ما بعد اتّفاق جدة.. ما هو القادم للجنوب؟!
دينا الرميمة
منذُ أن تُوجت عدن بعاصمة لشرعية لا وجودَ لها على أرضيتها، فتحت أبواب الجنوب أمام الغزاة والمحتلّين ليدخلوه بسلام آمنين، ولأمن أهله جاؤوا يعبثون.
ظنوّهم سيأتون محملين بالخير لهم، لكنهم لم يكونوا يحملون معهم إلا كُـلَّ قبيحٍ، وَلأبناء الجنوب يضمرون كُـلَّ سوء كأدوات قام بعضهم بتوظيف نفسه للمحتلّ، يمكنهم من تنفيذ أجنداتهم في اليمن عامة، وتمرير مخطّطاتِهم وأطماعهم في الجنوب خَاصَّةً.
ولخمس سنوات أغرقوا عدن في ذلِّ الاحتلال الذي جعل القتلَ والخوفَ والاغتصابَ سائداً فيها، وما بين الإمارات والسعودية يتناقلون سيادتها، ومع كُـلّ عملية انتقال تغرق عدن في دماء أبنائها، الذين يتقاتلون فيما بينهم؛ لتمكين المحتلّين من أرضهم وفرض سيادة الأجنبي عليهم، وكل مشاهد الذل والارتهان ظهرت على محيّا عدن وأبنائها، ومن سيءٍ إلى أسوأ أصبح حالها وحالهم!!.
وفي مشهدٍ جديدٍ لعدن من مشاهد تبادل الأدوار المعتادة وإعادة التموضع للغزاة، الإماراتُ تنسحب من الجنوب ومعها تسحب كُـلَّ ما قدّمته لأدواتها حتى على مستوى أدوات كهربائية، كانت قد منحتها لتشغيل محطة الحسوة!، تاركةً للسعودية مواقعها في الجنوب وأدواتها الذين طالما خدموها وجعلتهم يوماً ما يشهرون سلاحَهم في وجه أدوات الشرعية، التي زعم الجميعُ أنهم جاؤوا لاستعادتها ولأجلها قتلوا وطناً بأكمله.
ولتضمن السعوديةُ أن يكون الجميعُ تحت عباءتِها، قامت بالجمع بين القوى المتصادمة والمتقاتلة في جدة؛ لتخرجَ باتّفاق أعلنت فيه ميلاد حكومة جديدة، دجنتها ما بين مكونات الشرعية وبين المجلس الانتقالي الذي سعى لإسقاطها وسعى لفك الوحدة اليمنية، وبالإكراه أرغمت الجميعَ على القبول بهذا الاتّفاق، وما بين القبول والرفض، انقسمت مكوناتُ الشرعية، ليقبل به هادي واصفاً له بأنه (بدايةُ القضاء وإنهاءُ التمرد)!!.
بينما ظهر بعضُ وزرائه بعد أن رأى نفسه لا مَكَان له في التشكيلات الجديدة، رافضاً هذا الاتّفاق واصفاً له بأنه “تكريمٌ للمتمردين”، وبمرارة أعلن عدم قبوله (بحكومة يحكم نصفها السفير السعودي، والنصف الآخر يحكمها ضابط إماراتي).
اتّفاقٌ محكومٌ عليه بالفشل من بدايته، وما بين القبول والرفض لهذا الاتّفاق الذي لم يخرج الجنوبَ من تحت الوصاية للأجنبي، ولم يخلع عن أبنائه ثوبَ الارتهان والعمالة، لا شكّ أنَّ الجنوبَ سيظل ساحةَ صراعٍ، وستشهدُ مدنُه اقتتالاً جديداً بين أبنائه الذين سلّحهم العدوُّ بسلاحِه، وستظل المشاهدُ المؤلمةُ هي السائدة في الجنوب.
الجنوبيون الذين لطالما حذّرهم السيد القائد -سلامُ ربي عليه- من مغبّة الارتهان للأجنبي، ها هم اليوم باتوا لقمةً سائغةً بيد دول محتلّه تتقاذفها كيفما شاءت، وستظل أرضُهم تنزف، وسيظلون خائفين يترقبون بصيصَ أمان لن يصلهم طالما وأقدامُ الغزاة تدنّس ثرى أرضهم وحجارها، وطالما بعض أبنائهم ما زالوا يتمسّكون بعباءةِ الغزاة.