كم تبقّى فينا من محمد؟!
روان عبدالله
ما أحوجَنا اليومَ في عالمنا الإسلامي والعربي إلى أن ندركَ أبعادَ ومعانيَ وغاياتِ الاحتفال بمولده عليه الصلاةُ والسَّلامُ، إنّنا في حاجة لإعادةِ قيم ومنظومة الأخلاق في المجتمع، أخلاقِ التعامل مع الصغير والكبير، في الشارع وفي المواصلات، في البيع والشراء، مع الأهل والأصدقاء، علينا أن نقتديَ به وبسنته وبمكارم أخلاقه وصدقه وإخلاصه وأمانته وعفوه وتسامحه وعطفه وحنانه على الجميع.
ليبقى السؤالُ عمّا تبقّى فينا من محمد، وعمّا تبقّى فينا من أخلاقه دون مَسٍّ للناس، أَو اتّهام أَو مآلاتهم عند الله، فمناسبةُ ميلاد النبي هي مناسبة للنقد الذاتي أولاً قبل الغير.
ما عملنا في حياتنا كـالنبي محمد؟! سؤالٌ يجبُ أن نطرحَه ونقيسَه على أنفسنا ونعرفَ مدى كبر النتائج أَو صغرها؛ لنعيدَ حساباتنا ونبدأ من جديدٍ؛ لترتيب أنفسنا وإصلاحها؛ لنكون فعلاً من المتأسِّين بمحمدٍ -صلى اللهُ عليه وعلى آله-.
لتكن (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) نصبَ أعيننا؛ لتتحَرّكْ عقولنا وقلوبنا؛ ولنشحذْ هممَنا؛ لترتفعَ رايتنا؛ ولتقوى شوكتنا؛ وتسموَ أمتنا؛ ونهزمَ عدونا بأخلاقنا أولاً ثم بسلاحنا؛ لنكونَ خيرَ أمة أُخرجت للناس؛ لنعليَ دينَ الإسلام ورايتَه إلى عنان السماء؛ ليعيدَ الإسلامُ مسيرتَه في الانتشار وتحقيق غاياته ومقاصده في هداية الخلق ومحاربة الأديان الضلالية الأُخرى.
كان مجيئُه إنقاذاً للبشرية جمعاء من عهود الظلام والعبودية إلى عهد الإيمان والتحرّر من كُـلِّ الأفكار البالية والجاهلة التي قيّدت هذه المجتمعات.
لنجعلْ محمداً حيًّا في نفوسنا، ومتجذّراً في قلوبنا، ومكرّساً في عقولنا، ومتعمقاً في وجداننا، ودوماً في بالنا؛ لنقتفيَ أثره، ونجاهدَ كجهاده، ونصبرَ كصبره، ونواجَه قوى الكفر والضلالة كمواجهته، ونجدّدَ الولاءَ لمحمد؛ ليبقى للوطن مجدٌ، ويُدوَّنَ في الكتب ويُسردَ بأنَّ هؤلاء من أحبّوا النبيَّ محمداً وناصروه في أشدِّ الأوقات، وسيناصرونه في كُـلّ وقتٍ مثلَ ما سبق.
فلنحشدْ للاحتفال بمولد النبي محمدٍ؛ لكي يرى أعداؤنا من كان أجدادُهم أعداءً للنبي في عهده، بأننا واللهِ عن دربِ محمدٍ لن نميلَ أَو نحيدَ.