رفقاً أيّها الشتاء
مرتضى الجرموزي
رفقاً أيّها البرد برجالنا ومجاهدينا فهم هناك، حَيْـثُ أراد اللهُ أن يكونوا حاضرين بقوة إيْمَــانٍ وصلابة عزيمةٍ في وجه العداء، يقفون بقوةٍ وحزمٍ لا يلين.
رفقاً برجالنا أيّها الشتاء، كن لطيفاً بهم ارحمهم يا الله، فهم هناك في قمم الجبال وسفوح الوديان، هم هناك ليس لهم أقنعة تقيهم بردك، وليس لهم أقنعة تقيهم قطرات المطر، فقد ارتدوا ثوبَ الحرية وثوبَ الجهاد والاستشهاد.
يلتحفون السماءَ ويفترشون الأرضَ ويتوسدون الحجارَ بالسهل والوادي والجبل، رحماك يا رب بجنودنا البواسل في الثغور ومواقع رباطهم وجهادهم، كُن لهم ولا تكن عليهم، إرأف بهم وكُن لهم خير معين وجليس وخير صاحب وأنيس.
خرجوا من ديارهم وتركوا الأهلَ والولدَ، وما كان خروجُهم إلّا لك يا الله ومن أجلك؛ لإعلاء كلمتك ونصرة دينك وعبادك المستضعفين.
ليس لهم من يأويهم غيرك يا رب، ليس لهم جليس غيرك يا رب، ليس لهم أنيس بعدك يا رب، ليس لهم سكن غير قربك يا الله، كن لهم ولا تكن عليهم، أُنصر بهم ولا تنصر عليهم، أيّدهم بنصرك وأنزل عليهم ملائكةً من عندك..
مع اشتداد البرد وقساوته، نحن نتسابقُ إلى شراء البطانيات الفاخرة، نغلق الأبوابَ والنوافذَ بإحكامٍ؛ خوفاً من أن يلفح أجسامنا شيءٌ من البرد، وبينما نحن كذلك، فهناك وبالقرب منّا وعلى طول وعرض جغرافيا اليمن، هناك رجالٌ مجاهدون في الثغور وفي الشعاب والهضاب وفي الجبال والوديان وفي السواحل والحدود، يواجهون أعتى جيوش العالم قوةً وعتاداً، أبطال ومغاوير يتحّملون يُعانون يواجهون صقيعَ البرد بأجسامهم النحيلة وأقدامهم الحافية، يقاسون ألم البرد بلا واقٍ أَو ملابس شتوية تقيهم البرد.
يقتاتون الأملَ بتحقيق الانتصار على الأعداء رغم شدّة البرد وقلة الإمْكَانات المادية والمالية، إلاّ أنّهم كـ الأسود يذودون عن حياضِ وأمن الجمهورية اليمنية، ابتاعوا حياتَهم من الله وفي سبيله ونصرة المستضعفين، ومن مواطن الغربة جبهات القتال يقاتلون تحالفَ العدوان وقوى الإرهاب، ويقدّمون دروساً عاليةً في فنون الحرب، يقارعون قوى الاستكبار بملاحمَ بطوليةٍ ويقدّمون أروعَ التضحيات الجسيمة، يسامرون النجومَ، يناجون اللهَ يُسبّحونه ودعواهم سبحانك اللهم اغفر لنا ذنوبَنا وأفرغ علينا صبراً وثبّت أقدامنا وأنصرنا على القوم المعتدين والظالمين، وتحت زخّات وقطرات البرد يتحمّلون عناءَ السهر والتعب، ويواجهون قوى العدوان ويتصدون لزحوفاتهم بصمود وثبات.
يجب علينا أن نستذكرهم، نستذكر بطولاتهم وتضحياتهم التي اختزلوها من علم وثقافة وأحقية الموقف الذي يتطلب علينا جميعاً أن نكون إلى جوارهم نذودُ عن حمى الوطن والدين والعقيدة، ونستلهم منهم الصبرَ والثباتَ والعزيمةَ والإصرارَ في مواصلة درب الجهاد؛ لنبلغَ بمعيتهم درجاتِ التحرّر والاستقلال لديننا وعقيدتنا وأعراض أمتنا.
نأخذ الثأر لدماء الشهداء والجرحى ودموع الثكالى والأرامل والأبرياء والأطفال.
هو واجبٌ دينيٌّ أن ننفرَ إلى جبهات القتال؛ لنجاهدَ الطغاة والمجرمين؛ لنجاهدَ في سبيل الله وأقد أُخرجنا من ديارنا التي دمّــرّها الأعداءُ بحقدهم الشيطاني؛ لأنه لا مناصَ لنا من الذل والخزي والعار وعذاب الله في الدنيا والأخرة (إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ)، لو وصلنا إلى درجة أن يستبدل اللهُ غيرنا فسيكون الألمُ والحسرةُ تعصر قلوبنا وتفتك بإبداننا، وسنكون عُرضةً لسخط الله.