دلالاتُ التواجد العسكري الأمريكي في السعودية
منير إسماعيل الشامي
ثلاثةُ آلاف جندي أمريكي آخر دفعة تصل إلى السعودية ليصل عددُ القوات الأمريكية فيها إلى قرابة الـ ١٥ ألف جندي.
هذه القوةُ العسكرية الأمريكية مُشَكّلةٌ من مختلف وحدات الجيش الأمريكي، وَالهدفُ من تواجدها -حسب بيان البنتاغون المعلن- هو تعزيزُ الحماية والدفاع عن السعودية.
على ضوء هذا الخبر ووفقاً لقاعدة (عينٌ على الأحداث وعينٌ على القرآن) التي تعلمناها من القائد الشهيد السيد حسين بدر الدين -رضوانُ الله عليه- تثورُ تساؤلاتٌ هامَّة وعديدة عن نوع الحماية ولمن تكون ومن أي خطرٍ؟! هل هي حماية من خطر داخلي أم خارجي؟! هل هي لحماية منشآت النظام الاقتصادية؟! أم لحدوده؟! أم للشعب السعودي؟! أم أنها لحماية رموز النظام وأركانه؟!.
وبعيداً عن الخوض في الإجابة عن هذه التساؤلات فسنختصر الأمرَ بالتوضيح عن مهمة القوة العسكرية الأمريكية هذه من واقع النظام الأمريكي وحقيقته، كما بينتها لنا الرؤيةُ القرآنية، ووفقاً للسياسة التي ينتهجُها النظام الأمريكي.
فكلُ ما سبق يؤكّـدُ استحالةَ موافقة النظام الأمريكي على المجازفة بهذه القوة لخوض معاركَ ومواجهاتٍ مباشرة؛ بهَدفِ الدفاع عن السعودية أَو أية دولة أُخرى إطلاقاً مهما بلغت قوة علاقته بها ومهما كان الثمن، وحتى لو كان تحقيقُ ذلك ممكنا، فكيف يكون موقفه إن كان واثقاً من استحالة تحقيق ذلك؟
ما يعني أنَّ هذه القوةَ ليست لحماية الحدِّ الجنوبي للمملكة، وبالتالي يستحيل أن يكونَ هدفها هو حماية المملكة من خطر خارجي أَيْـضاً.
بالنسبة لحماية المنشآت الاقتصادية السعودية فلا يوجدُ خطرٌ داخلي يهدّد تلك المنشآت، وبالتالي فإن هذه القوةَ الأمريكيةَ ليست لهذا الهدف، أما حماية هذه المنشآت من خطر خارجي فلا يوجد عليها سوى خطر الصواريخ اليمنية وطيرانه المسيّر، وهذه المهمة لا تحتاج هذا العدد الكبير، فيكفي أن تقومَ بها عدّة مجموعات من قوات الدفاع الجوي الأمريكي المتخصصة في أنظمة الدفاع الصاروخية (ثاد أَو باتريوت)، ولا يمكن أن يزيد عددُ أفرادِ هذه المجموعات عن (٢٠٠) فرد كحدِّ أقصى، وقد سبق وأن أرسلَ النظامُ الأمريكي (٥٠٠) فرد من قوات دفاعه الجوي إلى السعودية بعدَ عملية التاسع من رمضان، ولكنها فشلت في حماية المنشآت الاقتصادية السعودية من الطيران المسيّر اليمني بالعمليات التالية لتلك العمليتين والتي استهدفت حقلَ الشيبة، وحقل بقيق وخريص، ونفّذهما طيراننا المسيّر بنجاح كامل ودون أية عقبات، وقام بعدها النظامُ الأمريكي بتعزيز قواته السابقة بـ(٢٠٠) فرد من قوات دفاعه الجوي وبطارية باتريوت وأربعة رادارات، وهذا ما يؤكّـد أن تلك القوةَ العسكرية الأمريكية ليست من أجل حماية المنشآت الاقتصادية، وما هو موجود منها لهذا الغرض ستفشل بإذن الله.
أَيْـضاً هذه القوة ليست لحماية الشعب السعودي فليس هناك أي خطر يهدّده.
وبناءً على ما سبق، فلم يتبقَّ من مهمة لتلك القوات سوى مهمة واحدة فقط، وهي حماية رموز النظام السعودي وأركانه من خطر داخلي وليس من خطر خارجي، وهذا الخطرُ هو خطرُ الانقلاب عليه من معارضة داخلية متوقعة، وهذه هي المهمة الحقيقية لتواجد تلك القوة العسكرية الأمريكية في السعودية، وهو ما تدعمه أدلةٌ وشواهدُ كثيرة، منها أنَّ هذه المهمةَ من المهام التي يسيل لعاب النظام الأمريكي فيها، بسَببِ ارتفاع عائداتها وضآلة خسائر المشاركة فيها خَاصَّة وهو متخصص بالحلب لا بالحرب، إضافَةً إلى ذلك فبقاءُ واستمرارُ مثل هذا النظام الخانع هدف استراتيجي للنظام الصهيو أمريكي، ومن مصلحته الدفاعُ عنه ودعم استمراره وبقائه.
وهذا الشاهدُ بدوره يقودنا إلى استخلاصِ نتيجتين هامتين:-
الأولى: هناك معارضة قوية تتنامى ضد حكم سلمان وابنه المهفوف؛ بسَببِ السياسة الحمقى لمحمد بن سلمان وَالكارثية على الصعيدين الداخلي والخارجي، والتي انتهجها خلالَ خمسة أعوام ولم يجنِ منها غيرَ الفضائح والهزائم، ونتج عنها ضياعُ مكانة المملكة وسمعتها وضعف اقتصادها وإمْكَانياتها، وكثرة أعداء نظامها في الداخل والخارج السعودي.
الثانية: التأكيدُ على حالة الضعف التي وصل إليها النظام السعودي وأركانه وعلى شرخ عميق وانقسام في الأسرة الحاكمة وتصدع تماسكها، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدُلُّ ويؤكّـد أنَّ هذا النظامَ المجرمَ دخل مرحلةَ الاحتضار الأخير، ولن تغنيَ عن زواله هذه القواتُ بكلِّ تأكيد.