوا واستحكموا قبضتهم نهبوا الثرواتِ واستولوا على المطارات والموانئ والنفط والغاز.. وباتت تلك المناطقُ إقطاعيات للمحتلّ يحكُمُها المندوبُ السامي الإماراتي والسعودي.. وأبناءُ الجنوب جنوا الخيبةَ والأمل الزائفَ والخسارة، والبعض منهم انزلق في مستنقع العمالة والارتزاق..
اليوم وبعد ما انكشف زيفُ المحتلّ والغازي، هناك الكثيرون من أبناء الجنوب يرفضون الاحتلال ويتحَرّكون؛ مِنْ أجلِ طرده من بلادهم.. وآخرها ما حصل في المهرة وغيرها من المناطق في الجنوب، حيث بات الشعبُ الجنوبي يضيقُ ذرعاً من الاحتلال.. وباتت المظاهراتُ الرافضةُ له في كُـلّ مناطق الجنوب حتى في عدنَ نفسِها.. وهذا مؤشرُ خيرٍ وتنامٍ في الوعي وانكشافٌ لحقيقة المحتلّ وأهدافه القذرة والخطيرة على البلد كُـلّ البلد.. وهذا ما يتطلب التنسيقَ والعملَ المستمرّ مع جميع المكونات والشرائح من أبناء الشعب سواء في الشمال أَو في الجنوب، وتوحُّدَ الموقف في العمل على طرد المحتلّ والغازي الذي دنّس بلادنا ونهب ثرواتنا..
في المقابل فشلُ العدوان في تحقيق أهدافه الاستعمارية في السيطرة على البلد ولّد عدمَ رضا أمريكي على الأدوات وانعكست ارتداداتٌ سلبية جعلت تحالف الشر يتفكك وتنسحبُ بعضُ أطرافه..
وهذا بفضل الله وفضل صمودِ الشعب اليمني العظيم والمعطاء الذي قدّم التضحياتِ؛ مِنْ أجلِ الكرامة والاستقلال وتحَرّك جنباً إلى جنب مع الجيش واللجان الشعبيّة بِقوافل المال والرجال، وَتحَرّك إلى الثغور؛ للدفاع عن العرض والأرض والدِّين والهُوِيَّة، واستطاع بفضل الله أن يصمُدَ أمام أعتى التحالفات الدولية، ويدفع عن نفسه أخطرَ احتلال حصل في التاريخ، لا سيما والأمريكي رأسُ حربةٍ في هذا العدوان.. والبقية ليسوا إلّا أدوات قذرة تنفذ ما تريده أمريكا وإسرائيل في مشروع التفتيت والتقسيم.. والسيطرة ومسخ الهُوِيَّة ومحوِ الدين وإغراق الشعوب في أتون الصراعات البينية التي لا نهاية لها من خلال إضرام الفتن الطائفية والمذهبية والمناطقية والعرقية..
وأمام هذا الخطر المستمرِّ لن يتردّد كُـلُّ أبناء الشعب اليمني في الدفاع عن البلد حتى وإن استمر العدوان مِئةَ عام.. وكلما ازداد العدوانُ في إجرامه وأوغل في سفك الدم اليمني كلما ازداد الشعبُ قوةً وصلابة وعنفواناً وصموداً أمام هذا العدوان الظالم والغاشم..