دماء شهيدين شقيقين تمتزجُ بتراب كنعان وقحطان.. توحدت القضية والعدوّ واحد
لديَّ ابنان شهيدان أحدهما في فلسطين والآخر في اليمن وهذا رخيصٌ في سبيل الله ومواجهة أعدائه أينما حلوا
ابني الشهيد أَبو مران كان يطلب مني الدعاء لكل المجاهدين وآخر وصاياه أن أقدم إنفاقاً بنية النصر لهم
المسيرة القرآنية علمتني الكثير وزادت وعيي بخطورة اليهود رغم أني كنت أقاتلهم والآن صرت قويةً لمواجهتكم أكثر من أي وقت
كان اليهود بفلسطين يرتعبون من الحجارة والمنافقين في اليمن يرتعبون من الصرخة وهذا دليل تشابه النفسيات
اليمنيون الأحرار معروفون بالشهامة والشجاعة والكرم ولأَنهم أهل الإيمان لا أستبعد أن يكونَ تحريرُ القدس على أيديهم
أفتخر وأرفع رأسي بكلام رجل عظيم مثل السيد القائد عبدالملك، وأنا وأهلي رهن إشارته
مواقفُ الشعب اليمني مع القضية الفلسطينية تلقى استبشاراً شعبياً كبيراً في فلسطين ودوماً يقولون: اليمنيون قادمون
في يوم القدس العالمي أرسل صور المسيرات لأهلي ويستبشر الفلسطينيون بأحرار اليمن ويصفونهم بأهل الضمير الحي
صحيفة المسيرة تلتقي الحاجة الفلسطينية أم الشهيدين المقاومين اليمني والفلسطيني:
كشجرة الزيتون وقفت صامدةً ثابتةً في أرض الحكمة والإيْمَان، ومن عمق الرسالة ووحدة الهدف أصبحت فلسطين هي اليمن وأضحت القدسُ مغروسةً في تراب أولي القوة والبأس الشديد.
ومع اختلاط تراب كنعان بتراب قحطان وعدنان، هنا امرأةٌ عظيمةٌ مزجت دماء ابنيها الشهيدين الفلسطيني واليمني وسالت حممَ الغضب على العدوّ الواحد.
امرأة جذورُها في العمق الفلسطيني، وبذلت فلذةَ كبدها الكنعاني راضيةً في سبيل الله في مواجهة عدو وطنها فلسطين، وهو ما زاد من اتّقاد دماء لحرية في شرايينها؛ غضباً في مواجهة أدوات الكيان الغاصب الذين جاؤوا لغزو وطنها الثاني اليمن، لتبذُلَ فلذةً أُخرى من كبدها وتجود بشهيدٍ ثانٍ قحطاني؛ فداءً لهذا البلد المقدّس.
الحاجة الفلسطينية أم ربيع الملقبة بأم المجاهدَين الشهيدين الفلسطيني واليمني، قصة نضال في مواجهة أعداء الأمة، ودروس فداء تعكس كرم المرأة المقاومة للعدو الصهيوني وإفرازاته المختبئة تحت العباءة السعودية الإماراتية؛ لتزرع بدماء ابنها الشهيد الفلسطيني شرارةَ غضب في القدس، وتغرس بدماء ابنها الشهيد اليمني حمماً في صنعاء، لتكون المعادلة هي وحدة القضية والمظلومية وواحدية العدوّ.
ولأننا في حضرة أم شهيدين من بلدين، خلطت بدماء شهيديها التراب الفلسطيني واليمني، كان لصحيفة المسيرة الشرف لتسليط الضوء على هذه المقاومة العظيمة، لتجري معها حواراً صحفياً خاصاً نستعرضه تالياً:
أجرت الحوار: أمل المطهر
كان محورنا الأول في حديثنا مع الأُمّ الفاضلة أم ربيع يتعلق بحياتها الشخصية والجهادية في فلسطين قبل أن تأتي إلى اليمن مع زوجها اليمني.
– بداية الأُمّ الغالية هلا تفضّلتم وعرفتم القارئ الكريم بكم أكثر؟
بسم الله الرحمن الرحيم.. أنا الحاجة أُمّ ربيع، أم الشهيد أبو مران قدحة، عمري ٦٥ عاماً، اسمي الذي أحب أن أُنادَى به هو (أم المجاهدين الشهيدين)، متزوجة من يمني أنجبت منه ولدين وبنت، وفي السابق كنتُ متزوجةً في وطني فلسطين برجل فلسطيني أنجبت منه ولداً، وكلاهما استشهدا في مواجهات مع المحتل الإسرائيلي قبل عقود، وبعدها تزوّجت بيمني وجئنا إلى اليمن لنستقرَّ هنا، بعد أن كنتُ في فلسطين أقاوم المحتل الصهيوني، والآن أعمل مجاهدةً في سبيل الله على خُطَى ولدي الشهيد (أبو مران).
– أمنا الغالية هلا شرحتم لنا بعضاً من جوانب حياتكم في فلسطين قبل أن تأتوا إلى اليمن؟
كانت حياتنا في فلسطين شاقة وكنا في خوف دائم؛ كون بيتنا في وسط حي مليء باليهود؛ لذلك كنا في حالة استهداف مستمر من قبلهم بالرصاص أَو برمينا إلى داخل منازلنا بالقنابل السامة والغازية.
وبالنسبة لمجيئي إلى اليمن، كان زوجي الثاني أبو ربيع يمني الجنسية (الحاج أحمد قدحة) موجوداً في فلسطين، وكان يقاتلُ العدوّ الصهيوني في فلسطين مع فصائل المقاومة وكان هناك العديد من الإخوة اليمنيين أَيْـضاً منهم من جُرح ومن استشهد ومنهم ما زلوا هناك يقفون مع إخوتهم في فلسطين.
بعدها تزوجت بأحمد قدحة ومكثنا في فلسطين ثلاثين عاماً، نواجه ونقاوم المحتل، فأُسرتي كلها ولله الحمد مجاهدة.
وغادرنا بعدها إلى وطنه اليمن لزيارة والدته واستقرَّ بنا في اليمن.
– هل كان ولدك الشهيد أبو مران هو أول من انطلق في الأسرة مع المسيرة القُــرْآنية؟ ومن شجّعه على الثبات والمضي في هذا الدرب؟
لا.. أول من انطلق هو ولدي علي الذي لازم ساحاتِ الثورة منذ بدايتها ومن بعدها كان يأتي إلى البيتِ؛ ليقرأ لنا ملازمَ السيد حسين بشكل مستمر، وانطلق أخوه ربيع بعده بشهرين، وأصبحنا ولله الحمد جميعنا في ظل هذه المسيرة المباركة.
وعندما شنوا الحربَ على اليمن كان علي وربيع يناوبان في الذهاب إلى الجبهة، ليجلس الآخر عندي أنا ووالدهم؛ لأَنَّه أصبح ضعيفاً ومريضاً وأنا أَيْـضاً مصابةٌ بانسداد في صمام القلب، رابطوا في المخاء ونهم والجوف حتى اختار الله ولدي ربيع “أبو مران” إلى جواره شهيداً.
– كيف استقبلتِ خبرَ استشهاد ولدك ربيع؟
ما زلتُ إلى اليوم متعجبةً من أين أتتني تلك القوة، فقد امتلأ بيتنا بالنسوة من جيراننا، وحينما أخبروني أن ربيع قد مات، صحت في وجههم لا ما مات ربيع استشهد والشهيد حي، هيك علّمتنا المسيرة، وهيك قال ربنا، وصرخت بالشعار بصوت عالٍ؛ لأَنَّني كنتُ أتوقعُ هذا، فولدي الشهيد كان دائماً يقول لي: بعنا من الله خلاص يا أُمِّي لا نقاش في هذا الموضوع، قولي مع الله.. فقلت له: مع الله يا ابني.. وقد شارك في عدة جبهات، وجُرح في نهم واستشهد في الجوف؛ لذلك كنت هيّأت نفسي لهذا؛ لأَنَّ ولدي مجاهد وطريقهم نهايتُه نصرٌ أَو شهادة.
وابني الشهيد أبو مران زارني في الحلم وهو يرتدي زيه العسكري والشال الفلسطيني معصوبٌ على رأسه وهو يضحك ويقول: قتلت اليهود يا أُمِّي افرحي.
وبالتأكيد الله أرسله لي لأطمئن واستمر في قوة إيْمَاني وتسليمي.
والحمدُ لله كُـلّ هذا فداءً لله وللدين.
– هل من موقف قريب لك مع أهل الحي أَو غيرهم من ناقصي الوعي يعاتبونك؛ لأَنَّك فلسطينية وتصرخين في اليمن؟
نعم، وآخرها قبل بضعة ايام وأنا في باص للنقل، كنت أستمع إلى أحدهم يتحدث أن الحرب على اليمن أهلية، فقلت له: لا ليست كذلك، وما تفعل طائرات أمريكا وجيوش السعودية، كله من إدارة اليهود وخبثهم يحاربونكم ويشترون ضعافَ النفوس.
فسكتَ قليلاً ثم واصل حديثَه: أنتِ فلسطينية، قلت: نعم، قال أنتم تواجهون اليهود ونحن نصرُخُ بالموت لهم وهم ليسوا هنا ولم نرَهم. قلت له: عدونا واحد، لكنه في فلسطين ظاهر، أما عندكم فيختبئُ تحت عباءة ملوك الخليج وأدواتهم الرخيصة التي باعت الأرض اليمنية والعِرض، لقد فهمها الطفل فكيف لم تفهم أنت؟!.
وَالكثير من المواقف التي واجهتني لكن لا بأس فبحملي لهذه القضية الواحدة ومحبتي لسيدي عبدالملك ولسيدي حسين الذي أبكي كلما سمعت صوتَه في محاضرة ويهون عليَّ كُـلُّ شيء.
– ما رأيكم في كلام السيد عَبدالملك الذي تحدث فيه عن استعداد الآلاف من اليمنيين للقتال في فلسطين؟
أنا أفتخر وأرفع رأسي بكلام رجل عظيم مثله وأنا أول من سيذهب للقتال إن سمح لي السيد بذلك، واليمنيون الأحرار معرفون بالشهامة والكرم وأنهم أهل الإيْمَان؛ لذلك لا أستبعد أن يكونَ تحرير القدس على أيديهم، وهذا الكلام قد وصل إلى داخل فلسطين وسمعه الأحرارُ في فلسطين المحتلة وفرحوا كَثيراً انه ما يزال هناك رجال عظماء لم يبيعوا القضية وينسوا القدس.
– هل تشاركين في مسيرات يوم القدس العالمي؟ وما رأيك بالحشود اليمنية التي تخرج فيها بالرغم من الحصار والقصف؟
نعم أنا أشارك في كُـلّ المسيرات وكم أنتظر يوم القدس بفارغ الصبر لأرى تلك الملايين التي تخرج، بعد أن تخلت كُـلُّ الشعوب عن مقدساتها ظهر اليمنيون الأوفياء للمقدسات.
وتلك الصورة تصل للأهل في فلسطين في كُـلّ عام ويتفاعلون معها بشكل كبير.
ويصرخون بالشعار وأنا أَيْـضاً أصرخ وأجمع جيراني وأحشدهم ليخرجوا معي وأحس كأنه يوم عيد لي في ذلك اليوم.
– هل ترون أن المسيرةَ والنهج القُــرْآني السليم أضاف لكم شيئاً عن سابق ما كنتم عليه؟
بالتأكيد المسيرة القُــرْآنية علّمتني أموراً كثيرة كانت غائبة عني فأصبحت نظرتي أكثرَ وعياً حتى أنني عرفت أموراً كثيرة عن العدوّ الإسرائيلي لم أكن أعرفها بالرغم من أنني عشت نصفَ عمري في فلسطين المحتلة وأحسست أنني الآن مستعدةً لمواجهته أفضل من السابق والآن نحن في اليمن نواجهُ نفسَ العدوّ ونفس أساليبه التي يستخدمُها في فلسطين من حصار وضرب وتدمير، وحتى أشد في اليمن الذي تكالبت عليه جميعُ قوى الشر.
– ختاماً.. هل من رسالة تودون أن تقدموها؟ ولمن؟
أنا أحب أن أخاطب أولاً المجاهدين أبنائي وأقول لهم إنني أدعو لهم، كما أوصاني ولدي ربيع، فهو كان يقول لي: لا تدعي لي وحدي يا أُمّي، ادعي لكل المجاهدين، وقبل استشهاده بيومين اتصل لي وقال أُمّي ادعي للمجاهدين، وأخرجي كم ما قدرتِ عليه إنفاقاً لنيتهم.. وهذه آخر مرة سمعتُ فيها صوته، وأقول لهم أَيْـضاً: افتخروا وارفعوا رؤوسكم، فأنتم عزنا وكرامتنا والنصرُ بكم آتٍ بإذن الله.
ورسالتي الثانية هي لسيدي عبدالملك أقول له: إني أفتخرُ بأني عشتُ في اليمن لأكون تحت قيادتك وهذا توفيقٌ من الله لي ولأبنائي وأحمد اللهَ عليه كَثيراً.
ولي مناشدة لقناة المسيرة ولسيدي عبدالملك، أتمنى أن يرسلوا لي صورَ تشييع ولدي؛ لأَنَّهم لم يبثوه في القناة ولا أدري لماذا أتمنى منكم أن توصلوا رسالتي لهم.
وأستأذنكم في نهاية هذا الحوار، اسمحوا لي أن أتقدَّمَ بأُهْزُوجة فلسطينية هديةً للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وللمجاهدين:
أويها سيدي عبدالملك يا سيد الرجال يا حامل القنابل ع خواصرك.
أويها سيدي عبدالملك يا رمل الشجر يا حامي الحمى ربي ناصرك.
أويها دعيت رب السماء من فوق ينصرك نصر عزيز يجبر خواطرك.
الله أكبر.
الموت لأمريكا.
الموت لإسرائيل.
اللعنة على اليهود.
النصر للإسلام.