الرئيس المشاط في خطاب عشية الذكرى الـ56 لثورة 14 أكتوبر:
خطاب الرئيس المشّاط بالذكرى الـ56 لثورة الـ 14 من أكتوبر2019
نجدد التزامنا بالعمل من أجل السلام ونذكّر بما قدمناه
ما يقدمه شعبنا اليوم هو تجسيد لمعاني الوفاء لثورة 14 أكتوبر
متمسكون بالدفاع عن شعبنا وبلدنا حتى التحرير الشامل للأرض والقرار
الاستمرار في احتجاز السفن قد يفضي إلى تطورات خطيرة
وجه فخامة الأخ الرئيس مهدي المشّاط خطاباً للشعب اليمني وللعالم بمناسبة الذكرى السادسة والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر.
إليكم نصه:
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على المبعوثِ رحمةً للعالمين وعلى آلِه الطيِّبين الطاهرين وَارْضَ اللَّهُم عن أَصْحَابِهِ المنتجَبِين، وبعدُ..
بمناسبة الذكرى السادسة والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر يسعدُني ويُشَرِّفُني أن أتقدَّمَ باسمي واسم زملائي في المجلس السياسي الأعلى بأصدق التهاني والتبريكات إلى شعبنا الصامد، وإلى قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- وكل رفاق السلاح والجهاد من عسكريِّين وأمنيين وسياسيين وإعلاميين وعلماء وأطباء وأكاديميين وتربويين، ومشايخ وقبائل والتحية موصولة لكل العاملين والمناضلين في مختلف مؤسّسات الدولة، ولكافة الشرفاء من عموم أبناء اليمن العظيم في الداخل والخارج.
أَيُّهَـا الإِخْـوَةُ والأخواتُ:
تُطِلُّ علينا هذه الذكرى المجيدة ونحن وشعبُنا نقفُ على مشارف العام السادس من الصمود والبذل والعطاء، والتضحيات الجسام التي يجترحُها الشرفاءُ من أبناء هذا الشعب العزيز؛ دفاعاً عن النفس والأرض والوطن، ومناهَضةً للظلم والإرهاب والفساد، وانتصاراً للدموع في عيون اليتامى، وللآهات في صدور الثكالى، ونضالاً من أجل الحرية والتحرّر، ومن أجل السيادة والاستقلال، والأمن والاستقرار، ووحدة وسلامة الأرض.
وهذا لا شك من أعز وأجمل ما يمكن أن نعتزَّ به ونفخرَ في مثل هذه المناسبات الوطنية وفي مقدمتها هذه الذكرى الخالدة، ذلك أن ما تقدمونه اليوم هو التجسيدُ الحقيقي لكل معاني الوفاء لثورة الرابع عشر من أكتوبر ولكل ما ترمز إليه من نضالات وَتضحيات، ولعله يكفيكم فخراً أن هذه الثورةَ التي اشتعلت في وجه الغازي الأجنبي تحضُرُ اليوم في ذكراها السادسة والخمسين فلا تجد مكانَها ولا موقفَها ولا خندقها إلا حيث تقفون وحيث تتخندقون، ولا ترى رونقَها ولا بهاءَها إلا في وجوهكم، ولا تتلمّسُ بنادقها إلا في أيديكم وعلى أكتافكم، مثلما لا تتحسّسُ أناشيدَها إلا في أصواتكم ولا تجدُ انسجامَها واحترامَها إلا لديكم وبكم ومعكم، وأما أولئك المرتزِقةُ والخونة الذين تخندقوا وما زالوا يتخندقون اليوم في إطار تحالف العدوان الأجنبي فيكفيهم خزياً أنهم اليوم مفصولون عن الهُـوِيَّة والتاريخ، ولا يستطيعون أن يشاركوكم الاحتفالَ بذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر، وكيف يجرؤون على ذلك وقد حوّلوا مدينتَها الأُمَّ (عدنَ) إلى مسرح لعبث أصغر الخدم في بلاط المستعمر القديم.
كيف يمكنهم ذلك، وقد وضعوا ردفانَ تحتَ أقدام أصغر محتلّ في التاريخ، وهو ردفان التاريخ والثورة، وذلك المرتفع العزيز الذي انطلقت من قممه العاليات أول طلقة ضد المستعمر البريطاني.
لقد وضعوه بكل خسة ونذالة وهو ردفانُ الشموخ، وذلك الجبلُ المنيفُ الذي سالت فيه دماء الثائر لبوزة، وفاضت من على سفحه أرواح الشهداء، وأحزان الرفاق على الرفاق.
أَيُّـهَـا الشَّعْـبُ اليمنيُّ العظيمُ:
إنَّ المرتزِقةَ اليوم لم يعد في مقدورهم أن يتغنّوا بثورة أَو تاريخ أَو وطن دون أن يتحوّلوا إلى مادة للسخرية والازدراء، وإلى عناوين للعار والاحتقار.
نعم.. هو هكذا التاريخ لا يرحمُ، وكيف له أن يرحم.. وقد شاركت بنادقُهم بنادقَ الأجانب في قتل الأهل، وحصار الشعب وتدمير المقدرات؟!.
كيف لا، والأجانبُ إنما يقتلون أطفالَ اليمن وذواتِ العرض المصون تحت تصفيقهم وتحت تأييدهم وتبريرهم في دلالة على أن المرتزِقة والخونة لا يمكن أن يرتجى منهم أي خير لأنفسهم ولا لبلدهم؟!.
وفي دلالةٍ أَيْـضاً على أن أجملَ وأعزَّ ما في كُـلّ التاريخ لدينا، ولدى كُـلّ الشعوب ماضياً وحاضراً ومستقبلاً إنّما هو عبارة عن مواقفَ ومعانٍ خالدةٍ لا يمكن أن يصنعَها أَو يصونَها أَو يؤتمنَ عليها أناسٌ جبناءُ أَو عملاءُ وإنما يصنعُها ويحميها ويؤتمن عليها أولئك الرجالُ الكرام الذين يتصدون للعاديات، ويحتضنون أوطانَهم بين النار وتحت القصف، وينحازون بالمطلق إلى شعبهم وأرضهم، ومثل هؤلاء وحدَهم ولا ريبَ من يحقُّ لهم الاحتفالُ بالرابع عشر من أكتوبر.
أَيُّهَـا الإِخْـوَةُ والأخواتُ:
إن هذه الذكرى المجيدة تذكرنا بأن قدر الشعب اليمني أن يكونَ واحداً وموحّداً في مواجهة العدوّ الأجنبي بدليل ذلك الزخم اليماني الذي وقف خلف الرابع عشر من أكتوبر والذي خلقته آنذاك صنعاءُ وعدنُ وكلُّ المناطق اليمنية، تماماً كما هو اليومَ يقفُ ضد تحالف العدوان البغيض من أقصى نقطة في صعدة إلى أقصى نقطة في المهرة بصرف النظر عن حجم التباينات بين المكونات السياسية فالموقف الشعبي بقي نفسَه ذلك الموقف الوطني الواحد والمُوَحَّـد وسيبقى كذلك مهما عميت عنه عيون وقلوب، وكل المكونات السياسية اليمنية إنما تقوى اليوم وتضعُفُ بمقدار قربها أَو بعدها عن هذا الموقف اليمني الواحد والمُوَحَّـد.
– يُذكِّرُنا الرابعُ عَشَرَ من أكتوبر أَيْـضاً بأن مشاريع الغزو والاحتلال لن تكونَ أبداً إلا مشاريعَ فاشلةً ومتلاشية ومثيرةً للكراهيات والأوجاع وتلك حقيقة يصدقها ما صنعه المعتدون في واقعنا اليمني من معاناة كبيرة وواسعة، ويصدقها على نحوٍ أوضحَ واقعُ المناطق المحتلّّة في حقيقة يستعصي شطبُها مهما كان حجمُ التضليل وحملات التلميع والتبييض.
– كذلك يُذكِّرُنا الرابعُ عَشَرَ بأن الزوالَ والرحيلَ هو المصيرُ الحتمي لكل الغزاة والمحتلّين ويقدم هذه النتيجة كحقيقة أبدية وثابتة عبر كُـلّ مراحل التاريخ البشري، وأن إرادةَ الشعوب من إرادة الله لذلك عابثٌ وواهمٌ من يراهن على كسر إرادة الشعب وكل قوة غير يمنية عليها أن تدرك جيِّدًا بأنها تخطئ الحساب كَثيراً إذَا هي فكرت أَو تفكر بأنه يمكنها البقاء أَو يمكنها أن تنعم بوجود آمن على أرضنا اليمنية الواحدة والمُوَحَّـدة.
أَيُّهَـا الإِخْـوَةُ والأخواتُ:
كثيرةٌ هي العِبَرُ والدروسُ التي تنتجها حالة الاتصال الوجداني والتاريخي بين واقعنا اليوم، وبين ثورة الرابع عشر من أكتوبر، وأنا هنا أدعو كُـلّ الأقلام إلى استحضارها والكتابة عنها والعمل على إبرازها بكل وضوح؛ كي تعُمَّ فوائدُها على الجميع وأختم هذه الكلمة ببعضِ النقاط السريعة:
1- أُحيي صمودَ الشعب اليمني العظيم وأجدّد مرة أُخرى أصدق التهاني والتبريكات بهذه المناسبة التاريخية والوطنية المجيدة، كما أدعو كُـلّ الشرفاء من أبناء هذا الشعب إلى التأمل في دلالاتها العميقة ومواصلة السير على ذات الدرب التحرّري الأصيل والنبيل.
2- أدعو جميعَ المعتدين علينا وعلى شعبنا المظلوم وكل الغارقين في مواقفهم وتوجّـهاتهم الظالمة والظلامية إلى مراجعة مواقفهم وحساباتهم وإعادة ضبط توجّـهاتهم في ضوء ما تذكرنا به هذه الذكرى من حقائق ودلالات، وفي ضوء ما يعتمل أَيْـضاً في عموم المنطقة والعالم من متغيرات كبيرة وما تنذر به من تحولات وتحديات كبرى، وما يستدعيه كُـلّ ذلك من ضرورة تصحيح المواقف والاستراتيجيات في ضوء ما يذكرننا به ديننا الواحد، وقرآننا الواحد، وأصولنا الواحدة وكل القواسم والأواصر والمصالح المشتركة، التي تجمع ولا تفرق وتبني ولا تهدم، محذّرين في نفس الوقت من مغبة الاستمرار في السير على عكس ما تقضي به سُنَنُ الله الثابتةُ والصارمة في تحديد المصائر ورسم النهايات، ومجدّدين النصح بأخذ العبرة والتقاط الدرس، والتأمل في كُـلّ من سبق من الطغاة والظالمين وعبر مختلف مراحل التاريخ الإنساني القديم منه والحديث وتلك كما يقول الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى-: (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ، وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلً).
3- أقدّرُ عالياً وأثمّنُ غالياً الوعيَ الشعبي الكبير والحفاظ المستمر على وتيرة العمل الوطني المتعاظم والمتطور في شتى المجالات والميادين السياسية والعسكريّة والأمنية والصحية والاجتماعية والثقافية وأبارك للجميع انتصاراتهم المجيدة، وأداءهم المشرّف في مختلف مواقع الجهاد، وأشدُّ على أيدي الجميع في مضاعفة الجهود ومواصلة البناء والعطاء وتعظيم خصائص التعاون والتكامل.
4- أجدّدُ الاستمرارَ بالعمل على ما ورد في خطاباتنا السابقة بمناسبة ثورة الحادي والعشرين والسادس والعشرين من سبتمبر، وأتوجّـه بجزيل الشكر وعميق التقدير لكل الإخوة المعنيين بمضامينها على حسن الاستجابة والانضباط وأوجه مجدَّداً بمواصلة وضعها موضع التنفيذ حتى إشعارٍ آخر، وفي هذا السياق نذكر المسؤولين في الجوار بأننا وإنْ كنا نقدر ما نقلته وسائل الإعلام من أقوال وتصريحات إيجابية إلا أننا ما زلنا ننتظرُ الأفعال.
5- نؤكّـد التمَسُّك بحقنا الطبيعي في الدفاع عن أنفسنا وشعبنا وبلدنا ومواصلة النضال حتى التحرير الشامل والكامل للأرض والقرار، وندعو المجتمعَ الدولي وجميعَ شعوب العالم إلى التضامُنِ مع مظلومية الشعب اليمني ومع قضيته العادلة واحترام آماله وتطلعاته ووقف الانحياز إلى مجموعة أشخاص فاسدين لا يمثلون إلا أنفسهم.
6- نُجدِّدُ التزامَنا بالعمل من أجل السلام العادل والشامل ودعم جهود المبعوث الأممي ونذكِّرُ بما قدمناه من مواقفَ صادقةٍ وداعمة لجهوده، ونُحذِّرُ للمرة الثانية من مغبة الاستمرار في حجز السفن؛ نظراً لما يمثله هذا الإجراءُ التعسفي من استخفاف بمعاناة الشعب اليمني، وما ينطوي عليه من تهديد لسلامة الملاحة البحرية، ومن خطورة واضحة قد تُفضي إلى تطوراتٍ خطيرةٍ لا تنسجمُ مع المساعي الأخيرة والجُهُود المبذولة من أجل السلام في اليمن خُصُـوْصاً وفي المنطقة على وجه العموم.
تحيا الجُمْهُوْرِيَّةُ اليمنية..
الخلودُ للشهداء..
الشفاءُ للجرحى..
الحريةُ للأسرى..
والنصرُ للشعب..
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.